نحو دور أوسع للتمويل الأصغر في التكيف المناخي


المحرر
الجمعة 18 اغسطس 2023 | 08:16 مساءً
بروفيسور/ بدر الدين عبد الرحيم إبراهيم
بروفيسور/ بدر الدين عبد الرحيم إبراهيم

بروفيسور بدر الدين إبراهيم، كبير مستشاري برنامج الخليج العربي للتنمية (أجفند) للشمول المالي - السودان

التمويل الأصغر عامل تمكين أساسي لمقاومة الآثار الضارة لتغير المناخ، ومع ذلك فإنه لا يزال مجالاً غير مستكشَف نسبياً؛ ليس فقط في إطار المتلقين المحتملين له، ولكن أيضاً جزء كبير من مقرضي التمويل الأصغر يفتقرون إلى المعرفة الكافية حول التمويل الأصغر المتعلق بالمناخ، ومن ثم فإن سياسات التغير المناخي في العالم قلَّما تأخذ الشمول المالي في الاعتبار. ومع ذلك، حتى في ظل الضعف المحتمل بالفعل في بعض المؤسسات المانحة، فإن قطاع التمويل الأصغر في الدول النامية متطور، ويعمل بشكل جيد نسبياً في أغلب البلدان. ولكن لا يزال هنالك شكوك في مدى أهمية الخدمات المالية وغير المالية في مجال التكيف المناخي. التمويل الأصغر أداة مهمة، ولكن يتم التغاضي عنها في إجراءات التكيف هذه، على الرغم من أن التمويل الأصغر لن يوفر كل الحلول بأي حال من الأحوال. وفيما يلي بعض الإرشادات المتعلقة بتوسيع أدوار خدمات التكيف مع المناخ عبر التمويل الأصغر الأوسع نطاقاً:

أولاً– السياسة والبيئة التنظيمية: على الرغم من أن مؤسسات التمويل الأصغر في وضع جيد لتقديم منتجات وخدمات قابلة للتسويق في مجال التكيف مع تغير المناخ، فإن قطاعات البنوك ومؤسسات التمويل الأصغر لا تنفذ أدوات مالية كافية للحد من مخاطر الاستثمارات المناخية، لا سيما في الزراعة؛ لذلك ينبغي الترويج للشراكات بين القطاعَين العام والخاص لزيادة المشاركة في تمويل المناخ على مستوى أصحاب الحيازات الصغيرة في الريف. يمكن للبنوك المركزية تمكين السياسة والبيئة التنظيمية من تسريع الاستثمارات الخاصة في تمويل المناخ عبر مؤسسات التمويل الأصغر من خلال وضع سياسة ضمان مواتية، وشروط إقراض جذابة للمزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة، وتعميق لوائح الخدمات المصرفية عبر الهاتف المحمول. وبالنظر إلى الشبكة القوية نسبياً، ووجود مؤسسات التمويل الأصغر في كل الدول، والإمكانات الهائلة للخدمات المصرفية عبر الهاتف المحمول، ينبغي للبنوك المركزية تقليل حواجز الترخيص والتفويض لمقدمي الخدمات المصرفية عبر الهاتف المحمول لمساعدة الجهات المتعلقة بتغير المناخ.

ثانيًا– تعزيز قدرة المزارعين على الصمود: هنا يأتي احتمال تعزيز مشاركة القطاع الخاص مع تعزيز قدرة المزارعين على الصمود؛ ما يوسع خدمات التأمين لتشمل صغار منتجي المحاصيل والثروة الحيوانية. فضلاً عن ذلك فإن إنتاج المحاصيل المقاومة للجفاف وتطبيق ممارسات زراعية ذكية مناخياً، والري المتقدم تكنولوجيا، وتعزيز أنظمة الإنذار المبكر تمثل حلولاً جيدة. هناك مجال كبير لتطوير أو توسيع التمويل الأصغر في المجالات ذات الصلة في مواجهة تغير المناخ. على سبيل المثال، يمكن أن يلعب التمويل الأصغر دوراً أكبر في الوعي بالكوارث وأنظمة الإنذار المبكر، وتعزيز أنواع المحاصيل المرنة، والتدريب الفني، وتنمية المهارات، وبرامج التعليم المتعلقة بالتكيف على مستوى المجتمع المحلي.

ثالثاً– قيام الوكالات المظلية (وهي المؤسسات التي تقوم بتوجيه التمويل في شكل منح وقروض وضمانات إلى العديد من مؤسسات التمويل الأصغر في بلدان أو مناطق جغرافية، مع دعم الخدمات الفني أو بدونه) يمكن أن يوفر القروض أو التمويل بالجملة عبر هذه الوكالات كوسطاء للمستثمرين والمانحين والتمويل الحكومي للمؤسسات المانحة للتمويل الأصغر، كما أن الوكالات المظلية لديها المعلومات الضرورية حول جميع مؤسسات التمويل الأصغر لاختيار أكثر مؤسسات التمويل الأصغر كفاءةً وفعاليةً وشفافيةً، ويمكنها تزويدها بالدعم الفني لتكون قادرة على تعزيز الخدمات المناخية الصغيرة. وقد يُقرِض القطاع الخاص المزيد مؤسسات التمويل الأصغر لأغراض التكيف عبر الوكالة المظلية.

رابعاً– يمكن للبنوك العالمية تقديم قروض التمويل الأصغر المتعلق بالمناخ بسبب الوعي المتزايد بفرص السوق التي يوفرها التمويل الأصغر في مواجهة مخاطر المناخ. وقد تؤدي الشراكات مع البنوك الخاصة ووكالات التنمية والمؤسسات الأخرى أيضاً إلى زيادة عدد المستثمرين في هذا المجال، وتوفير فرص إضافية لتمويل مؤسسات التمويل الأصغر.

باختصار، فإن التمويل الأصغر هو مجرد عنصر واحد من جهد أكبر وأوسع يتم تنفيذه بالشراكة مع البنوك التجارية والتعاونيات والمنظمات غير الحكومية والحكومات والمانحين الدوليين. هذا العمل المشترك بين جميع الأطراف مهم أيضاً لمساعدة جهود التكيف المدعومة بالتمويل الأصغر.

خامساً– في سياق التكيف، يمكن أن يكون التمويل المحتمل عبر مؤسسات التمويل الأصغر ممكناً إذا تم تسخير جزء من الموارد من صناديق التكيف الدولية أو الحكومية في الدول النامية المُسخَّرة للعمل المناخي، أو توسيع نطاقه ليشمل التمويل الأصغر للتكيف. بمعنى آخر، يمكن أن يوفر التمويل الأصغر قناة توصيل إضافية فعَّالة للأموال العالمية لتفعيل التكيف بين الفقراء والضعفاء.

سادساً– خدمات التأمين المتناهي الصغر: علاوةً على ذلك، من حيث التعريف، فإن التمويل الأصغر ليس مناسباً للتكيفات الطويلة الأجل أو العالية الاستثمار أو المخاطر. ولكن بدون التأمين الأصغر، قد لا تمتلك مؤسسات التمويل الأصغر احتياطيات كافية للتحوط من مخاطر الطقس والمناخ؛ ذلك لأن هذه المخاطر تميل إلى التباين، ويمكن أن تؤثر سلباً على مجموعات أو مجموعات سكانية بأكملها؛ لهذا يتطلب التكيُّف مع تغير المناخ نهجاً متعدد الأوجه وليس نهجاً أحادياً.