تواجه محيطات العالم أزمة بيئية غير مسبوقة، إذ يوجد أكثر من 400 "منطقة ميتة" حول العالم، وهي مناطق منخفضة الأكسجين لا يمكن للكائنات الحية أن تعيش فيها.
تشير التقديرات إلى أن المحيطات، التي تغطي أكثر من 70٪ من سطح الأرض وتلعب دوراً أساسياً في تنظيم مناخ الكوكب، قد تحتوي بحلول عام 2050 على نفايات بلاستيكية تفوق عدد الأسماك، أما بحلول عام 2100، فقد يواجه ما يصل إلى 90٪ من الكائنات البحرية خطر الانقراض، بحسب مجلة «تايم» الأمريكية.
أمل جديد في مؤتمر نيس للمناخ
ورغم التوقعات المتشائمة، ظهر في مؤتمر نيس أملاً جديداً يتمثل في تطبيقات الذكاء الاصطناعي، التي تطورت بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة، فلم يعد الذكاء الاصطناعي مجرد وسيلة لجمع البيانات من أعماق البحار، بل أصبح أداة تحليلية متقدمة يمكنها محاكاة سيناريوهات معقدة في الزمن الحقيقي.
التوأم الرقمي للمحيط
طورت مؤسسة ميركاتور الأوروبية، مبادرات مثل "التوأم الرقمي للمحيط" والتي تُمكن العلماء من تحليل تأثيرات معينة على النظم البيئية البحرية، مثل: ما الذي قد يحدث إذا تم الصيد في موقع معين خلال فترة محددة؟
تطبيقات الذكاء الاصطناعي لحل مشكلات المحيطات
وطبقت شركات ناشئة من مختلف دول العالم الذكاء الاصطناعي بشكل فعّال لحل مشكلات المحيطات، ففي النرويج، طورت إحدى شركات البيانات كاميرات ذكية توضع داخل أقفاص أسماك السلمون، تقوم بقياس وزن كل سمكة لحظياً؛ لتحديد كمية الطعام المطلوبة بدقة، مما يقلل الهدر والتلوث.
أما في المملكة المتحدة، فيتم الاعتماد على الذكاء الاصطناعي، لتتبع جودة مياه الأنهار والصرف الصحي.
وفي كندا، تقوم شركة بتتبع نوع الأسماك التي يتم صيدها بالفيديو، مما يساعد على رصد التجاوزات والحد من الصيد غير المشروع دون الحاجة لمراقبين بشريين على متن السفن.
عقبات أمام استخدام الذكاء الاصطناعي
ورغم توفر التكنولوجيا والبيانات، إلا أن أكبر العقبات تظل في غياب التمويل الكافي وصعوبة تحويل الحلول التقنية إلى سياسات حكومية وتنفيذ فعلي، كما أشار خبراء في مؤتمر نيس إلى أن مشاريع تجديد المحيطات لا تزال تحظى باهتمام وتمويل أقل بكثير مقارنة بمبادرات المناخ على اليابسة، كما أن هناك حاجة ماسة إلى تنسيق دولي وتعاون بين الحكومات، والقطاع الخاص، والمنظمات غير الربحية لتسريع التحول نحو حماية المحيطات.
ومع تطور تقنيات الذكاء الاصطناعي بوتيرة متسارعة، يُتوقع أن يتحول إلى واحدة من أقوى الأدوات في مواجهة الأزمة المتفاقمة التي تهدد المحيطات حول العالم، وذلك بفضل قدرته على تحليل كميات هائلة من البيانات المعقدة في وقت قياسي، والتنبؤ بالأزمات، وتقديم حلول مبتكرة لمشكلات مثل التلوث، والصيد الجائر، واختفاء التنوع البيولوجي.
وفي هذا الصدد، سيلعب الذكاء الاصطناعي دوراً هاماً في إنقاذ الكوكب، ولكن من المؤكد أنه سيكون سلاح ذو حدين في النهاية.