الحل الخفي.. كيف يمكن للمباني أن تصبح سلاحنا السري ضد تغير المناخ؟


محمد محسن
الاربعاء 13 اغسطس 2025 | 06:39 مساءً
آليات الحفاظ على استدامة المباني
آليات الحفاظ على استدامة المباني

عندما نفكر في انبعاثات الكربون، أول ما يأتي في مخيلتنا هو المصانع والسيارات، ولكن المباني هي المصدر الخفي، حيث تعد مسؤولة عن نحو 39% من الانبعاثات العالمية المرتبطة بالطاقة، وذلك وفقاً للمجلس العالمي للمباني الخضراء، ولكن هناك طوق نجاة لخفض انبعاثات الكربون، وتحقيق أهداف المناخ، وهو عملية "التحديث".

التحديث هو عملية تحسين كفاءة الطاقة في المبنى وتقليل الاستهلاك عالمياً، حيث تُعد المباني مسئولة عن نسبة كبيرة من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، وبالتالي من خلال إزالة العوائق أمام التحديث، يمكننا إحراز تقدماً كبيراً في خفض الانبعاثات وتحقيق أهداف المناخ، بحسب موقع "EARTH" المتخصص في المناخ والبيئة.

جميع المباني والبنية التحتية التي نعيش ونعمل ونتسوق ونتواصل فيها، تتسبب في تسرب الحرارة خلال فصل الشتاء، كما أنها غير قادرة على التبريد الطبيعي أثناء فصل الصيف، مما يدفعنا لاستهلاك المزيد من الطاقة للتدفئة أو التبريد.

البديل عن الهدم

نظراً لأن 80% من المساكن التي سنعيش فيها بحلول 2050 موجودة بالفعل، يعد تجديد المباني هو الخيار الأكثر استدامة مقارنة بالهدم والبناء من جديد، فهدم مبنى مساحته 100 متر مربع ينتج كمية كربون تعادل رحلة ذهاب وعودة بالطائرة من لندن إلى نيس، هذا وحده يثبت أن الاحتفاظ بالموجود وتحسينه أكثر جدوى بيئياً.

3 مراحل لعملية "التحديث"

يمكن تقسيم عملية التحديث إلى ثلاث مراحل أساسية، أولها الحفاظ على الطاقة، وذلك من خلال خطوات بسيطة ومنخفضة التكلفة، مثل: مصابيح LED، وسد الفتحات الهوائية، والصيانة الدورية، والعدادات الذكية.

وتأتي المرحلة الثانية، وهي رفع كفاءة الطاقة، وذلك من خلال تحسينات هيكلية تقلل فقدان الحرارة وتحسن العزل مثل عزل الأسقف والجدران، والنوافذ المزدوجة، والمضخات الحرارية، ثم أخيراً، مصادر الطاقة وإدارتها، عن طريق التحول لمصادر نظيفة مثل الطاقة الشمسية، أو استخدام أنظمة تبريد وتدفئة مركزية ذكية.

حلاً بيئياً.. واقتصادياً

ولا تعد عملية التحديث حلاً بيئياً فقط، بل ضرورة اقتصادية أيضاً، حيث يمكنه خفض الطلب العالمي على الطاقة بنسبة 12%، كما يوفر 3.2 مليون وظيفة جديدة سنوياً، ويُحسن إنتاجية الموظفين بما يصل إلى 7500 دولار للفرد سنوياً، ويقلل الوفيات الناتجة عن التلوث والحر الشديد وأمراض القلب والدورة الدموية.

لكن هناك عقبات تواجه التحديث، وتتمثل في ارتفاع التكلفة الأولية، ونقص المواد منخفضة الكربون بأسعار معقولة، ونقص العمالة الماهرة، وضعف الوعي بفوائد التحديث، وغياب سياسات وطنية قوية لدعم هذا التحول.

أمثلة من العالم

استطاعت بعض دول العالم تطبيق نظام "التحديث" لتجديد المنازل، ففي إيطاليا، قدم برنامج "المكافأة الإضافية 110%" منح إعفاءات ضريبية كاملة على تكلفة التجديد، مما أطلق أكثر من 122 ألف مشروع.

وفي سنغافورة، اعتمد حي "تامبينز" نظام تبريد مركزي يقلل الانبعاثات بمقدار 1000 طن سنوياً، بينما في الاتحاد الأوروبي، هناك خطة إلزامية لتجديد أسوأ المباني أداءً، بهدف خفض الاستهلاك بـ 11.7% بحلول 2026.