حراس الأعماق.. كيف يصنع "غواصو قريات" فارقاً في البيئة البحرية؟


محمد محسن
الثلاثاء 22 يوليو 2025 | 11:19 صباحاً
فريق "غواصو قريات"
فريق "غواصو قريات"

بشغفهم للبحر ووعي بمسؤوليتهم تجاه البيئة، انطلق فريق "غواصو قريات" من أعماق ولاية قريات في سلطنة عُمان، ليكون نموذجاً حياً للمبادرات المجتمعية التي تهدف إلى حماية البيئة البحرية ونشر ثقافة الاستدامة، وشرع في تأسيس فريق يُعنى بالحفاظ على البحر ومكوناته، وغرس القيم البيئية في المجتمع، وتحول غوصهم إلى رسالة وأثر مستدام.

تأسس فريق "غواصو قريات" رسمياً تحت مظلة نادي قريات عام 2019، ليبدأ مسيرته التطوعية في خدمة البيئة البحرية، ويتكون من 51 عضواً جميعهم من ذوي الخبرة في مجال الغوص ويجمعهم الشغف بالبيئة البحرية، ومنذ تأسيسه، نفذ الفريق أكثر من 40 مبادرة تنوعت بين انتشال المخلفات من قاع البحر وحملات التوعية البيئية الموجهة للمجتمع، وذلك وفقا لحديث جمعة بن خميس العامري، رئيس مجلس إدارة غواصو قريات، لـ"جرين بالعربي".

أكثر من 18 كيلوجراماً من الشباك والمخلفات

وأسفرت جهود الفريق عن رفع نحو 18.615 كيلوجراماً من الشباك المهملة والمخلفات البلاستيكية، ما ساهم بشكل ملموس في حماية الحياة البحرية.

يقول "بن خميس" لـ"جرين بالعربي" أن تأسيس "غواصو قريات" جاء بدافع وطني وبيئي نابع من الحاجة المُلحة إلى حماية البيئة البحرية في ولاية قريات، بعد ملاحظة وجود شباك مُهملة في بعض مواقع الصيد المتعارف عليها محلياً، بجانب وجود المخلفات البلاستيكية التي تُشكل خطراً حقيقياً على الحياة البحرية وسلامة مرتادي البحر.

تحويل الدافع لعمل تطوعي

سعى "غواصو قريات" منذ انطلاقته إلى تحويل هذا الدافع إلى عمل تطوعي منظم يُسهم في تنظيف قاع البحر، ونشر ثقافة الوعي البيئي، وتقديم الدعم للصيادين ومرتادي البحر بالإضافة إلى ترسيخ أهمية الحفاظ على بيئة بحرية نظيفة للأجيال القادمة، وذلك تماشياً مع الحرص الدائم واهتمام الحكومة الرشيدة بالبيئة المحلية، وأهمية المحافظة عليها، وتشجيع العمل التطوعي في سلطنة عمان.

مبادرات بيئية داخل "قريات" وخارجها

يضيف رئيس مجلس إدارة "غواصو قريات"، أن الفريق ينفذ سلسلة من المبادرات البيئية النوعية داخل ولاية قريات وخارجها، سواء بشكل مستقل أو بدعم من جهات حكومية ومجتمعية: "الجهات الحكومية بشكل عام داعم قوي ومستمر مثل هيئة البيئة، ووزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه، ممثلة بدائرة الثروة السمكية بقريات، وبلدية مسقط والجهات المختصة، فضلاً عن مساهمات مشكورة من رجال الأعمال في الولاية".

إنجازات "غواصو قريات"

ومن أبرز إنجازات الفريق مؤخراً، تنفيذ العديد من حملات التوعية البيئية، وعمليات انتشال كميات ضخمة من المخلفات من قاع البحر، بالإضافة إلى تنفيذ مشروع استزراع الشعاب المرجانية بالتكاثر الخضري، والذي تم بدعم متكامل من هيئة البيئة، ما يعكس نقلة نوعية في المبادرات البيئية للفريق.

وقد أثمرت هذه الجهود عن تتويج الفريق بعدة جوائز وطنية مرموقة، من بينها جائزة "الغُصن الأخضر – الدرع الفضي" في مؤتمر عُمان للاستدامة البيئية عام 2023، وجائزة "الغُصن الأخضر" ضمن منتدى عُمان البيئي في دورته الخامسة عام 2022، والتي تُمنح للمؤسسات والأفراد أصحاب الإسهامات النوعية في حماية البيئة.

كما نال الفريق أيضاً جائزة الإجادة الشبابية لعام 2021 فئة المبادرات الشبابية – مجال البيئة، والمقدمة من وزارة الثقافة والرياضة والشباب، ضمن احتفالات السلطنة بيوم الشباب العُماني بتاريخ أكتوبر 2021.

يسعى "غواصو قريات" إلى تحقيق مجموعة من الأهداف البيئية والمجتمعية، مستلهمة من رسالته في حماية البيئة البحرية وتعزيز الوعي المجتمعي، ومن أبرز الأفكار والأهداف التي يعمل الفريق على تحقيقها:

حملات دورية لتنظيف قاع البحر

يعمل الفريق على حماية البيئة البحرية من خلال حملات دورية لتنظيف قاع البحر، ونشر الوعي البيئي بين الشباب، وتنفيذ مشاريع مبتكرة مثل استزراع الشعاب المرجانية، كما يسهم في دعم الصيادين، وبناء شراكات مع الجهات المختلفة، وتمكين الشباب من خلال العمل التطوعي والأنشطة البحرية مثل الغوص، لإعداد جيل واعٍ بأهمية استدامة النظم البيئية البحرية.

يواصل الفريق تنفيذ حملات تنظيف دورية لقاع البحر في ولايات مختلفة بسلطنة عمان، إلى جانب استزراع الشعاب المرجانية بالتعاون مع هيئة البيئة، وتنظيم لقاءات توعوية موجهة للصيادين ومرتادي الشواطئ، كما يقدم الدعم في البحث عن أدوات الصيد المفقودة ويشارك في الفعاليات البيئية لتعزيز الوعي المجتمعي.

توسيع نطاق المبادرات

وفي إطار الخطط المستقبلية، يسعى الفريق لتوسيع نطاق المبادرات إلى ولايات ساحلية جديدة، وتنظيم ورش لتأهيل غواصين في المجال البيئي، وتطوير برامج توعية رقمية للمدارس، إلى جانب العمل على إنشاء مركز تدريبي تطوعي للغوص البيئي بولاية قريات، ليكون منصة لتأهيل الشباب وتعزيز ثقافة الغوص الواعي.

تحديات رغم الإنجازات

ويواجه "غواص قريات" تحديات عديدة، فرغم ما حققه الفريق من إنجازات، إلا أن العمل في المجال البيئي التطوعي لا يخلو من تحديات، ومن أبرزها، نقص الإمكانيات اللوجستية والدعم الفني الذي يتطلب معدات متخصصة مما يؤدي الى صعوبة الوصول إلى بعض المواقع البحرية العميقة، والحاجة المستمرة للتدريب والتأهيل لضمان جاهزية الفريق في التعامل مع الحالات البيئية المعقدة والغوص الآمن.