لم يعد التغير المناخي قضية بيئية تتعلق بارتفاع درجات الحرارة وذوبان الجليد وحسب، بل أصبح يغير من إيقاع الحياة البرية وسلوك الحيوانات في مناطق متفرقة حول العالم، وكانت سريلانكا هي الدولة الأبرز، والتي بدأت تستشعر الخطر.
من الطيور المهاجرة إلى الضفادع والشعاب المرجانية، تظهر أدلة متزايدة على تحولات لافتة في أنماط السلوك والموائل والاستجابات الفسيولوجية للحيوانات، وذلك بسبب التغير المناخي، وفقاً لما نشره موقع "Climate Fact Checks" المتخصص في البيئة والمناخ.
الطيور تغير أشهر الهجرة
تقع سريلانكا على أحد أهم مسارات هجرة الحيوانات والطيور في آسيا، حيث تستضيف أكثر من 100 نوع من الطيور المهاجرة سنوياً، وخلال سنوات طويلة، حافظت الطيور على أشهر محددة للهجرة، وهي سبتمبر وأكتوبر.
لكن، في السنوات الأخيرة، باتت توقيتات الوصول غير منتظمة، تصل أحياناً في أغسطس أو تتأخر بشكل ملحوظ، مما يعني أنها لا تتزامن مع ذروة وفرة الغذاء مثل الحشرات، ما يُهدد بقاء صغارها ويقلل فرص نجاح التكاثر.
الطيور الشاردة في سريلانكا
وليس هذا فحسب، بل تشهد سريلانكا أيضاً ظهوراً متزايداً لأنواع شاردة من الطيور لم تكن موجودة في الماضي، كما بدأت بعض الطيور الموسمية بتغيير مواعيد التعشيش، استجابة لاختلاف أنماط الأمطار.
الأخطر من ذلك هو تدهور الأراضي الرطبة، مثل محمية "بوندالا"، نتيجة ارتفاع مستوى سطح البحر، مما أدى إلى تسلل المياه المالحة، وتغير تركيبة المياه، واختفاء أنواع رئيسية، أبرزها الفلامنجو الصغير.
عدم القدرة على التكيف.. نهاية مأساوية
وتعد الغابات الجبلية في سريلانكا موطناً للعديد من الأنواع المتوطنة كالسحالي والضفادع، والتي لا تملك القدرة على الهجرة أو التكيف السريع، وهو ما سيؤدي إلى تعرضها لخطر الانقراض بحلول عام 2100، وذلك نتيجة انكماش المساحات المناسبة للعيش وارتفاع درجات الحرارة.
تغير المناخ والحياة البحرية في سريلانكا
وليست الحياة البرية فقط هي من تتعرض للتدهور، ولكن أصبحت الحياة البحرية أيضاً عرضة للخطر، حيث واجهت الشعاب المرجانية موجات تبييض واسعة في 1998 و2016، ما أدى إلى تراجع أعداد المرجان والأسماك المرتبطة به، وموجات التبييض هي حالة خطيرة تحدث للشعاب المرجانية عند ارتفاع درجة حرارة مياه البحر عن المعدل الطبيعي لفترة طويلة.
ولاحظ صيادو السواحل تغيرات في توقيتات ظهور الأسماك، كما حذر خبراء من أن ارتفاع حرارة الرمال على الشواطئ، ينتج عنه أعداداً غير متوازنة من السلاحف، بزيادة ملحوظة في الإناث على حساب الذكور.
ليست سريلانكا وحدها.. بل العالم
ما حدث في سريلانكا أيضاً يشهد أنماطاً وتكراراً في مناطق مختلفة من العالم، وهو ما رصده الخبراء، حيث تهاجر الأسماك شمالاً، وتغير الطيور من مواسم هجرتها، والحيوانات تتأقلم على سلوكيات وحياة جديدة، ولكن، يواجه بعضها خطر عدم مواكبة التغير السريع في المناخ، مما يواجه خطر الزوال والانقراض.
فمع ارتفاع درجات الحرارة، بدأت العديد من الكائنات الحية بالتحرك نحو مناطق أكثر برودة أو ارتفاعاً، في محاولة للبقاء ضمن نطاقها الحراري المريح، كما أظهرت دراسات حديثة في المناطق المعتدلة، أن العديد من الطيور المهاجرة والنباتات بدأت تقدم توقيتات هجرتها وتفتح أزهارها، تبعاً لقدوم الربيع في وقت مبكر.
