يعيش العالم حالياً ظروفاً مناخيةً صعبةً، خاصةً مع استمرار زيادة انبعاثات الكربون، وارتفاع درجة حرارة الأرض التي بلغت 1.5 درجة حتى الآن، تلك المشاكل أدت إلى تكاثر الفئران بشكل كبير في المدن الكبرى في العالم؛ فعادةً ما تتكاثر القوارض في الفصول الدافئة.
وفي دراسة أجراها مجموعة من العلماء، بقيادة أستاذ علم الأحياء بجامعة ريتشموند الأميركية جوناثان ريتشاردسون، ونُشرت بداية العالم الجاري 2025 في مجلة Science Advances، اكتشف الباحثون أنه كلما ارتفعت درجات الحرارة، زاد عدد الفئران التي تبدأ في التكاثر، ويرجع ذلك إلى أن إناث الفئران تصل إلى مرحلة النضج بشكل أسرع، وتُنتج صغاراً بكميات كبيرة عندما يكون الجو أكثر دفئاً، ما يساهم في زيادة أعداد الفئران في المدن الحارة.
زيادة الفئران بنسبة 390% في واشنطن
درس الباحثون شكاوى الجمهور وسجلات التفتيش من 16 مدينة أمريكية، بين عامي 2007 و2024، ووجدوا أن 11 مدينة شهدت زيادة هائلة في أعداد الفئران، حيث تصدرت واشنطن العاصمة القائمة بنسبة مذهلة بلغت 390%، ولم تكن مدن رئيسية أخرى مثل نيويورك وسان فرانسيسكو وتورنتو بعيدة عن هذا الرقم.
وربطت الدراسة بين الكثافة السكانية العالية وتراجع الغطاء النباتي الذي أدى إلى ارتفاع متوسط درجات الحرارة، وزيادة أعداد الفئران، واكتشفوا أنها مهيأة للعيش في المدن، لكثرة حاويات النفايات والفضلات البشرية الملقاة هنا وهناك، وعندما تكون درجات الحرارة معتدلة، تستطيع الفئران البقاء نشطة لفترات أطول، ما يمنحها وقتاً للعثور على المزيد من الطعام في حاويات النفايات، وبالتالي يكون هناك ارتفاعاً واضحاً في أعداد الفئران الصغار.
العلاقة بين تراجع المساحات الخضراء وزيادة الفئران
وجد الباحثون أيضاً أن أعداد الفئران كانت أعلى في المدن التي لم تكن تحتوي على مساحات خضراء كافية، واقترحوا أن تقوم جميع المدن بجهود أفضل من أجل حماية نفسها من الفئران، وهو يبدو حلاً مؤقتاً للمشكلة الجوهرية الأكبر وهي تغير المناخ.
وفي تصريحات لشبكة سكاي نيوز، قال أستاذ علم الأحياء بجامعة ريتشموند الأميركية جوناثان ريتشاردسون، أن الفئران من الثدييات الصغيرة التي يحد انخفاض درجة الحرارة من نشاطها، وتمنحها درجات الحرارة الأكثر دفئاً وقتاً أطول للبحث عن الطعام في الخارج، إضافةً إلى وقتٍ أطول للتكاثر على مدار العام.
تأثير زيادة عدد الفئران على البيئة
يذكر أن زيادة عدد الفئران في العالم، يؤدي إلى تداعيات سلبية على مستقبل صحتنا وعلى توازن نظام الطبيعة، ومنذ عقود طويلة حاول البشر استخدام طرق مختلفة للتخلص من القوارض مثل الجرذان والفئران، خاصةً أن هناك علاقة بينها وتفشي أمراض وأوبئة خطيرة مثل الطاعون، لكن قدرة تلك الكائنات على التكاثر سريعاً والتكيف مع الظروف البيئية، حالت دون إيجاد حل نهائي وحاسم.
وفي يوليو 2022، نشر موقع يورونيوز تحقيقاً عن زيادة نوع من الفئران يُسمى "الفأر ذو الأقدام البيضاء" في الولايات المتحدة الأمريكية، مشيراً إلى أن الشركات المسؤولة عن مكافحة القوارض في المنازل، تلقت العديد من الشكاوى تفيد بوجود فئران خلال فصل الشتاء.