سموم تحتل جسدك.. ماذا لو خضعت لفحوصات البلاستيك؟


سلمى عرفة
الاربعاء 03 يوليو 2024 | 12:14 مساءً

هل خضعت مؤخراً لأي من الفحوصات الطبية المعروفة، كقياس مستوى السكري في الدم، أو نسبة فيتامين معين في جسدك؟.. هناك فحص جديد قد ينضم إلى القائمة التي يصفها الأطباء في المستقبل؛ لمعرفة نسبة الجزيئات البلاستيكية في جسدك.

الكاتب الأمريكي جيفري كلوجر نقل – في مقال نشرته مجلة "تايم" الأمريكية – تفاصيل خوضه تلك التجربة، عبر فحص عينة من البول، وما اكتشفه عن الكميات الكبيرة من المواد الكيميائية الموجودة في جسده، التي ترتبط بمخاطر بيئية وصحية عديدة.

فحص البلاستيك

يقول "كلوجر": "كنت أود أن أشبه جسدي بقطعة تتكون من عظام ودماء وأنسجة ومياه، لكني علمت مؤخراً أنه مجرد قطعة من البلاستيك تسكنها كمية مقلقة من المواد السامة المعروفة باسم "البيسفينول" التي تستخدم في تصنيع العديد من المنتجات مثل زجاجات المياه، وعبوات "التيك أواي"".

وهناك مادة أخرى كذلك خضع الكاتب الأمريكي لفحص مستواها وهي "الفثالات" التي تستخدم في المنتجات البلاستيكية الأكثر مرونة مثل بطانة المعاطف.

ويرتبط التعرض لكلتا المادتين بعدة مشكلات صحية، كاضطرابات الهرمونات، والسمنة، وأمراض القلب، والسكري، وزيادة خطر الإصابة بأنواع من السرطان مثل سرطان الجلد، والكبد، والثدي.

من الناحية البيئية، يستهلك إنتاج البلاستيك غير القابل للتحلل كميات كبيرة من الطاقة؛ ما يزيد انبعاثات غازات الدفيئة التي تزيد درجة حرارة الأرض، وتؤدي النفايات الناتجة عنه إلى تلوث البيئة، وتضر بالكائنات الحية التي قد تبتلع تلك المخلفات.

وفقاً لإحصائيات الأمم المتحدة، يُنتج العالم ما يزيد عن 400 مليون طن من البلاستيك سنوياً؛ أكثر من ثلثي هذه الكمية يجري استهلاكها لفترة محدودة من الزمن، حتى وصلت كمية نفايات البلاستيك التي تصل إلى المسطحات المائية من محيطات وأنهار يومياً؛ ما يعادل 2000 حافلة قمامة مملوءة عن آخرها.

يتابع "كلوجر" تفاصيل نتيجة الفحص الذي أجراه من خلال إحدى المؤسسات العاملة بالمجال، قائلاً إن نسب مركبات "الفثالات" الموجودة في جسده يمكن التعايش معها، لكن مستويات "البيسفينول" كانت مرتفعة للغاية، لكنه ليس الوحيد الذي تنطبق عليه هذه الحالة.

الخطر في كل مكان

الدكتور كريستوس سيمونيدس الباحث في مؤسسة "مينديرو" – وهي مؤسسة غير ربحية تتخذ من استراليا مقراً لها، معنية بالبيئة وتدعم عملية إجراء الفحوصات – يقول إنه إذا توافر اختبار دقيق بدرجة كافية، فسنجد تلك المواد الكيميائية في أجساد جميع البشر، فهي موجودة في كل مكان، بما في ذلك المختبر الذي تحاول إجراء الفحوصات فيه، وعلى القائمين عليه اتخاذ إجراءات بشأنها.

وصول تلك المواد إلى أجسادنا ليس أمراً مفاجئاً؛ فهي موجودة في قائمة طويلة من المنتجات كالحقائب البلاستيكية، والماصات ذات الاستخدام الواحد، والأكواب المبطنة بالبلاستيك، والعبوات التي تدخل أجهزة الميكروويف.

كما لا تخلو منها الأدوية والمكملات الغذائية، ومنتجات العناية الشخصية مثل الشامبو، والعطور، وأدوات التجميل.

وساهمت أزمة جائحة كورونا في زيادة تعرض الأفراد لتلك المواد؛ إذ ازدهر التسوق عبر الإنترنت، وتوصيل الطعام والمنتجات.

يعترف "كلوجر" بمنطقية نتيجة الفحوصات التي خضع لها، قائلاً: "يستخدم تقريباً كل المنتجات التي تحتوي على "بيسفينول أ"، أحد أنواع مركبات البيسفينول".

وتابع: "لا أزال أستخدم الماصات البلاستيكية، وأتناول كافة أنواع الوجبات الجاهزة في مختلف أنواع الحاويات البلاستيكية، وأعد الطعام في حاويات من المفترض أنها مناسبة لجهاز الميكرويف".

وعلى العكس، يرجع "كلوجر" مستوى "الفثالات" المنخفض نسبياً في جسده إلى كونه رجلاً، ومن ثم ينخفض عدد منتجات العناية الشخصية التي يستخدمها، مقارنة بالنساء اللاتي يكنَّ الطرف الأكثر تعرضاً لتلك المركبات.

وجه سلبي وآخر إيجابي

هناك زاوية يشير إليها الكاتب الأمريكي، وهي أنه عند مقارنة العلماء بين تأثيرات تلك المواد وبين مواد "البير-البولي فلورو ألكيل PFAS" أو ما يطلق عليها المواد الكيميائية الأبدية، وأشهر استخداماتها الأواني غير اللاصقة، ترجح الكفة لصالح الأولى؛ لأن الجسم يمكن أن يتخلص من الغالبية العظمى من أنواعها بسرعة خلال أقل من 24 ساعة عبر البول أو العرق، على عكس الأولى التي لا يختفي أثرها من الجسم أو البيئة.

قد تبدو تلك الأخبار جيدة، لكن على أرض الواقع، ما إن تتخلص أجسادنا من كمية ما، حتى تستقبل كمية جديدة في اليوم التالي.

خطة جديدة

هناك عدد من الطرق التي تساهم في تقليل تعرضك لتلك المواد، وبعضها قرر "كلوجر" تبنيها، ومن بينها شراء منتجات البقالة في حقائب قماشية أو ورقية، وتناول الطعام في المنزل، وتجنب مكونات الطعام المعلبة، والبحث عن منتجات العناية الشخصية الخالية من تلك المواد، واستخدام الأواني الزجاجية مع جهاز الميكروويف.