إعادة تدوير الخلايا الشمسية.. خطوات استباقية لمواجهة نفايات المستقبل


سلمى عرفة
السبت 20 مايو 2023 | 09:47 مساءً

الطاقة النظيفة هي الأمل الذي يتجه إليه العالم للاستغناء عن المصادر التقليدية التي تلوث البيئة، وتتسبب في تفاقم أزمات المناخ التي تحيط بنا آثاره من كل اتجاه، لكن ماذا لو كانت لهذه الطاقة المستدامة نفايات؟

وفقاً لإحصائيات Fortune Business Insights، نما حجم السوق العالمية للطاقة الشمسية من نحو 168 مليار دولار في 2021 إلى 234.86 مليار دولار في 2022، مع توقعات باستمرار النمو ليقترب من 373 مليار دولار بحلول 2029.

موقع بلومبرج نقل عن شركة ترينا للطاقة الشمسية توقعاتها بأن هذا النوع من الطاقة قد يستحوذ على 50% من حجم الطاقة التي نستخدمها في 2050.

لكن بحلول ذلك التاريخ قد تواجهنا أزمة أخرى، وهي المخلفات الناتجة عن التوسع في هذا الاتجاه؛ إذ يتوقع العلماء ارتفاع حجم نفايات ألواح الطاقة الشمسية الكهروضوئية إلى نحو 78 مليون طن بحلول 2050، وفقاً لموقع Science Direct.

الحديث عن إعادة تدوير هذه الألواح بدأ لمواكبة حجم الطلب المتزايد، رغم عمرها الافتراضي الطويل نسبيّاً الذي يتراوح بين 10 أعوام و30 عاماً حسب نوعها.

الخلايا ذات الأغشية الرقيقة هي أكثر التقنيات المتاحة في السوق فاعليةً، ويمكن إنتاجها بحيث تكون قابلة للانحناء والتهيئة لتناسب مناطق مختلفة

أنواع الألواح الشمسية

بحسب موقع Innovation News Network، هناك اثنان من الأنواع السائدة لخلايا الألواح الشمسية: الأول– الخلايا المصنوعة من السيليكون، التي تشكل 90% من السوق، والثاني– الخلايا ذات الأغشية الرقيقة التي تعتمد على ثلاث طرق للتصنيع؛ من بينها طريقة CIGS التي تشمل عناصر النحاس، والإنديوم، والجاليوم، والسيلينيد، وتتكون من طبقة من المعادن المختلفة من بينها الفضة.

الخلايا ذات الأغشية الرقيقة هي أكثر التقنيات المتاحة في السوق فاعليةً، ويمكن إنتاجها بحيث تكون قابلة للانحناء والتهيئة لتناسب مناطق مختلفة، ويعتبرها البعض مستقبل الطاقة الشمسية مع توقعات بنمو السوق الخاصة بها بمعدل نمو سنوي مركب يتخطى 8% حتى عام 2030، وفقاً لموقع Allied Market Research.

ورغم فاعلية هذا النوع من الخلايا الشمسية، فإن الإنتاج المتصاعد تصاحبه كميات متزايدة من المخلفات التي تحتوي على خليط من المعادن الثمينة والمواد الخطرة، علاوة على ارتفاع الطلب على الفضة وعنصر الإنديوم الذي غالباً ما يستخرج خلال عمليات إنتاج الزنك؛ ولذلك فإن إعادة تدوير الخلايا الشمسية له أهمية قصوى، تُمكِّن من استعادة تلك المعادن وإعادة استخدامها في منتجات جديدة.

ووضع الباحثون في الاعتبار عاملَي النقاء وملاءمة عملية التدوير للمعايير البيئية، ودرسوا كيف يمكن فصل المعادن الموجودة في ذلك النوع من الخلايا الشمسية في محاليل حمضية، من خلال الترشيح الذي يعرف كيميائياً بفصل المواد الصلبة عن المواد السائلة.

طريقة جديدة

باحثو جامعة تشالمرز للتكنولوجيا بالسويد توصلوا إلى طريقة جديدة لاستعادة المعادن الثمينة من الخلايا الشمسية ذات الأغشية الرقيقة؛ إذ تعد الطريقة الجديدة أكثر ملاءمةً للمعايير البيئية مقارنةً بالمحاولات السابقة لإعادة تدويرها، وستؤدي إلى إنتاج خلايا أكثر مرونةً وكفاءةً، وفقاً لدورية Solar Energy Materials and Solar Cells.

الباحثة إيوانا تيكنتزي طالبة الدكتوراه في قسم الكيمياء والهندسة الكيميائية بالجامعة وإحدى المشاركات في الدراسة، تقول إن من الضروري إزالة أي مواد ملوثة بالتزامن مع إعادة التدوير، حتى يجري استعادة نقاء المواد المكونة مجدداً.

وتلفت إلى الطرق السابقة التي نجحت في استعادة المواد المكونة للخلايا، لكنها لم تكن صديقة للبيئة؛ إذ تتضمن استخدام كميات كبيرة من المواد الكيميائية، وتتطلب درجات مرتفعة من الحرارة، لكن الطريقة الجديدة ستؤدي إلى النتائج نفسها دون اللجوء إلى هذه الوسائل.

ووضع الباحثون في الاعتبار عاملَي النقاء وملاءمة عملية التدوير للمعايير البيئية، ودرسوا كيف يمكن فصل المعادن الموجودة في ذلك النوع من الخلايا الشمسية في محاليل حمضية، من خلال الترشيح الذي يعرف كيميائياً بفصل المواد الصلبة عن المواد السائلة.

الباحثون اضطروا إلى استخدام المواد الكيميائية لكن بدرجة منخفضة للغاية مقارنةً بالطرق السابقة، قبل أن يقوموا بقياس تركيزات الشوائب المحتملة لقياس درجة نقاء الفضة والإنديوم، وفهم كيفية تحسينها.

خلصت الدراسة إلى أنه من الممكن استعادة 100% من الفضة الموجودة في الخلايا، و85% من الإنديوم، دون الحاجة إلى زيادة درجة الحرارة، والاكتفاء بدرجة حرارة الغرفة، كما نجحوا في تصفية المواد الملوثة تصفيةً انتقائيةً بالاستعانة بتركيز 0.5 مولار من حمض النيتريك.

وعن المدة التي تحتاجها عملية فصل العناصر، يقول الباحث بوركان إبين إن الأمر يستغرق يوماً واحداً، وهي مدة أطول قليلاً من الوسائل التقليدية، لكنها أفضل من الناحية البيئية والاقتصادية، ويأمل أن يصبح البحث الذي شارك في إعداده مرجعاً لاستخدام هذه الطريقة على نطاق واسع في المستقبل.

خطوات إعادة التدوير

تبدأ العملية بتحليل الطبقة الخارجية للخلايا من حيث المواد المكونة لها، والتركيب الكيميائي، والسُّمك، وحجم الجزيئات، ثم تُوضَع الخلايا الشمسية في حاوية تحتوي على محلول حمضي في درجة الحرارة المطلوبة، قبل أن يستخدم الفريق طريقة التقليب لتحليل المعادن في هذا المحلول.

بعد ذلك، حدد الباحثون توقيتات بعينها لتحليل عدد من العينات خلال عملية الترشيح، ثم تقييم فاعلية العملية والتفاعلات الكيميائية التي جرت خلالها، وجرى ترشيح المعادن في أوقات مختلفة، ثم تتوقف العملية قبل أن تبدأ تلك العناصر في التحلل؛ ما يساهم في تحقيق درجة أعلى من النقاء.

وعندما تنتهي عملية الترشيح، تبقى تلك المعادن في المحلول على هيئة أيونات، ليمكن تنقيتها بسهولة واستخدامها في إنتاج خلايا شمسية جديدة.