المبيدات الحشرية بلا جدوى.. التغير المناخي يحول البعوض لمصاص دماء خارق


سلمى عرفة
الاثنين 10 يونية 2024 | 09:45 مساءً

مع كل تغيير تُحدِثه ظاهرة الاحتباس الحراري، يتغيَّر سلوك الكائنات التي تعيش على الأرض، بما في ذلك الحشرات المسببة للعديد من الأمراض، التي وجدت ظروفاً مناسبةً لتصبح أكثر شراسةً.

ويؤدي ارتفاع درجة الحرارة، وزيادة مستويات الرطوبة الناتج عن التغير المناخي، إلى ازدهار العديد من أنواع البعوض التي تنشر الأمراض، لكن ما يؤرق العلماء هو أن الأمر يتزامن مع خطر آخر، وهو زيادة مقاومة هذا البعوض لطرق القضاء عليه.

أحد الأمراض التي ينقلها البعوض الذي يزيد خطره بفعل التغير المناخي، هو فيروس غرب النيل؛ لأن درجات الحرارة الأعلى تُعجل من نمو البعوض الذي ينقله، ويزيد من معدلات هجومه، وفقاً لوكالة حماية البيئة الأمريكية "EPA".

كما أن زيادة معدلات هطول الأمطار في بعض المناطق نتيجة التغير المناخي يعني زيادة المناطق الملائمة لتكاثر البعوض.

شبكة "NBC" نقلت، في تقرير نشرته عام 2023، آراء لخبراء المركز الأمريكي للسيطرة على الأمراض والوقاية منها "CDC" عن زيادة مقاومة البعوض الذي يحمل فيروس غرب النيل لعدد من المبيدات التي تُستخدم في القضاء عليه.

تقول روكسان كونيلي عالمة الحشرات في المركز، في تصريح نقلته الشبكة: "إننا نفقد جزءاً من الأدوات التي عادةً ما نعتمد عليها للسيطرة على البعوض المصاب".

بحسب منظمة الصحة العالمية، ينتشر هذا الفيروس في العديد من مناطق العالم، ومن بينها الشرق الأوسط، وغرب آسيا، وقارتا أوروبا وإفريقيا، لكن 80% من الحالات المصابة لا تظهر عليهم أي أعراض.

ويعاني من تظهر عليه أعراض المرض من حمى، وصداع، وغثيان وقيء، لكن قد يتطور الأمر في نسبة ضئيلة من الحالات إلى الإصابة بالشلل وفقدان البصر، ووصولاً في بعض الحالات النادرة إلى الوفاة.

حمى الضنك

وفقاً لإحصائيات منظمة الصحة العالمية، فإن 50% من سكان العالم معرضون لخطر الإصابة بمرض حمى الضنك الذي يهدد ما يقرب من 130 دولة، مشيرةً إلى أن التغير المناخي بما يصاحبه من تغيرات في درجات الحرارة والرطوبة، ومعدلات هطول الأمطار يُمثل أحد عوامل زيادة الخطر.

الدكتور رامان فيلايودان رئيس البرنامج العالمي لمكافحة أمراض المناطق المدارية المهملة بمنظمة الصحة العالمية، أشار إلى أن البعوض الناقل للمرض يتكاثر بشكل أسرع عند التعرض لدرجات حرارة أعلى، كما يمكنه البقاء على قيد الحياة حتى خلال فترات ندرة المياه، ومن ثم يمكن لحالات حمى الضنك أن تتزايد خلال فترات الفيضانات وكذلك الجفاف.

وغالباً ما يعاني المصابون بحمى الضنك من أعراض خفيفة مثل الحمى والطفح الجلدي والصداع وآلام العضلات، لكن الخطر قد يصل في بعض الحالات النادرة إلى الوفاة.

لكن أنواع البعوض الذي تنقل المرض، وعلى رأسها الزاعجة المصرية، باتت كذلك تطور طرقها الخاصة لمواجهة البشر.

وفقاً لدراسة نشرتها دورية "Science Advances" في نهاية 2022، اكتشف باحثو المعهد الوطني الياباني للأمراض المعدية أن البعوض في المناطق الموبوءة بالمرض في كل من فيتنام وكمبوديا، يحمل طفرات تمنحه المزيد من المقاومة للمبيدات الحشرية الشائع استخدامها.

بحسب الدراسة، ظهرت أبرز الطفرات التي أثارت قلق الباحثين فيما يقرب من العينات التي جمعوها من بعوض الزاعجة المصرية، التي لا تعمل على نقل فيروس حمى الضنك فحسب، بل عدد من الأمراض الأخرى مثل الحمى الصفراء.

ما علاقة التغير المناخي؟

في دراسة نشرها موقع "Frontiers" هذا العام، لفت الباحثون إلى أن التحولات البيئية المرتبطة بظاهرة التغيرات المناخية ستدفع البعوض إلى العيش في البيئات ذات درجات الحرارة الأعلى، وهو ما قد يعزز قدرته الحالية على مقاومة المبيدات الحشرية.