مِن قاتل محتمل إلى وجبة على مائدتك.. هل تتغير علاقتنا بقناديل البحر؟


سلمى عرفة
الخميس 16 مايو 2024 | 11:28 مساءً

بقوام هلامي، ولون شفاف يصعب ملاحظته خلال السباحة، تُلاحِق قناديل البحر المصطافين، فتفسد الأجواء التي يعيشونها على شواطئ البحر.

إذا ما كنت تعرَّضت مؤخراً للسعة قنديل، فأنت واحد بين ما يزيد عن 100 مليون شخص حول العالم يتعرَّضون للتجربة نفسها سنوياً.

وتختلف طبيعة لسعات قنديل البحر بين تلك التي تقتصر آثارها على التهابات جلدية، وشعور بالوخز والألم، وصولاً إلى حالات قليلة تنتهي بوفاة الضحية، ويصل عددها إلى 100 حالة حول العالم كل عام.

لكن ازدياد أعداد قناديل البحر في بعض المناطق لم يحدث مصادفة، بل جاء نتيجة عقود طويلة من التدهور البيئي الذي طال محيطات العالم، والذي اختلفت تأثيراته على البيئات التي تعيش فيها.

تندرج قناديل البحر ضمن الهائمات التي تشكل قاعدة السلسلة الغذائية البحرية، ويتغذَّى عليها العديد من الكائنات الأخرى التي تشاركها البيئة المائية.

لكن التغير المناخي، والصيد الجائر، وغيرهما من العوامل، أدى إلى تراجع أعداد الكائنات التي تتغذى على القناديل؛ ما سمح بزيادة أعدادها، في وقت يمكن فيه لإناثاها إنتاج عشرات الآلاف من البيض يومياً، بحسب إحصائية نقلها موقع "فوربس".

أحد أشهر الكائنات التي يأتي قنديل البحر ضمن قائمة أطعمتها المفضلة، هي السلاحف البحرية التي يحاصرها التغير المناخي والتلوث البلاستيكي وعمليات صيدها بطرق غير قانونية.

وعلى مدى 3 عقود، خسر العالم ما يزيد عن مليون سلحفاة بحرية بفعل الصيد غير القانوني وحده، بحسب تقديرات نقلتها دورية Global Change Biology.

هناك كائن آخر يساهم في التحكم في أعداد قناديل البحر، لكنه يختفي تدريجياً من المياه، وهو سمكة التونة التي تراجعت أنواع مختلفة منها بفعل الصيد الجائر، وزيادة الطلب على لحومها في الأسواق، بحسب موقع الصندوق العالمي للطبيعة.

المستقبل كذلك قد لا يحمل أنباءً سارة؛ إذ توقع الباحثون تراجع إنتاجية الأنواع التجارية من أسماك التونة بما يزيد عن 35% بحلول عام 2050 بفعل التغير المناخي والصيد، وفقاً لدورية Global and Planetary Change.

التغير المناخي وقنديل البحر

الظروف البيئية التي أدى إليها التغير المناخي من ارتفاع درجة حرارة المياه، وتراجع مستوى الأكسجين، التي تبدو سيئةً للغاية للعديد من الكائنات البحرية، هي في الحقيقة مناسِبة للغاية لازدهار القناديل.

استعمار قناديل البحر التي تتغذَّى على يرقات الأسماك لمناطق بعينها، يعني كذلك صعوبة عودة الكائنات الأصلية إليها، إذا ما عاد الأكسجين إلى مستوياته الأصلية، حسبما نقل موقع "بي بي سي".

الأنشطة البشرية أدت كذلك إلى زيادة أعداد الأسطح الصلبة التي يمكن أن يستقر عليها عند الحاجة، مثل حطام السفن، وأرصفة الموانئ، والحوائط البحرية، التي ستحل محل شقائق البحر التي يلجأ إليها.

هل يمكنك تناول قنديل البحر؟

توافر قناديل البحر في وقت يبحث فيه العالم عن طرق لمواجهة تحديات الأمن الغذائي، دون وضع المزيد من الأعباء على الموارد الطبيعية، وتقليل الاعتماد على الأغذية التقليدية التي فاقمت أزمة الاحتباس الحراري؛ جعلت فكرة انضمامه إلى الأطعمة التي نتناولها مطروحة مجدداً.

يقول مونتي جراهام مدير معهد فلوريدا لعلوم المحيطات إن تحويل قنديل البحر إلى وجبة قد يخفف الضغط الواقع على الأسماك، لكنه لن يغير الأسباب الكامنة وراء زيادة أعداد قناديل البحر، وهي مؤشرات على ما يحدث في محيطات العالم.

لكن فكرة تناول قنديل البحر ليست بجديدة؛ فهو طبق معروف منذ ما يزيد عن ألف عام في شرق قارة آسيا من دون بقية مناطق العالم، حسبما نقل موقع هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي".

لكن القيمة الغذائية لقنديل البحر لا زالت محل جدل؛ فهو يحتوي على البروتين، كما أن الطحالب الدقيقة التي تنمو داخل خلاياه تحتوي على أحماض دهنية، لكن المفارقة أن كل العناصر الغذائية الأساسية تتركز في 5% فحسب من جسده، بينما تسيطر المياه على الـ95% المتبقية.

ويشير جوناثان هوتون المحاضر في علم الأحياء البحرية بجامعة كوينز في أيرلندا الشمالية، في تصريح لموقع هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، إلى أن قنديل البحر قد يكون مصدراً للكولاجين، وليس البروتين، ولن يكون مصدراً بديلاً للأسماك.