صبغة حناء داخل ساعتك.. محاولات علمية للوصول إلى البطارية المستدامة


سلمى عرفة
الخميس 09 مايو 2024 | 03:59 مساءً

البطارية المستخدمة في هاتفك المحمول أو ساعتك أو سيارتك أو في أي جهاز كهربائي آخر يعمل بالبطاريات تهدد موارد الأرض من الثروة المعدنية، حيث يتطلب تكوينها مجموعة من المعادن التي يتزايد عليها الطلب بشكل يضغط على الموارد الطبيعية التي يستهلكها البشر إلى حد الاستنزاف.

الليثيوم من المكونات الرئيسية في البطاريات لكن استخراجه يتطلب كميات كبيرة من الطاقة والمياه، ونقله إلى مسافات بعيدة من أجل تكريره، يليه في الأهمية الجرافيت المُستخلص من الوقود الأحفوري، والذي يعود إنتاجه كذلك بأضرار على البيئة.

يُستخدم معدن "الكوبلت" أيضاً في العديد من أنواع بطاريات الليثيوم، والتي تتصاعد التقارير حول الظروف الخطرة والانتهاكات التي تحيط بعمليات إنتاجه في جمهورية الكونغو الديمقراطية التي تضم كميات كبيرة منه.

طلب عالمي متزايد على الليثيوم والجرافيت

وإذا ما واصلنا استخدام الليثيوم والجرافيت كما يحدث اليوم، سيحتاج العالم لزيادة حجم إنتاج الجرافيت إلى 2 ميجا طن سنوياً، والليثيوم إلى ما يزيد على 3 ملايين طن متري سنوياً بحلول 2023، حسب تقديرات المنتدى الاقتصادي العالمي.

وفي تقرير مُطول نشرته هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، يسرد الكاتب كريس بارانيوك تفاصيل السباق الذي دخله العلماء والشركات للوصول إلى بطارية كهربائية أكثر استدامة، يمكن من خلالها مواجهة الطلب العالمي المتزايد.

هل توجد بدائل طبيعية تقلل الضرر البيئي؟

من مياه البحر إلى النفايات الحيوية، ووصولاً إلى الصبغات الطبيعية، هناك قائمة طويلة من البدائل المحتملة في الطبيعة، التي قد تقلل الأضرار البيئية، لكن الجانب الأصعب من الأمر هو جدارة أي منها على منافسة أنواع البطاريات الموجودة في السوق.

نفايات القطن

ينقلنا "بارانيوك" إلى أحد شوارع الهند، وبالتحديد في يوم من الأيام التي انقطع فيها التيار الكهربائي، لكن، على غير المتوقع، واصلت آلة الصرف الآلي عملها بإخراج النقود للعملاء، بفضل بطارية احتياطية تحتوي على كربون جرى استخلاصه من القطن.

تلك البطاريات التي طورها مجموعة من الباحثين في جامعة كيوشو اليابانية بالتعاون مع إحدى الشركات، استخدموا فيها الكربون، الذي يمكن الحصول عليه من نفايات القطن، ليلعب دور الأنود بدلاً من الجرافيت، وهو أحد الأقطاب الكهربائية التي تساهم في تدفق الجزيئات المشحونة في البطارية، والتي تعرف باسم "الأيونات".

بحسب آراء باحثين نقلها التقرير، يمكن الاستعانة بالقطن ليحل محل "الإلكترويت" المسؤول عن تدفق الأيونات بين الأنود، وبين مكون آخر في الدائرة الكهربية وهو "الكاثود".

هناك طموح آخر ظهر في سوق البطاريات الياباني، بتقليل المدة التي تحتاجها تلك البطاريات للشحن، والعمل على إنتاج بطارية كربونية مزدوجة الأقطاب، تعتمد على المواد النباتية في كلا قطبيها، وهي فكرة تعتمد كذلك على إحدى الدراسات التي أجرتها جامعة كيوشو.

نفايات الذرة وبذور البطيخ

وهناك باحثون آخرون يدرسون مواد أخرى متنوعة مثل نفايات الذرة، وبذور البطيخ، من أجل إنتاج أنواع أخرى من الأقطاب الكهربائية التي تستخدم في صناعة البطاريات، لكن التحدي هو كيفية إنتاجهم على نطاق يوفي بالطلب المتزايد وغير التقليدي للبطاريات.

قد لا تكون فكرة سرعة شحن البطارية مسألة مهمة إذا ما جرى استخدامها في تشغيل آلة صرف آلي، لكنها قد تكون كذلك بالنسبة لمركبة كهربائية ترغب في شحنها والانطلاق بها سريعاً.

مياه البحر

لكن هناك من يرى أن مكونات الطبيعة لا تنضب، ومن بينهم ستيفانو باسيريني، نائب مدير معهد هيلمهولتز أولم في ألمانيا، والذي وصف محيطات العالم الواسعة بمخزنٍ غير محدود للمواد التي يمكن استخدامها في البطاريات.

"باسيرني" وزملاؤه كانوا ممن عملوا على الاستعانة بأيونات الصوديوم الموجودة في مياه البحر التي ستقوم بدور الكاثود القطب الموجب في البطارية، لكن دون الحاجة إلى "أنود" أو قطب سالب، لأن الصوديوم يتراكم في صورة محايدة، ويمكن استخدام طاقة الرياح أو الطاقة الشمسية في تخزين الصوديوم، والعودة إليه عند الحاجة.

لكن هناك تحدياً يشير إليه العالم وهو تفاعل الصوديوم بشدة مع المياه، وإمكانية حدوث انفجار، ولذلك من المهمة ضمان عدم تسرب مياه البحر إليه.

الكالسيوم والسيليكون

أما الكالسيوم الموجود في العظام والأسنان فيمكنه أن يكون بديلاً آمناً للكاثود، فبحسب دراسة جديدة نشرتها دورية "Journal of power sources"، يمكن استخدام كذلك السيليكون لتسهيل انتقال أيوناته.

الحناء

هناك خيارات أخرى يعمل عليها العلماء يمكنها تقليل الأضرار البيئية لإنتاج البطاريات، مثل مركبات الكوينونات، وهي أصباغ بيولوجية موجودة في عددٍ كبير من الكائنات، من بينهم جورج جون بكلية نيويورك سيتي للتكنولوجيا بالولايات المتحدة الأمريكية الذي توصل إلى نتائج واعدة لجزيء مشتق من صبغة الحناء المستخلصة من شجرة "Lawsonia inermis".

الفريق الذي يحلم بتصميم بطارية أكثر استدامة، وقف أمامه تحدٍ آخر وهو أن الجزء المستخلص يتمتع بقابلية عالية للذوبان، عند استخدامه ككاثود، لكن عند جمع 4 جزيئات معاً إلى جانب الليثيوم، تنتج مادة قابلة لإعادة التدوير، وترتفع درجة بلورتها، وبالتالي تقل معدلات القابلية للذوبان.

يقول "جون" إن تصميمات البطاريات التي يعمل عليها وزملاؤه قد لا تتمتع بقدرات عالية كافية لتشغيل السيارات الكهربائية، ولكن يمكن استخدامها يوماً في الأجهزة الخفيفة التي نرتديها مثل أجهزة قياس مستويات السكر في الدم.