مع بداية كل فصل دراسي، ينضم إعداد "اللانش بوكس" إلى قائمة المهام اليومية التي تشغل الأمهات، وسط محاولات لاختيار أطعمة يفضلها أطفالهن، وتحتوي في الوقت نفسه على قيمة غذائية عالية، لكن هناك جانباً آخر تغفله الكثيرات، وهو الأثر البيئي للطريقة التي نعد بها هذه الأطعمة.
تاريخ "اللانش بوكس"
رغم أن استخدام "اللانش بوكس" في تعبئة الأطعمة يبدو اتجاهاً حديثاً، فإن العالم عرفه للمرة الأولى بشكل تجاري في عام 1902، بحسب موقع مجلة "Smithsonian Magazine".
بحسب الموقع، كانت هناك محاولات ناجحة، خلال ثمانينيات القرن التاسع عشر لإعادة تدوير عبوات الكعك إلى عبوات يوضع بها الطعام.
ظهور"اللانش بوكس" الذي يُعاد استخدامه من جديد، مثَّل تغييراً بعد سنوات طويلة؛ حيث كانت الأكياس البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد هي الوسيلة الوحيدة لتعبئة الأطعمة التي يصطحبها الطلاب من المنزل.
"لانش بوكس" صديق للبيئة
هناك عدة نصائح كي يكون "اللانش بوكس" الذي تعدينه لطفلك أكثر ملاءمةً للمعايير البيئية، بدايةً من "لانش بوكس" مصنوع من مواد طبيعية قابلة للتحلل أو إعادة التدوير، والاستعانة بأدوات طعام يعاد استخدامها، وإشراك الطفل في إعداده لتقليل الهدر، وتشجيعه على إحضار بقايا الطعام إلى المنزل، بحسب موقع "My Green Toddler".
لكنَّ هناك عوامل أخرى قد تحدد إذا ما كان استخدام "اللانش بوكس" يُمثِّل بالفعل خطوة إيجابية تُخفِّف الضغط على البيئة، أم على العكس تفاقم في الأضرار الواقعة عليها، بالتزامن مع ندرة الدراسات التي تناولت الأمر.
في عام 2023، نشرت جامعة أوكلاند للتكنولوجيا في نيوزيلندا، دراسة جديدة شملت المئات من الأغذية التي تضمُّها عبوات الطعام المُعَدة في المنزل، والتي يحملها التلاميذ إلى المدرسة.
نتائج البحث التي نشرها الموقع الرسمي للجامعة، خلصت إلى أن ما يزيد عن 35% من مكونات عبوات "اللانش بوكس" جرى تغليفها بالبلاستيك الذي يُستخدم مرة واحدة، وترتفع النسبة إلى أكثر من 50% عند احتساب الأغلفة التي جرى التخلص منها في المنزل.
ويتسبب البلاستيك بأضرار بيئية خطيرة، بدايةً من عمليات إنتاجه التي تتطلب كميات كبيرة من الوقود، وصولاً إلى تحوله إلى مخلفات تلوث البيئة، تنبعث منها غازات الاحتباس الحراري، كما تؤدي إلى اختناق الكائنات البحرية عند وصولها إلى مياه الأنهار والمحيطات.
أغذية فائقة المعالجة
لكن هناك رابطاً آخر رصدته الدراسة حول طبيعة الأغذية المغلفة بأغلفة غير مستدامة، وهو أن ما يزيد عن 75% منها تُصنف بأنها أغذية فائقة المعالجة، بينما كانت نسبة أقل من 1% من نصيب الأغذية التي خضعت لعمليات معالجة محدودة.
وتشمل الأغذية الفائقة المعالجة – التي غالباً ما يضاف إليها مواد حافظة ونكهات وألوان صناعية – منتجات الآيس كريم، والوجبات الخفيفة المعلبة كرقائق البطاطس، واللحوم المعالجة، والمشروبات التي تحتوي على كميات كبيرة من السكر كالمشروبات الغازية.
على الجانب الآخر، تشمل الأطعمة الكاملة أو التي خضعت لعمليات معالجة محدودة لم تُغيِّر من طبيعتها، الخضراوات والفواكه الطازجة، والمكسرات، والحبوب الكاملة، واللبن، والزبادي غير المضاف إليها مواد حافظة.
الدراسة دعت إلى ضرورة إعطاء الأولوية للخيار الثاني من الأغذية؛ من أجل تقليل النفايات البلاستيكية، وتعزيز نظام غذائي أكثر ملاءمةً للمعايير البيئية والصحية للأطفال.
أضرار بيئية
علاوةً على مخاطرها الصحية، تتسبب الأطعمة الفائقة المعالجة في أضرار بيئية بالغة، ويتسبب إنتاجها في انبعاث كميات كبيرة من غازات الاحتباس الحراري التي ترفع درجة حرارة الأرض، وتزيد الضغط على الموارد الطبيعية التي تدخل في عمليات التصنيع.
وفي دراسة نشرتها دورية "Journal of Cleaner Production"، عام 2022، وشملت تحليل مجموعة من الدراسات الأخرى، حول أثر الأغذية الفائقة المعالجة؛ خلص الباحثون إلى أنها مسؤولة عما يصل إلى ثلث انبعاثات غازات الدفيئة المرتبطة بالنظام الغذائي، وما يصل إلى 45% من نسبة فقدان التنوع الحيوي الذي يسببه النظام الغذائي.