مأساة بيئية.. معاناة الأبقار والعجول في صناعة اللحوم والألبان


ندى شريف
الاربعاء 30 ابريل 2025 | 01:38 مساءً
العجول تدفع ثمن التدخل البشري
العجول تدفع ثمن التدخل البشري

تخيل أنك ترى طفلاً يتم فصله عن أمه عند ولادته، وقد يستمر لأيام يبكي على فراقها!

كيف تستوعب الموقف؟

الحقيقة أن هذا الوضع يحدث كثيراً، فمع زيادة طفرة صناعة اللحوم وإنتاج الألبان، تتعرض الأبقار والعجول الصغيرة لظروف قاسية لتحقيق منافع بشرية، دون النظر إلى كم المعاناة التي تتعرض لها الحيوانات والتابعات البيئية الناتجة عن هذه الانتهاكات والتي من شأنها تهديد التوازن البيئي، بسبب الفوائد البيئية التي توفرها هذه الحيوانات للبيئة الطبيعية.

وبالطبع تعتبر الأبقار من الحيوانات ذات أهمية كبيرة للإنسان بسبب ما توفره من لحوم وألبان التي تعد مصدراً غذائياً رائجاً حول العالم، ومع ذلك فإن هذه الوقائع لا تبرر بأي حال من الأحوال استغلال هذه المخلوقات و تعريضها لظروف وممارسات قاسية تستهدف فقط زيادة الإنتاج وتحقيق أرباح تجارية.

وفي السطور التالية تستعرض "جرين بالعربي" الانتهاكات التي تتعرض لها الأبقار والعجول الصغيرة من عمليات الفصل القسري والإساءات الجسدية والنفسية إلى التعذيب والضرب لتلبية حاجات السوق التجارية.

كيف يتم استغلال الأبقار والعجول الصغيرة؟

تعتبر الأبقار من الثدييات ومصدر لإنتاج البروتين مثل اللحوم والألبان، لذا تحتكر الكثير من المصانع والمزارع هذه الصناعة لمواكبة احتياجات السوق، ولكن على الناحية الأخرى يظهر الجانب المظلم لهذه الصناعة، والتى تدفع حقها الأبقار وصغارها من العجول؛ فعند عملية ولادة الأبقار تقوم هذه المصانع والمزارع بفصل العجول الصغيرة عن أمهاتهم من الأبقار دون انتظار انتهاء فترة الرضاعة، لعدة أسباب منها الاحتفاظ بها لإنتاج الألبان ولاستمرار دورة التكاثر، حيث يتم حلب الأبقار لحملها مرة أخرى.

والجدير بالذكر أن عندما تفصل العجول الصغيرة عن أمهاتها عند الولادة، تحرم من الحصول على الفيتامينات والمعادن التي تحتاجها في هذه الفترة.

ومن ضمن هذه الانتهاكات التى تتعرض لها هذه الحيوانات البريئة، تذبح العجول عند ولادتها وهذا يعتبر ليس وقتاً مناسباً لذبحها، ولكن تؤكل كمصدر للحم الطري، وأحياناً تقتل العجول في نفس يوم ولادتها وليس بالضرورة أن تكون مصابة بأي حالة مرضية، ومن المؤكد أنه يتم التخلص من العجول المريضة أو ذات العيوب الخلقية، لمنع اختلاطها بباقي القطيع.

ولكن المفارقة هنا، أن مصير العجول التي تنجو أسوء من مصير العجول التي قتلت لأنها سترى معاناة واستغلال شديد بسبب الطريقة التي تعيش بها في المزارع من أجل زيادة الإنتاج.

وتتلخص معاناة الأبقار والعجول في ما يلي:

تقضي حياتها بأكملها في أقفاص ضيقة لا تسع حجم جسدها.

تظل مُقيدة بالسلاسل من أعناقها أغلب الوقت، ما يمنعها من الحركة.

تقيد حركتها بشدة من قبل المربين حتى لا تتطور عضلاتها ويبقى لحمها طري.

تحرم من أي اتصال اجتماعي.

تواجه مشاكل في المشي أثناء نقلها إلى المسالخ.

تتعرض لسوء ونقص في التغذية.

الأبقار تخضع لسلسلة من التشوهات المؤلمة مع تقدمها في السن

تقوم المسالخ ببعض الأعمال القاسية للتخلص من الأبقار، ومنها تسخين قضبان حديدية في النيران، وحرق أجساد الأبقار بداخلها، وتُجبر الأبقار لدخول أماكن ضيقة للتخلص منها، ما يعرضها إلى الخوف والمعاناة، إضافةً إلى ذلك تزيل المزارع القرون وقص الذيل بآلات حادة.

المخاطر الصحية لعمليات التلقيح الصناعي ونقل الأجنة بين الأبقار

تتعرض الأبقار دائماً إلى عمليات التلقيح الصناعي عن طريق الحصول على السائل المنوي من الثيران لإنجاب أبقار كثيرة بهدف إنتاج كميات كبيرة من الحليب واللحوم، ما يؤدي إلى تحسين الإنتاجية، ولكن يترتب على ذلك تعرض الأبقار للعديد من المخاطر والأضرار ومنها:

اضطراب الهرمونات.

تهتك الأعضاء التناسلية أثناء عملية التلقيح الصناعي.

انتقال الأمراض بين الأبقار والثيران.

ظهور عيوب وراثية بين العجول المولودة.

وتمثل نسبة وفيات الأبقار والعجول بين 2% و20% بسبب عسر الولادة ونقص الأكسجين.

وتعتمد العديد من المصانع والمزارع تقنية نقل الأجنة التي تعتمد على أخذ البويضات من أبقار مختارة ذات خصائص وراثية محددة، حتى تنتج نسلاً يعرف باسم "الأبقار الخارقة"، وتخصب هذه البويضات وتنقل الأجنة إلى أبقار أخرى تعرف باسم "الأبقار المتلقية" التي تحمل هذه الأجنة بهدف إنتاج سلالات ذات صفات معينة لزيادة الإنتاج من الحليب واللحوم، ولكن تسبب هذه العملية مشاكل عديدة أثناء ولادة البقرة المتلقية وأحياناً تموت العجول أثناء عملية الولادة أو بعدها.

ومع كثرة الإنجاب، تتعرض الأبقار لمخاطر صحية تهدد حياتها مثل التهاب الصرع الذي ينتج عن الاضطرابات الهرمونية والإجهاد الجسدي والنفسي، كما تصاب الأبقار بالعرج ومشاكل في الحركة والمشي بسبب كثرة الإجهاد وسوء المعاملة.

ممارسات المزارع تجاه الأبقار لزيادة إنتاج الألبان

في العقود الأخيرة، زادت كمية الحليب التي تنتجها الأبقار، عن طريق الانتقاء الوراثي، حيث تحقن الأبقار بهرمون "السوماتوترفين البقري"، وهو هرمون معدل وراثياً لإنتاج حليب أكثر.

تشهد البيئة مأساة أخلاقية حقيقية، لذا لابد من البحث عن ممارسات أخلاقية وإنسانية مستدامة تهدف الى الرفق بهذه المخلوقات، وتحافظ على التوازن البيئي لرفع وعي الأفراد والمؤسسات لكي تتحمل المجتمعات مسؤولية الكوكب والبيئة بأكملها.