يعد التضليل البيئي من الحواجز التي تقف أمام المعالجة الحقيقية للتغير المناخي، حيث يتم ترويج المنتج من خلال ادعاءات كاذبة، ما يعمل على تضليل المستهلك تحت شعار حماية البيئة والمناخ بهدف التأثير عليهم، ودفعهم للشراء والمشاركة باعتبارها عملية صديقة للبيئة.
ما هو الوعي البيئي الزائف ؟ وكيف تستخدمه الشركات لصالحها؟
يعتبر الوعي البيئي الزائف من الاستراتيجيات التي تزايدت في الآونة الأخيرة، وتُستخدم من قبل الشركات المُنتجة لتقديم صورة غير حقيقية عن الاهتمام المضلل بحماية البيئة، وذلك من خلال استخدام مصطلحات بيئية دون وجود مصدر يمكن التحقق منه، ويمارسون مثل هذه الأفعال بهدف تحسين صورة الشركة وجذب المزيد من المستهلكين، وقد يؤدي ذلك الى تراجع ثقة الجمهور بشكل كبير، نقلاً عن "UNDP".
لا يتوقف التضليل البيئي على هذا النحو فحسب، بل يعيق التحرك الحقيقي للعمل المناخي والبيئي الفعال.
أثر التضليل على السياسات والتشريعات
لا تقتصر آثار التضليل على المستهلكين، بل تمتد لتشمل صناعة السياسات، وتدفع القائمين عليها إلى اتخاذ قرارات خاطئة اعتماداً على البيانات غير الحقيقية التي تُصدرها بعض الشركات، ونتيجة ذلك، يتم توجيه التمويلات لشركات لا تحقق أثر إيجابي على البيئة بشكل فعلي.
وقد شهد العالم في السنوات الأخيرة عدة قضايا تتعلق بالتمويه الأخضر ، ووُجهت بالفعل اتهامات لشركات ادعت التزامها بتحقيق "الحياد الكربوني"، ولكنها في الواقع تُواصل الاستمرار في مشروعات ملوثة للبيئة، وساهم ذلك في تسليط الضوء على الدور الذي تلعبه الرقابة البيئية.
جهود ومبادرات للحد من الظاهرة
أطلقت الأمم المتحدة عدة مبادرات بشأن هذه الظاهر؛ ومنها وضع معايير صارمة في 2022 للشركات والدول التي تدعي التزامها بتحقيق الأمان البيئي، وحددت أيضاً عدة مبادئ بما في ذلك أن تكون هناك خطة تنفيذية واضحة و إعطاء مستجدات التقدم بشكل دوري ومنتظم.
وفي هذا الصدد، نُظمت قمة بعنوان " الطموح المناخي" عام 2023 وركزت على أهمية أن تكون الوعود المناخية مبنية على خطط حقيقية وفعلية وغير دعائية.
ومن ضمن التوصيات التي وضعتها الأمم المتحدة لتفادي الوقوع في فخ التمويه أو التزييف الأخضر: التحقق من الشهادات الصادرة من الجهات المستقلة، والتعمق فيها وعدم الأخذ فقط بالخصائص الظاهرة.
دور المستهلك لمكافحة التضليل
ويتحمل المستهلكون هذه المسؤولية أيضاً، حيث أن الوعي بأساليب التضليل البيئي ومتطلباتهم للشفافية يُشكل أداة ضغط على الشركات لمكافحة هذه الظاهرة، وتدفعهم لتصحيح مسارهم أيضاً، كما يشكل الوعي الشرائي رسالة واضحة بأن المستهلك لا يقبل بالخداع البيئي.
في ظل تحديات المناخ المتزايدة، لا يمكننا أن نحقق تحرك بيئي حقيقي إلا بمواجهة صريحة لتلك الظواهر ويتطلب تعاوناً من جميع الأطراف ، وخاصة أن المناخ يعد قضية هامة لا يجب التهاون فيها، كما أنه مسؤولية عامة وجزءاً أساسياً من العمل على التغير المناخي، ولذلك فإن الوعي بأهمية المصداقية والشفافية أصبح ضرورياً من أي وقت مضى، كما تساهم كل خطوة واعية في بناء مستقبل أكثر أماناً واستدامةً للبيئة.