رغم مسؤوليتها المحدودة عن الأزمة.. كيف تساهم البلدان النامية في التمويل المناخي؟


سلمى عرفة
الاحد 11 فبراير 2024 | 08:10 مساءً

دائماً ما تتصدر قضية التمويل ساحة الخلاف بين بلدان العالم عند الحديث عن جهود مواجهة التغيرات المناخية، وسط مطالبات بتحمل الدول المتقدمة الجزء الأكبر من عبء القضية؛ لمساهمتها التاريخية في تلويث البيئة، فيما تدعو تلك الدول إلى مساهمة البلدان النامية الغنية نسبياً في مواجهة الأزمة.

لكن هناك وجهاً آخر للقصة كشف عنه تحليل جديد نشره موقع "Carbon Brief"، وأشار إلى أن العديد من البلدان النامية تقدم بالفعل الكثير من المال لدعم جهود حماية الأرض، لكن ما تقوم به لا يجري تسليط الضوء عليه عند الحديث عن قضايا التمويل.

التحليل الذي أجراه "يو كاو" الباحث في معهد التنمية الخارجية، وبايفورد تسانغ مستشار السياسات في معهد "E3G" – وهما معهدان دوليان غير ربحية معنية بالاستدامة وقضية التغيرات المناخية – لفت إلى أن هناك بلداناً كالمملكة العربية السعودية تساهم بالفعل بقدر أكبر من التمويل المناخي عبر مؤسسات التنمية المتعددة الأطراف مقارنة بالعديد من دول الشمال.

وفيما يخص التمويل المناخي المباشر المقدم للبلدان، يمكن للصين – على سبيل المثال – منافسة المتبرعين الكبار من قائمة الدول الكبرى.

على من تقع المسؤولية؟

بموجب نظام الأمم المتحدة، تقع المسؤولية الحالية للتمويل المناخي على دول المرفق الثاني، وهي البلدان المرتفعة الدخل التي كانت منضمة إلى منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية "OECD" عندما جرى توقيع الاتفاقية الإطارية للتغير المناخي في عام 1992.

ورغم التزام عدد كبير من الدول من بينها بلدان أوروبا الغربية، والاتحاد الأوروبي، والولايات المتحدة، وكندا، واليابان، بتقديم تمويل حده الأدنى 100 مليار دولار سنوياً للبلدان النامية بحلول عام 2020، فإنها فشلت في تحقيق هذا الهدف في الموعد المحدد.

مساهمة طوعية

وفي الوقت الذي لا تقع فيه المسؤولية على البلدان النامية عن تقديم التمويل يتم تشجيعها على المساهمة طوعاً في التمويل المناخي بموجب اتفاقية باريس التي وصفها الباحثان بأنها شملت حلاً وسطاً للأزمة التي حدثت في عام 1992، عندما عُهد إلى دول ذات ظروف اقتصادية متباينة للغاية بالمسؤوليات المناخية ذاتها.

وبينما تطالب عدة دول بتوسيع قاعدة المتبرعين للتمويل المناخي من خلال الاتفاقية الإطارية للأمم المتحدة، يشير التحليل إلى إغفال الدعم المالي الطوعي الذي تقدمه البلدان النامية لنظيرتها التي تنتمي إلى التصنيف ذاته.

التحليل الذي أجراه معهد التنمية الخارجية، يؤكد أن الغالبية العظمى من البلدان النامية تقدم تمويلاً مناخياً من خلال مساهمتها في البنوك المتعددة الأطراف، وعند احتساب ما تقدمه هذه الدول إلى بنوك التنمية والصناديق المناخية معاً مثل البنك الدولي، وصندوق المناخ الأخضر، فإن بلداناً مثل الصين، والهند، والبرازيل، وروسيا، والمملكة العربية السعودية تأتي ضمن المراكز العشرين الأولى عالمياً، وفقاً لإحصائيات 2020 التي اعتمد عليها التحليل.

إضافة إلى ذلك، فإن البرازيل، والصين، والهند، وإندونيسيا، والمكسيك، وكوريا الجنوبية، قدموا مساهمات مختلفة في الصناديق المناخية المخصصة مباشرة لمواجهة القضية.

هناك جانب آخر مهم، وهو أن تلك المبالغ لا تشير إلى إجمالي ما تقدمه البلدان النامية في مواجهة تغير المناخ؛ لأنها لا تندرج ضمن التدفقات المالية الثنائية، أو التدفق بين الدول بعضها وبعض، مثل صندوق التعاون بين بلدان الجنوب الذي أنشأته الصين.

نقص معلومات

كما أن هناك نقصاً في المعلومات المتوفرة عن تلك التدفقات النقدية لكن يرجح أنها مبالغ كبيرة؛ إذ يشير التحليل الذي أجراه معهد "E3G" بالتعاون مع معهد "AidData" البحثي، حول التمويل الثنائي الذي قدمته الصين، إلى أنها استثمرت متوسط 1.46 مليار دولار في العام على المشروعات المرتبطة بالمناخ في الفترة بين عامي 2012 و2017.

تلك الاستثمارات تتضمن الاستثمارات الثنائية الحكومية والاستثمارات الخاصة، علاوة على المساعدات في مجال الطاقة والنقل والمياه وقطاعات تقليل خطر الكوارث التي تندرج ضمن تقليل غازات الدفيئة، أو تعزيز المرونة المناخية.

وإذا ما جرى جمع التدفقات المالية الثنائية مع التدفقات الأخرى المتعددة الأطراف، فستحتل الصين المركز السابع في قائمة أكبر دول العالم التي قدمت تمويلاً مناخياً للبلدان النامية في 2017.

التحليل انتقد أن هناك جزءاً كبيراً من الدعم المالي الذي تقدمه البلدان النامية المتوسطة والمرتفعة الدخل يغفله النظام الدولي، لكن السبب الرئيسي في هذا الأمر أن البلدان النامية غير ملزمة بالإبلاغ عن تلك المساهمات، ومن ثم يعتمد الأمر على سياسات كل دولة على حدة.