تنتشر الأنواع الغريبة الغازية بسرعة متزايدة في جميع أنحاء العالم، وتشكل تهديداً عالمياً خطيراً، لكن هذا الأمر لا يحظى بالاهتمام الكافي، رغم أن تكاثر الغزاة قد يدمر البيئة والاقتصاد والأمن الغذائي وصحة الإنسان.
ويُعرف الاتحاد الدولي لحماية الطبيعة (IUCN) الأنواع الغريبة الغازية بأنها حيوانات أو نباتات أو كائنات حية أخرى أدخلها الإنسان في أماكن غير مناطق انتشارها الطبيعي؛ ما يؤثر سلباً على النظام البيئي والأنواع المحلية.
وبحسب أحدث تقرير من المنبر الحكومي الدولي للعلوم والسياسات المعني بالتنوع البيولوجي وخدمات النظم الإيكولوجية (IPBES)، الصادر عن الأمم المتحدة، تجاوزت التكلفة الاقتصادية العالمية للأنواع الغريبة الغازية 423 مليار دولار سنوياً، وهو المبلغ الذي تضاعف أربع مرات منذ عام 1970.
وتلعب الأنواع الغريبة الغازية دوراً رئيسياً في 60٪ من حالات انقراض النباتات والحيوانات على مستوى العالم؛ حيث وجد التقرير أن 218 نوعاً غريباً غازياً مسؤولة عن أكثر من 1200 حالة انقراض، أي أن هذه الأنواع واحدة من أهم خمسة دوافع مباشرة وراء فقدان التنوع البيولوجي بالكوكب.
والتقرير الأممي أعده 86 خبيراً من 49 دولة، ويعتمد على أكثر من 13 ألف مرجع، بما في ذلك مساهمات من الشعوب الأصلية والمجتمعات المحلية في جميع أنحاء العالم، واستغرق إجراؤه نحو أربع سنوات؛ ما يجعله التقييم الأكثر شمولاً على الإطلاق للأنواع الغريبة الغازية بالعالم.
الغريبة والغازية
وأوضح مؤلفو التقرير أن الأنواع الغريبة ليست جميعها غازية؛ لأن الأنواع الغازية هي مجموعة فرعية من الأنواع الغريبة، استطاعت أن تستقر وتنتشر في مكان جديد، وتشكل مخاطر كبيرة على الطبيعة والناس.
وأكد التقرير وجود أكثر من 37 ألف نوع غريب على الكرة الأرضية، قد تم إدخالها ده جميع أنحاء العالم عن طريق النشاط البشري، من ضمنها 3500 من الأنواع الغريبة الغازية الضارة.
تأثير على حياة البشر
في حين أن العديد من الأنواع الغريبة قد تم إدخالها تاريخياً عن قصد لتحقيق فوائد ومنافع للبشر؛ فإن تقرير (IPBES) يرى أن الآثار السلبية لتلك الأنواع الغازية لم تقف عند حدود الطبيعة فقط، بل امتدت إلى حياة البشر وسبل العيش والرفاهية، مثل التأثيرات الصحية وانتشار الأمراض مثل الملاريا وزيكا وحمى غرب النيل، التي تنتقل عن طريق أنواع البعوض الغريبة الغازية.
كما تبين أن الذين يعتمدون على أنماط حياتية ترتكز على الطبيعة بشكل مباشر، مثل الشعوب الأصلية والمجتمعات المحلية، فإنهم معرضون لخطر أكبر من قبل هذه الأنواع، وتم العثور على أكثر من 2300 نوع غريب غازي في الأراضي الواقعة تحت سيطرة الشعوب الأصلية؛ ما يهدد النمط التقليدي لحياتهم وهويتهم الثقافية.
كما أشار التقرير إلى أن تأثير هذه "الغزوات البيولوجية" على البيئة يختلف من مكان إلى آخر؛ إذ تم تسجيل 34٪ من هذه التأثيرات في الأمريكتين، و31٪ في أوروبا وآسيا الوسطى، و25٪ في باقي آسيا والمحيط الهادئ، ونحو 7٪ في إفريقيا، وتتركز 75٪ من التأثيرات السلبية للأنواع الغازية على الحياة البرية، وخاصة في الغابات والمناطق المزروعة.
مستقبل الأنواع الغازية
ويرجح الخبراء والمراقبون، أن يؤدي الاقتصاد العالمي المتسارع، والتوسع في استغلال الأراضي، والتغيرات الديموغرافية، إلى زيادة الأنواع الغريبة الغازية في جميع أنحاء العالم.
وقد تستمر الأنواع الغريبة في توسيع نطاقاتها والانتشار إلى بلدان ومناطق جديدة، وقد يجعل تغير المناخ الوضع أسوأ؛ فقد تتمكن النباتات الغريبة الغازية من التفاعل مع التغيرات المناخية ما يضخم آثارها السلبية
وفي ظل ارتفاع مستويات التجارة العالمية والسفر البشري، يتوقع التقرير زيادة تقدر بـ36٪ في الأنواع الغريبة بحلول عام 2050 مقارنة بعام 2005، إذا استمرت الأوضاع كما هي دون تغيير إيجابي.
حلول مقترحة
من المؤكد أن الوقاية هي الخيار الأفضل والأكثر فاعلية من حيث التكلفة، لكن يمكن منع الغزوات البيولوجية المستقبلية والأنواع الغريبة الغازية وتأثيراتها من خلال الإدارة الفعالة والاحتواء والسيطرة للتخفيف من الآثار السلبية، كما أن استعادة النظم الإيكولوجية يزيد من مقاومتها للأنواع الغريبة الغازية في المستقبل.
وقد حدد التقرير بعض تدابير الوقاية، مثل الأمن البيولوجي على الحدود، وتطبيق ضوابط الاستيراد بصرامة، وأهمية وضع قوانين أو لوائح تعالج هذه القضايا؛ ما يزيد من فاعلية إدارة الغزوات البيولوجية؛ حيث ثبت أن الاستعداد والكشف المبكر والاستجابة السريعة، لها فاعلية في تقليل معدلات تكاثر الأنواع الغريبة، ولها أهمية خاصة بالنسبة إلى أنظمة المياه البحرية.
كما أكد التقرير أن اللجوء إلى حل الاستئصال لبعض الأنواع الغازية قد يكون حلاً ناجحاً وفعالاً من حيث التكلفة؛ وذلك عندما تكون أعدادها ما زالت صغيرة وبطيئة الانتشار.
