رحلة البحث عن واقي الشمس.. الاحتباس الحراري يغير أولويات الكائنات القطبية


سلمى عرفة
الثلاثاء 09 يوليو 2024 | 01:57 مساءً

عندما أُخبِر الناس أنني أدرس طبقة الأوزون، يجيبوني بسؤال: "ألم تتحسن حالتها الآن؟".. هكذا وصفت عالمة المناخ شارون روبنسون، في حديث إلى هيئة الإذاعة البريطانية، تراجع الاهتمام بالقضية التي لا تمتد تأثيراتها على البشر فحسب، بل على الكائنات التي تشاركنا الحياة على الأرض.

في عام 1985، اكتشف مجموعة من العلماء الذين يعملون في القارة القطبية الجنوبية ثقب طبقة الأوزون التي تحمينا من الأشعة الضارة من خلال قياس كمية الإشعاع الشمسي التي تصل إلى الأرض، لتتفق بلدان العالم، بعد ذلك بعامين، على التخلص تدريجياً من المواد المستنفدة للأوزون، ومنها مركبات الكلوروفلوروكربون الموجودة في أجهزة التبريد.

تشير "روبنسون" إلى أن طبقة الأوزون في مرحلة التعافي، لكن الثقب يظهر دورياً في فصل الربيع فوق القارة القطبية الجنوبية؛ حيث التفاعلات الكيميائية التي تحدث في درجات حرارة منخفضة للغاية، ووسط سحب جوية كثيفة تساهم في تلك العملية.

طبقة الأوزون والكائنات القطبية

هناك سؤال هام يبحث العلماء عن إجابته: ما تأثير الأشعة فوق البنفسجية التي تصل إلى الأرض بفعل تآكل طبقة الأوزون على الكائنات القطبية؟ وما علاقة التغير المناخي بالأمر؟

يصل تآكل الأوزون فوق القارة القطبية الجنوبية ذروته خلال شهري سبتمبر وأكتوبر، عندما تكون غالبية النباتات وحيوانات اليابسة مختبئة في أمان تحت غطاء ثلجي، وتتمتع الكائنات البحرية بالميزة ذاتها، لكن تلك المرحلة باتت تمتد إلى شهر ديسمبر، وهو ما يتزامن مع فصل الصيف بتلك المنطقة من الكرة الأرضية.

بعض أنواع الأشعة فوق البنفسجية من الشمس، مثل أشعة "UV-B"، تزيد خطر الإصابة بسرطان الجلد، والماء الأبيض "الساد" في البشر، لكن ليس هناك دليل واضح على إذا ما كانت كائنات القارة القطبية تواجه الخطر نفسه.

ومن المرجح أن تتمتع الكائنات التي يغطي جسدها الفراء أو الريش – مثل البطاريق – بأمان في مواجهة تلك الأشعة، لكن الخطر الأكبر أن تنال الأضرار من صحة أعينها.

مركبات واقية من الشمس

"روبنسون" بحثت، بالتعاون مع زملائها، كافة الدراسات التي تناولت تأثير الأشعة فوق البنفسجية على كائنات تلك المنطقة، ومدى استجابة تلك الكائنات لما يحدث، ونشروا ما توصلوا إليه في دراسة نشرتها دورية Global Change Biology.

وأثبت العلماء أن الأشنات الموجودة في المنطقة – وهي نوع من أنواع النباتات – تُصنِّع مركبات واقية من الشمس لتحمي نفسها من الأشعة، ورغم أن الأمر يبدو إيجابياً فإن العلماء يخشون من ذلك التطور.

في حديث إلى موقع "بي بي سي"، تشير "روبنسون" إلى أن هذه الكائنات تستهلك كميات من الطاقة لتصنيع تلك المركبات، فتتراجع الكميات المتبقية اللازمة لعمليات النمو، كما ترى أن الهائمات النباتية التي توجد في تلك المنطقة سيكون عليها القيام بالأمر نفسه.

أما الكريل – وهي كائنات صغيرة الحجم تشبه "الجمبري" وتتوافر في المنطقة القطبية بأعداد كبيرة – فاكتشف العلماء أنها باتت تغوص لأعماق أبعد في المحيط هرباً من الأشعة فوق البنفسجية، وهو ما سيعود بالضرر على الكائنات التي تتغذى عليها من حيتان وبطاريق وغيرهما.

حرائق الغابات وثقب الأوزون

أحد الأسباب الرئيسية التي ساهمت في طول فترة تآكل الأوزون فوق ذلك الجزء من العالم، وفقاً للدراسة، هو حرائق الغابات غير المسبوقة التي التهمت مساحات من أستراليا خلال عامي 2019 و2020، وتقف وراءها ظاهرة التغيرات المناخية.

بحسب دراسة نقلها موقع "Mongabay"، وصلت مساحة المناطق التي اشتعلت فيها النيران إلى 24 مليون هكتار؛ أي ما يعادل مساحة المملكة المتحدة، فيما بلغ عدد الحيوانات النافقة أو التي اضطرت إلى الفرار إلى ما يتجاوز مليار حيوان.

وتفاقم الجزيئات التي تندلع من دخان حرائق الغابات أو من ثوران البراكين التفاعلات التي تتآكل بسببها طبقة الأوزون؛ ما يؤخر تعافيها.

جيم هاييود أستاذ علوم الغلاف الجوي في جامعة إكستر البريطانية، وصف – في حديثه إلى "بي بي سي" – طول مدة ظهور ثقب الأوزون، التي وصلت خلال السنوات الماضية إلى فترات قياسية، بجرس الإنذار.

على الجانب الآخر، تشير "روبنسون" إلى الأخطار التي تمثلها فكرة الهندسة الجيولوجية الشمسية، التي يرغب خلالها العلماء من خلالها في زيادة نسبة انعكاس أشعة الشمس وتقليل معدلات الاحترار، عبر محاكاة فكرة البراكين، بإطلاق مواد معينة إلى الغلاف الجوي.

وترى أن أهم شيء يمكننا القيام به هو تقليل الانبعاثات الكربونية في أسرع وقت ممكن؛ حتى تتراجع حرائق الغابات، ويتراجع الضغط على طبقة الأوزون.