نساء نجحن في توظيف الأمومة لحماية الأطفال من مخاطر تغير المناخ


سلمى عرفة
الخميس 19 أكتوبر 2023 | 01:55 مساءً

تظل غريزة الأمومة هي اللغة غير المكتوبة التي يتم بناؤها بين الأم والطفل، والدافع الأول على العطاء والتضحية غير المشروطة في سبيل تحقيق سعادة الأبناء.

ولحماية الأطفال من مخاطر التغيرات المناخية، سعت العديد من الأمهات في مختلف دول العالم إلى تنظيم جهودهن لتشكيل تنظيمات تدافع عن حق أبنائهن في الحياة النظيفة.

ويُقدَّر عدد الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين يوم واحد و14 عاماً بمليارَيْ طفل حول العالم.

تاريخ طويل

وتعود فكرة المنظمات التي تحاول من خلالها الأمهات حماية البيئة إلى عقود ماضية؛ حيث تصدَّت حركة "أمهات شرق لوس أنجلوس" في الولايات المتحدة للعنصرية البيئية، حين رفضت في تسعينيات القرن الماضي، فكرة إنشاء محرقة نفايات في منطقة ذات غالبية من أصل لاتيني، وفق صحيفة "نيويورك تايمز".

فيما تأسست في الهند حركة "تشيبكو" خلال السبعينيات من القرن الماضي، لمواجهة التعديات على أراضي الغابات، ودخلت عضوات الحركة في مواجهة مباشرة لمنع قاطعي الأشجار من مواصلة الممارسات التي يقومون بها.

عاد النشاط البيئي الذي تقوده الأمهات في الهند للبروز مجدداً؛ إذ تحوَّلت الصداقة بين عدة أمهات مُهتمَّات بمجال البيئة، إلى فكرة لإطلاق منظمة جديدة قبل عدة سنوات.

وانطلقت شبكة Warrior Moms في عام 2020، على يد 10 أمهات بهدف الحفاظ على حق الأطفال في استنشاق هواء نظيف، قبل أن ينضم إليها ما يزيد عن ألفَي أمّ أخرى في 9 ولايات هندية، وفق موقع Your Story.

وتعد الهند من الدول التي تشهد أعلى معدلات التلوث في العالم؛ إذ يتنفس 98% من أطفالها هواءً ملوثاً، حسب تقديرات منظمة الصحة العالمية.

وفي تصريحات لموقع "تايمز أوف إنديا"، تشير أنوجا بالي إحدى مؤسسات الشبكة، إلى تأثير أزمة الهواء الملوث على حياتها، وتروي كيف بدأت الأزمات التنفسية تُهاجِم طفلها قبل أن يُكمِل عامه الأول، وهي الأزمات التي لم تتوقف إلا بعد عدة سنوات، عندما انتقلوا من مدينة جورجاون التابعة لولاية هاريانا شمال البلاد، نحو الجنوب في مدينة تشيناي بولاية تاميل نادو.

وشاركت بالي في إجراء الاستطلاعات وإطلاق حملات تهدف إلى توعية الأفراد بمخاطر التلوث، بما في ذلك التلوث داخل المنازل من جراء استخدام الوقود غير النظيف في الطهي.

العِلم يجمع الأمهات

وعلى بُعد مسافات طويلة من الهند، نجحت 6 أمهات أخريات في تأسيس مجموعة باسم "Science moms"، لكن هذه المرة اجتمعن على أرضية مشتركة، وهي التخصص في مجال المناخ.

وتهدف المجموعة إلى نقل معلومات عن التغيرات المناخية وحماية الأطفال من مخاطرها إلى قطاع أوسع من الجمهور بأسلوب مبسط وجذاب، إضافة إلى حث المسؤولين على اتخاذ المزيد من الخطوات لمواجهة الأزمة.

وفي إعلان للمؤسسة، تقول الدكتورة إميلي فيشر إحدى علماء الغلاف الجوي في جامعة ولاية كولورادو الأمريكية: "منذ اللحظة التي تُنجب فيها، تود أن تفعل كل ما في وسعك من أجل حماية أطفالك. وأنا أعتقد أن عملنا المناخي لا يختلف عن هذا الأمر؛ فهو امتداد لفكرة الأمومة".

واستعادت فيشر، خلال مقابلة مع موقع Mashable، ذكريات حريق "كاميرون بيك" الذي اندلع في 2020، واستمر لما يزيد عن 100 يوم، ليصبح حريق الغابات الأسوأ الذي تشهده الولاية في تاريخها.

رغم نجاح عائلة فيشر في العودة إلى منزلها الذي لم تُدمِّره النيران آنذاك، فإن دخان الحريق ظل متشبثاً بالسماء لفترة طويلة، بالتزامن مع تساؤلات لا تنتهي من ابنتَيها حول إمكانية الخروج من المنزل، وبات التوازن بين تحقيق الأمان والرفاهية النفسية مهمة صعبة للغاية.

أمهات قَلِقَات

أما مؤسسة Mothers Rise Up البريطانية، فتم تأسيسها من خلال 4 أمهات التقَيْن في تظاهرة تدعو لمواجهة أزمة المناخ، حَمَلْنَ فيها لافتاتٍ مكتوباً عليها "أم قلقة".

إحدى هؤلاء النساء هي مايا ميلر، وهي أم لثلاثة أطفال أعمارهم 12 و10 و5 سنوات، وقد عملت طويلاً في مجال حقوق الإنسان، ووجدت نفسها مُحاصَرة بأسئلة أطفالها حول الاحتباس الحراري.

وعملت ميلر مع عدد من المنظمات الدولية، مثل منظمة أوكسفام الخيرية الدولية، ومجموعة الأزمات الدولية، وعدة منظمات إنسانية أخرى، قبل أن تتولى إعداد الحملات التي تقوم بها المؤسسة الجديدة، وإعداد السياسات التي تقوم عليها.

وخلال السنوات الماضية، نظمت المؤسسة – بالتعاون مع مؤسسات أخرى تربط بين الأسرة وقضية التغيرات المناخية – العديد من الفعاليات التي تضغط بها على المؤسسات التي تُفاقِم أنشطتُها أزمةَ المناخ.