كافة ممارسات البشر التي تساهم في ارتفاع الغازات الدفيئة يمكن وقفها أو كبحها بشكل ما، إلا ممارسة واحدة تساهم في ارتفاع ثاني أكسيد الكربون بالجو، وهي التنفس، إذ يطلق الإنسان عبر الزفير أطنان من الكربون بلا توقف.
السؤال الذي يجب أن يطرح، هل الخلل البيئي الموجود حاليا، يجعل من زفير البشر سببا في رفع معدلات الاحتباس الحراري؟
يطلق الشخص العادي زفيراً بمعدل 0.66 كيلو جرام من ثاني أكسيد الكربون يومياً، وهذا يعني أن سكان العالم الذين يبلغ عددهم أكثر من 7 مليارات شخص، يُطلقون مليون و700 ألف طن من ثاني أكسيد الكربون بالغلاف الجوي سنوياً، كما يمثل زفير البشرية 4% من كمية ثاني أكسيد الكربون المنبعثة، نقلاً عن موقع "Newscientist".
تأثير الزفير البشري على المناختختلف كمية الكربون التي يطلقها الفرد من شخص لآخر، فعند ممارسة الرياضة، يزيد معدل إطلاق الكربون، ويصل إلى 8 أضعاف كمية ثاني أكسيد الكربون التي ينتجها الذين لا يمارسون التمرينات الرياضية، كما تختلف كمية الانبعاثات التي يولدها الشخص بناءً على عدد من العوامل الأخرى مثل "الثروة"؛ إذ تشير الدراسات إلى أن أغنى الأفراد حول العالم هم من يولدون معظم الانبعاثات.
ورغم أننا نطلق غاز ثاني أكسيد الكربون؛ فإنه جزء من دورة طبيعية، حيث تقوم أجسامنا بتحويل الكربوهيدرات من ثاني أكسيد الكربون الممتص من النباتات إلى طاقة بالإضافة إلى الماء وثاني أكسيد الكربون، وفقاً لـ"Sciencefocus".
وقال "إيان بليمر" أستاذ جيولوجيا التعدين بجامعة أديليد:"عند مواجهة تحدي تقليل الانبعاثات، يشعر بعض الأشخاص بغضب شديد، ويقولون "لماذا علينا أن نتعب؟ حتى التنفس يخلق انبعاثات كربونية!"، ولكن هذا غير صحيح؛ إذ هناك علاقة طبيعية وصحية بين الإنسان والكربون"؛ حيث أن كل ما نتناوله من نباتات يحتوي على نسبة من الكربون تخرج مرة أخرى دون تأثير على المناخ.
ومن ثم عندما نتنفس فحن نعيد إلى الهواء نفس الكربون الذي كان موجوداً بالفعل، ولكن عندما يعتمد الإنسان على مصدر خارجي للكربون، يزيد ذلك من بصمته الكربونية، كاستخدام الوقود الأحفوري أو الأنشطة البشرية المعتادة.
يشبه الجسم البشري في آلية عمله الحيوانات؛ لأن كلًا منهما يعزل الكربون بطريقته إذ يمثل الكربون 18% من وزن الجسم، وإذا كان متوسط وزن الإنسان 54 كيلو جراماً، فهناك حوالي 9.5 كيلو جراماً من الكربون المخزن بجسم الإنسان، نقلاً عن "مجلس الدفاع عن الموارد الطبيعية".
تأثير زيادة الكثافة السكانية على المناخ
في كل مرة نضيف فيها مليار شخص إلى سكان الكوكب -وهو ما نقوم به الآن كل 12 عاماً-، ينتهي بنا الأمر بسحب 10.8 مليون طن من الكربون من الغلاف الجوي، أي ما يكفي لتعويض الإنتاج السنوي لما يقرب من 9 ملايين سيارة.
حتى عندما يموت شخص يأخذ معه القليل من الكربون؛ إذ تتحلل العظام ببطء شديد وستظل كمية ضئيلة من الكربون محتجزة في الأرض، ومن الناحية الفسيولوجية فإن وجود البشرية والماشية يزيل الكربون من الغلاف الجوي، ولكن بمعدل بطئ للغاية.
ومن الناحية العلمية، يساهم كل شخص إضافي في زيادة معدل الكربون في الغلاف الجوي؛ لأننا نحرق كمية أكبر بكثير من تلك المخزنة بأجسامنا، لذا يفضل تربية الماشية على الأطعمة النباتية منخفضة الكربون؛ ما يقلل من الانبعاثات المنطلقة أثناء عملية الزفير.
ينمو عدد سكان العالم بنحو 80 مليون شخص سنوياً، أي ما يقرب من 220 ألف شخص يومياً، وهذا يعني أن 220 ألف شخص جديد سيضيفون بصمتهم الكربونية على الكوكب طوال حياتهم؛ ما يزيد من احتمالية تدفق غازات الدفيئة إلى الغلاف الجوي، كما يطلق الجنس البشري حوالي 140 مليار نفس من ثاني أكسيد الكربون كل دقيقة.
زيادة أعداد السكان، تعني أيضاً قيادة المزيد من السيارات، وبناء العديد من المباني السكنية والتجارية، وتناول كميات أكبر من الطعام الملوث للبيئة؛ إذ يساهم إنتاج الغذاء العالمي بنحو 30٪ من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.
ووفقاً للمركز الإعلامي للسكان (PMC)، ذكرت وكالة ناسا أن الأنشطة البشرية تزيد من متوسط درجة الحرارة العالمية بمقدار 0.36 درجة فهرنهايت، أو 0.2 درجة مئوية كل 10 سنوات؛ ومن ثم يؤثر النمو السكاني على قدرة الأرض فيما يتعلق بتحمل تغير المناخ وامتصاص الانبعاثات. وتتسبب أيضاً الزيادة السكانية في إزالة الغابات؛ لتحويل الأرض للاستخدام الزراعي لتوفير الطعام للأعداد المتزايدة، نقلاً عن "Populationmatters".
ومن المتوقع أنه سيكون هناك ملياري شخص بحلول عام 2050، وثلاثة مليارات ونصف المليار بحلول عام 2100، وفقاً للأمم المتحدة؛ لذا البحث عن حلول سريعة لتوفير الموارد الغذائية وسبل العيش أصبح من أصعب التحديات الآن، في ظل الظروف المناخية القاسية المتمثلة في الفيضانات والسيول، التي ينتج عنها تهجير عدد كبير من سكان العالم إلى أماكن أخرى؛ ما يضغط على الموارد في البلاد التي ينتقلون إليها.