اختفاء طنين النحل.. مؤشر خطير يهدد التنوع البيولوجي


سارة شعبان
الخميس 13 نوفمبر 2025 | 04:13 مساءً
طنين النحل
طنين النحل

يبدو طنين النحل مجرد صوتاً مألوفاً في الطبيعة، لكنه في الحقيقة يحمل أهمية حيوية للنظم البيئية، فطنين النحل لا يقتصر على كونه وسيلة للتواصل أو للدفاع، بل يعد عنصراً أساسياً في عملية التلقيح، وخاصة ما يُعرف بـ"التلقيح بالطنين" ، وهي تقنية يستخدمها النحل لاستخلاص حبوب اللقاح من بعض الأزهار التي لا يمكن تلقيحها إلا بهذا الشكل مثل الطماطم والباذنجان والتوت البري.

لكن، ومع ازدياد الضغوط البيئية، يتعرض النحل لمجموعة من التهديدات التي تؤثر على قدرته على الطنين بشكل فعال، أبرزها المبيدات الحشرية، والتلوث الضوضائي، والتغيرات المناخية.

وقد أوضحت دراسة جديدة، أن التغيرات البيئية مثل ارتفاع درجات الحرارة والتعرض للملوثات كالمعادن الثقيلة، لا تؤثر فقط على صحة النحل العامة، بل تمتد لتؤثر على صوته أيضاً.

فقد تبين أن هذه العوامل تقلل من تردد ونبرة الصوت الناتج عن اهتزازات أجنحة النحل غير المرتبطة بالطيران، وهي الاهتزازات التي يستخدمها النحل أثناء أنشطة مثل التلقيح الصوتي أو التواصل مع باقي أفراد الخلية، وهذا الخلل في "طنين" النحل قد يضعف قدرته على أداء دوره الحيوي كملقِّح، ويؤثر في جودة التواصل بينه وبين النحل الآخر، مما يهدد فعالية المنظومة البيئية التي يعتمد عليها.

آلية عمل النحل

وفي هذا السياق، يوضح الدكتور تشارلي وودرو، الباحث في مرحلة ما بعد الدكتوراه بجامعة أوبسالا :"لطالما أبدى العلماء اهتماماً كبيراً بفهم كيفية عمل عضلات الطيران لدى الحشرات، فهي من أكثر أنظمة الحركة كفاءةً في الطبيعة. لكن ما لا يعرفه كثيرون هو أن النحل لا يستخدم هذه العضلات للطيران فقط، بل يعتمد عليها أيضاً في أنشطة أخرى بالغة الأهمية، مثل إصدار الاهتزازات الصوتية اللازمة للتلقيح أو التواصل داخل الخلية.

بمعنى آخر، فإن عضلات الطيران لدى النحل تُستخدم أيضاً كأداة دقيقة لإنتاج أصوات لها وظائف متعددة، وليس فقط لرفع الحشرة في الجو، وبالتالي، فإن أي ضرر يصيب هذه العضلات، سواء بفعل الحرارة أو التلوث، قد يترك أثراً مضاعفاً على سلوك النحل وفعاليته البيئية.

وأوضح الدكتور وودرو: "التلقيح بالطنين سلوكٌ مذهل، حيث تلتف النحلة بجسمها حول السداة التي تخفي حبوب اللقاح في بعض الأزهار، وتنقبض عضلات الطيران حتى 400 مرة في الثانية لإنتاج اهتزازات تُحرِّك حبوب اللقاح".

وتابع الدكتور وودرو: "نريد أن نفهم كيف يؤثر تباين هذه الاهتزازات على إطلاق حبوب اللقاح، لفهم تكاثر النباتات وسلوك الملقحات".

وأضاف: "هذا ألهمنا للبحث في كيفية اختلاف الطنين غير الطائر داخل الأنواع وفيما بينها، والعوامل المؤثرة عليه".

تجارب سريرية

أُجريت تجارب الدكتور وودرو باستخدام مستعمرات من النحل الطنان ذي الذيل البني ( Bombus terrestri s)، وهو نوع أوروبي شائع دُرِس جيداً.  

وباستخدام أجهزة قياس التسارع، تمكّن الدكتور وودرو وفريقه من قياس تردد الطنين، الذي يتوافق مع درجة الصوت المسموعة.

قام الدكتور وودرو وفريقه أيضاً بدمج قياس التسارع مع التصوير الحراري، مما يوضح لهم كيفية تعامل النحل مع الحرارة الزائدة التي يولدها عند الطنين.

يقول الدكتور وودرو: "لقد استخدمنا التصوير عالي السرعة للكشف عن سلوكيات لم يسبق لها مثيل، على سبيل المثال، اكتشفنا مؤخراً أن النحل لا يهتز على الزهور فحسب، بل ينقل هذه الاهتزازات إليها دورياً عن طريق العض".