قصص لاجئين مناخيين.. حين تجبرك الطبيعة على ترك منزلك


سارة شعبان
الاحد 21 ديسمبر 2025 | 12:40 مساءً
الكوارث الطبيعية تتسبب في التهجير
الكوارث الطبيعية تتسبب في التهجير

لم يعد اللجوء مقتصراً على الحروب أو الاضطهاد السياسي، فاليوم تُجبر كوارث المناخ الملايين على مغادرة ديارهم، وهؤلاء هم "اللاجئون المناخيون"، أشخاص اضطروا لترك منازلهم بسبب الفيضانات، والجفاف، وارتفاع منسوب البحار، والحرائق، وغيرها من الظواهر البيئية المتطرفة الناتجة عن تغيّر المناخ.

في بنجلاديش، واحدة من أكثر الدول عرضة لتغير المناخ، اضطر آلاف السكان إلى النزوح من القرى الساحلية بسبب ارتفاع مياه البحر وتآكل ضفاف الأنهار، تقول صالحة بيجوم، وهي أم لثلاثة أطفال"منزلنا غمرته المياه ثلاث مرات خلال خمس سنوات... لم يعد لنا مكان نعيش فيه سوى الأكواخ على أطراف العاصمة دكا".

ضحايا التغير المناخي

أما في إفريقيا، فقد أجبر التصحر الشديد سكان مناطق شاسعة من النيجر وتشاد ومالي على الهجرة إلى مناطق أكثر خصوبة، ووفقاً لتقارير المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR)، فإن أكثر من 80% من النازحين في منطقة الساحل الإفريقي يرتبط نزوحهم بأسباب مناخية.

وفي جزر المحيط الهادئ، تواجه دول مثل كيريباتي وتوفالو خطر الزوال الكامل نتيجة ارتفاع منسوب البحار، ما دفع بعض الحكومات إلى شراء أراضي في دول مجاورة مثل فيجي استعداداً لنقل السكان في المستقبل، في خطوة وصفتها الأمم المتحدة بأنها "لجوء مناخي غير رسمي".

اللاجئ المناخي لا يحمل هوية

ورغم ازدياد أعداد المتضررين، فإن القانون الدولي لا يعترف رسمياً بـ"اللاجئ المناخي"، ولا تشمل اتفاقية اللاجئين لعام 1951 لاجئي المناخ.

ووفقاً لإحصاءات حديثة نشرها مركز رصد النزوح الداخلي، نزح أكثر من 376 مليون شخص حول العالم قسراً بسبب الفيضانات والعواصف والزلازل والجفاف منذ عام 2008، مع رقم قياسي بلغ 32.6 مليون شخص في عام 2022 وحده.

ومنذ عام 2020، سُجِّلت زيادة سنوية في إجمالي عدد النازحين بسبب الكوارث، مقارنةً بالعقد السابق، بنسبة 41% في المتوسط، ويتضح هذا الاتجاه التصاعدي بوضوح مثير للقلق، ومع كون تغير المناخ العامل المحفز الرئيسي، سيستمر عدد "لاجئي المناخ" في الارتفاع.

ويتوقع معهد الاقتصاد والسلام أنه في أسوأ السيناريوهات، قد ينزح 1.2 مليار شخص بحلول عام 2050 بسبب الكوارث الطبيعية والتهديدات البيئية الأخرى.

على الرغم من الخطوات المتخذة في الاتجاه الصحيح، لا تزال الاستجابات الوطنية والدولية لهذا التحدي محدودة، ولا تزال الحماية للمتضررين غير كافية.

تتوقع المنظمة الدولية للهجرة (IOM) أن يصل عدد النازحين بسبب الكوارث البيئية إلى أكثر من 200 مليون شخص بحلول عام 2050، إذا لم تُتخذ إجراءات جذرية للحد من التغير المناخي ودعم المجتمعات الضعيفة.

قصص اللاجئين المناخيين تذكّر العالم أن أزمة المناخ ليست نظرية، بل كارثة يومية تُفقد الناس بيوتهم، وهويتهم، وحتى أوطانهم.