موجة حر قوية سابقة: تركت أثراً طويل الأمد على المحيطات والشبكات الغذائية


محمد محسن
الاحد 09 نوفمبر 2025 | 01:31 مساءً
موجات الحر والمحيطات
موجات الحر والمحيطات

في عام 2023، شهدت محيطات العالم موجة حر غير مسبوقة استمرت لنحو 525 يوماً، وهي مدة أطول 4 مرات تقريباً من المتوسط، استمرت لمدة عامين، والآن كشفت دراسة جديدة أن موجة متواصلة من ارتفاع الحرارة دفعت النظم البيئية البحرية إلى أقصى طاقتها، لكن ماذا حدث؟

نتيجة موجة الحر غير المسبوقة، تعرضت الأنواع البحرية لإجهاد كبير، وليس هذا فحسب، بل أيضاً امتد أثرها وتسبب في تبييض المرجان على نطاق واسع، وهجرة الأسماك، وانهيار شبكات غذائية بأكملها، بحسب ما نشرته مجلة "Science" العلمية.

%96 من ارتفاع الحرارة يغمر المحيطات

هذا العام، لم يمر مرور الكرام، فشهدت محيطات العالم موجة غير مسبوقة من ارتفاع درجات الحرارة، غمرت ما يقرب من 96% من سطحها، لم تكن هذه الأحداث أشدّ من أي شيء رُصد سابقاً، واستمرت لفترة أطول بكثير، مما يشير إلى تزايد الضغط على النظم البيئية البحرية.

ويحذر العلماء من أن هذا الارتفاع الهائل في درجات الحرارة يعد مؤشراً على اقتراب المحيطات من نقطة تحوّل خطيرة، مع عواقب تمتد من أعماق البحار إلى المجتمعات الساحلية.

الحرارة تضرب أغنى مناطق التنوع البيولوجي

تركزت أشد درجات الحرارة في مناطق شمال الأطلسي، والشرق الاستوائي وشمال المحيط الهادئ، وجنوب غرب المحيط الهادئ، والتي تُمثل مجتمعة 90% من الانحرافات في درجات الحرارة، وتعتبر هذه المناطق موطناً لبعض من أغنى التنوع البيولوجي على كوكب الأرض، مما يعني أن تأثير الحرارة ليس بيئياً فحسب، بل اقتصادياً أيضاً، مما يهدد مصائد الأسماك وسبل عيش الملايين.

موجات الحر.. وتغير المناخ

ترتبط شدة موجات الحر بتنوع قوي من تغير المناخ وتغير الأنماط الطبيعية، فمع تقلص الغطاء السحابي، وصل المزيد من ضوء الشمس إلى سطح المحيط ودفئه، ولم تتمكن الرياح الضعيفة من خلط المياه العليا، مما سمح بتراكم الحرارة، بينما حبستها التيارات المتغيرة، وقد هيأت هذه العوامل مجتمعةً الظروف المثالية لارتفاع درجات حرارة المحيطات بشكل متصاعد والحفاظ على ارتفاعها.

لا تبقى موجات الحر البحرية في البحر بل تمتد عبر الكوكب، حيث تغذي المياه الدافئة عواصف استوائية وأعاصير أقوى ، محولة إياها إلى أنظمة مناخية مدمرة قادرة على تدمير مناطق بأكملها، وقد شهد موسم العواصف لعام 2023 هذه الطاقة الإضافية، مع أحداث شديدة بشكل غير عادي مرتبطة بارتفاع درجات حرارة المحيطات إلى مستويات قياسية.

ليست الحرارة فقط

لا تنتهي الأزمة عند الحرارة فقط، فارتفاع حموضة المحيطات الناتج من ذوبان ثاني أكسيد الكربون في مياه البحر يتزايد بشكل مستمر، مما يزيد الضغط على الحياة البحرية، ويحذر العلماء من أنه إذا استمرت الانبعاثات دون رادع، فقد تصبح الظروف المناخية القاسية لعام 2023 حدثاً متكرراً، مع تداعيات وخيمة على الأمن الغذائي وحماية السواحل واستقرار المناخ.