شهد الحاجز المرجاني العظيم في أستراليا تراجعاً غير مسبوق في الغطاء المرجاني الصلب خلال عام واحد، ويعد ذلك كبر انخفاض يُسجل منذ بدء المراقبة قبل 39 عاماً، وفقاً لأحدث تقرير صادر عن المعهد الأسترالي لعلوم البحار (AIMS).
ويأتي ذلك نتيجة موجة حر بحرية قياسية ضربت المنطقة العام الماضي، وأسفرت عن خامس حادثة ابيضاض جماعي واسعة النطاق منذ عام 2016.
انخفاض حاد في منطقتين من أصل ثلاث
أظهر المسح السنوي الذي أجراه المعهد على 124 شعاباً مرجانياً بين أغسطس 2024 ومايو 2025، أن منطقتي الشمال والجنوب شهدتا أكبر انخفاضاً سنوياً في الغطاء المرجاني منذ بدء الرصد عام 1986.
ففي المنطقة الشمالية، تراجع متوسط الغطاء المرجاني من 29.8% إلى 30%، بينما انخفض في الجنوب من 38.9% إلى 26.9%. أما المنطقة الوسطى، فقد سجلت انخفاضاً أقل حدة من 33.2% إلى 28.6%، مع تسجيل بعض الشعاب المرجانية هناك نسب نمو واستقرار في الغطاء المرجاني.
رغم التراجع.. الشعاب لا تزال حية
ورغم هذه الخسائر، أكد المعهد أن الغطاء المرجاني لا يزال موجوداً بنسب متفاوتة في معظم الشعاب التي شملها المسح، حيث سجّلت 77 شعاباً نسبة غطاء مرجاني تراوحت بين 10% و30%، و33 شعاباً بين 30% و50%، و10 شعاباً بين 50% و75%، فيما تجاوز الغطاء المرجاني الصلب في شعابين فقط نسبة 75%.
تغير المناخ في قلب الأزمة
وأرجعت الرئيسة التنفيذية لمعهد AIMS، البروفيسورة سيلينا ستيد، هذه الخسائر إلى تأثيرات تغير المناخ، قائلة:"تقدم هذه النتائج دليلاً قوياً على أن ارتفاع درجة حرارة المحيط، الناجم عن تغير المناخ، لا يزال يؤدي إلى تأثيرات كبيرة وسريعة على مجتمعات الشعاب المرجانية".
ودعت ستيد إلى ضرورة خفض انبعاثات الغازات الدفيئة وإدارة الضغوط المحلية والإقليمية على هذه الأنظمة البيئية الحساسة، إلى جانب تطوير وسائل مبتكرة تساعد الشعاب على التكيف والتعافي.
ظاهرة الابيضاض: أزمة تتكرر
يحدث ابيضاض المرجان عندما تتعرض الشعاب المرجانية للإجهاد الحراري نتيجة ارتفاع درجات حرارة مياه البحر، ما يدفع الطحالب التكافلية لمغادرة أنسجة المرجان، مسببة فقدان اللون ومهددة بموته في حال استمرار الظروف القاسية.
وبحسب التقرير، فإن تكرار هذه الحوادث يزيد من ضعف المرجان، ويحد من قدرته على التجدد والتكاثر، مما يهدد استدامة النظام البيئي بأكمله.
أزمة عالمية تتسارع
لا تقتصر هذه الظاهرة على أستراليا فحسب، إذ شهدت الشعاب المرجانية في العالم أزمة غير مسبوقة أيضاً، حيث تأثر نحو 83.7% من مساحة الشعاب المرجانية في 83 دولة على الأقل بإجهاد حراري ناتج عن الابيضاض منذ يناير 2023، وفقاً للإدارة الوطنية الأمريكية للمحيطات والغلاف الجوي (NOAA).
كما سجّل العالم في عام 2024 أعلى مستويات حرارة للمحيطات في تاريخ الرصد الممتد 65 عاماً، وفق بيانات المنظمة العالمية للأرصاد الجوية (WMO)، في وقت بلغ فيه معدل احترار المحيطات في العقدين الأخيرين أكثر من ضعف المعدل خلال النصف الثاني من القرن العشرين.