الاحتفالية الدولية فرصة للتعاونيات لعرض مساهماتها في بناء مستقبل مستدام، وتسريع الجهود لتنفيذ أهداف التنمية المستدامة (SDG) بحلول سنة 2030


المحرر
الاثنين 15 يوليو 2024 | 03:12 مساءً

د. يوسف الكمري

 أستاذ باحث في علوم البيئة واستشاري في التنمية المستدامة

 مركز التنمية لجهة تانسيفت، مراكش، المملكة المغربية

خلال السادس من تموز/ يوليوز، احتفلت التعاونيات حول العالم باليوم الدولي للتعاونيات تحت شعار «التعاونيات تبني مستقبلاً أفضل للجميع». وشكلت الاحتفالية فرصة للتعاونيات لعرض مساهماتها الحالية والتاريخية في بناء مستقبل مستدام، وتسريع الجهود لتنفيذ أهداف التنمية المستدامة (SDG) بحلول عام 2030. يتماشى هذا الشعار جيداً مع أهداف قمة مؤتمر القمة المعني بالمستقبل المقبل الذي يحمل شعار "حلول متعددة الأطراف من أجل غد أفضل".

كما مكن للتعاونيات في اليوم الدولي للتعاونيات لعام 2024 (#CoopsDay)، أن تعرض معاييرها العالية للنمو الشامل والمستدام، وخدمتها كمدافعين عن حماية البيئة ومكافحة تغير المناخ والتصحر. تُمثل التعاونيات مثالاً للسلام والاستقرار من خلال الحكامة الرشيدة المشتركة، حيث تجمع الناس من خلفيات متنوعة على قدم المساواة وتعزز الفهم والاحترام.

وقد أشار تقرير الأمين العام للأمم المتحدة لعام 2023 حول دور التعاونيات في التنمية الاجتماعية إلى أن التعاونيات لها سجل حافل في تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية لجميع المجتمعات المحلية بما في ذلك الفئات المهمشة. أكيد على أن هذا اليوم العالمي سيسهم في بناء الزخم نحو السنة الدولية للتعاونيات في عام 2025 والتي أعلنتها الأمم المتحدة العام الماضي. كما بعد اليوم العالمي للتعاونيات فرصة مثالية لتسليط الضوء على أن هذه المؤسسات لتبني مستقبلاً أفضل للجميع، تخلق وظائف كريمة، وتدافع عن المساواة بين الرجال والنساء، وتشجع التضامن، خصوصاً بمشاركة الأجيال الجديدة. حيث تضع التعاونيات المجتمعات المحلية والبيئة والموارد الطبيعية ضمن الأولويات من خلال خلق ظروف مثالية للمنتجين والمستهلكين بفضل حس المسؤولية الاجتماعية المتأصل فيها، إنها تعلم، وتعتني، وتدير الموارد الطبيعية والمالية لكل مجتمع بهدف خدمة الصالح العام.

 لقد أثبتت التعاونيات جدارتها في تنظيم العلاقات الاجتماعية والاقتصادية على مدى منتي عام ويعد اليوم الطريق الأكثر مباشرة نحو مستقبل مستدام اجتماعياً، اقتصادياً، وبينياً. كما تعزز التعاونيات كذلك المساواة في خارج إطارها، حيث أنها قائمة على فكرة المجتمع ، فهي بالتالي ملتزمة بالتنمية المستدامة لمجتمعاتها في المجالات البيئية والاجتماعية والاقتصادية. ويثبت هذا الالتزام نفسه في دعم الأنشطة المجتمعية، وتوفير المصادر المحلية للإمدادات، مما يعود بالنفع على الاقتصاد المحلي، فضلا هم دعمها عملية اتخاذ القرارات التي تراعي الأثر على مجتمعاتها المحلية. وعلى الرغم من تركيز التعاونيات على المجتمع المحلي، فإنها تتطلع كذلك إلى تعميم منافع نموذجها الاقتصادي والاجتماعي جميع الناس في العالم. وينبغي أن تُحكم العولمة من خلال مجموعة من القيم مثل قيم الحركة التعاونية؛ وإلا فإنها ستسبب في مزيد من التفاوت والتجاوزات، التي تجعلها — العولمة — نموذجا غير مستدام.

ففي عالم مهدد بمختلف أشكال النزاعات غير المقبولة ويشهد تفاوتات متزايدة، ومهدد بتغير المناخ والتصحر، يجب علينا تعميق النموذج التعاوني، ليس فقط داخل منظماتنا بل . أيضاً خارجها، لزيادة تأثيرنا على نطاق عالمي. في هذا الصدد، عملت الأمم المتحدة إلى إعلان عام 2025 باعتباره السنة الدولية الثانية للتعاونيات : بعد النسخة الأولى الناجحة في عام 2012. ستبدأ الاحتفال بهذه المناسبة في نيودلهي من 25 إلى 30 نوفمبر، خلال المؤتمر العالمي للتعاونيات للتحالف التعاوني الدولي وجمعيته العامة. وبفضل جهود كل من يؤمن بتعاونياتهم ويقومون بمهام جسيمة يومياً، سنبقى متجذرون في مجتمعاتنا، نستجيب محلياً للتحديات العالمية متكاملين من خلال المبادرات والمشاريع الرامية إلى تحقيق التنمية المستدامة للمجتمعات المحلية وأيضاً محافظين على الموارد الطبيعية في ظل تدهورها وندرتها.

في هذا الاطار، وتخليداً للذكرى 102 للحلف التعاوني الدولي والذكرى 30 لمنظمة الأمم المتحدة لليوم العالمي للتعاونيات تحت شعار التعاونيات تبنى عالماً أفضل للجميع" ، يسهم *مركز التنمية لجهة تانسيفت*، مراكش، المملكة المغربية، منظمة غير حكومية ذات صفة المنفعة العامة منذ سنة 2006، عبر تنفيذه لمشروع: *تأطير ومواكبة التعاونيات النسائية بجهة مراكش-آسفي (المغرب) من خلال تبني حلول تعتمد على الطبيعة وأساليب الإنتاج المستدامة والمحافظة على الموارد الطبيعية في ظل التغير المناخي والتصحر *، والممول من طرف "صندوق المنح الخضراء العالمي" (Global Greengrants Fund) وبمساهمة مجموعة من الشركاء المحليون والإقليميون، إلى ترسيخ النموذج التعاوني على مستوى جهة مراكش-آسفي، والذي يعتبر الآلية التشاركية الكفيلة لدعم وتعزيز قدرات التعاونيات النسوية الفاعلة في مجال الفلاحة والمنتجات المجالية في مختلف مراحل بلورة وتنفيذ ومتابعة واستعراض "مشاريع التكيف مع التغير المناخي والحد من التصحر وتدهور التنوع البيولوجي، اعتمادا على ادماج مقاربة النوع الاجتماعي والاهتمام بقضايا المرأة في الوسط القروي". 

ولهذا المشروع ايضاً أدواراً رائدة على الصعيد الاقليمي والدولي، بحيث سيوافق عام 2024 الذكرى الثلاثين لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، حيث ستعقد الدورة السادسة عشرة لمؤتمر الأطراف (COP 16) لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر (UNCCD) في العاصمة السعودية، الرياض، في الفترة من 2 إلى 13 كانون الأول/ ديسمبر 2024. كما ستعقد الدورة التاسعة والعشرون لمؤتمر الأطراف (COP 29) لاتفاقية الأمم المتحدة للمناخ (UNFCCC ) في باكو بأذربيجان بين 11 و24 نوفمبر/تشرين الثاني 2024. بحيث سيصدر عن هذا المشروع تقريراً سيتضمن أهم الرسائل والتوصيات المنبثقة من الورشات التفاعلية واللقاءات والزيارات الميدانية حول فرص وتحديات ادماج مقاربة النوع الاجتماعي في العمل المناخي والحفاظ على الموارد الطبيعية للتعاونيات الفلاحية بجهة مراكش-آسفي (المغرب)، من خلال تبني حلول تعتمد على الطبيعة وأساليب الإنتاج المستدامة والمحافظة على الموارد الطبيعية في ظل التغير المناخي والتصحر. 

وتكمن أهمية المشروع أيضاً أيضا في نهج مقاربة تشاركية في التنفيذ والتقييم. فهو يضّم ممثلين رفيعي المستوى عن التعاونيات والمجتمع المدني بالمغرب، بالإضافة إلى المنظمات غير الحكومية الاقليمية والعربية المعنية بمتابعة تنفيذ أجندة التنمية المستدامة لعام 2030، وبالخصوص الهدف 5 (المساواة بين الجنسين وتمكين النساء والفتيات) والهدف 13 (العمل المناخي)،والهدف 14 (التنوع البيولوجي والتصحر)، وممثلين عن الأوساط الأكاديمية ومراكز البحوث ووسائل الإعلام. يشار إلى أن مركز التنمية لجهة تانسيفت (CDRT)، وهو جمعية ذات صفة المنفعة العامة منذ سنة 2006، وله صفة مراقب عن المجتمع المدني في مفاوضات اتفاقية الأطراف في شأن المناخ (CCNUCC) خلال مؤتمرات المناخ للأمم المتحدة (COP) منذ سنة 2010، وراكم خبرة في مجال شراكة وتعاون مثمرين منذ سنوات مع عدد من التعاونيات والجمعيات بجهة مراكش-آسفي (المملكة المغربية)، وسيتم تنفيذ المشروع انسجاماً مع دعوة المنتظم الدولي والعربي إلى زيادة الاتساق والتآزر ضمن منظومة التعاونيات والمجتمع المدني على الصعيد الوطني والإقليمي. كما سيتبنى حملة اليوم العالمي للبيئة لهذا العام على إصلاح الأراضي والتصحر والقدرة على التكيف مع الجفاف تحت شعار "أرضنا مستقبلنا. #معا_نستعيد_كوكبنا