"هي الهدف".. مبادرة تنطلق من واحة تونسية لإنقاذ المهن الصديقة للبيئة


سلمى عرفة
السبت 20 يوليو 2024 | 04:37 مساءً

في مقدمة صفوف المواجهة لكل كارثة مناخية أو بيئة، ستجد حتماً المرأة متصدرة؛ لكونها صاحبة الدور الاجتماعي الأبرز؛ فهي الأكثر عرضةً لأضرار موجات الجفاف والفيضان، وغيرهما من الكوارث الطبيعية التي تهدد مصادر الدخل التي يعتمدن عليها.

النساء أيضاً يقمن بدور هام في التوعية بأضرار الاحتباس الحراري، وبدعم المشروعات التي تساهم في إنقاذ المهن الصديقة للبيئة، والتي تحاول الصمود أمام الصناعات التي تستهلك كميات كبيرة من الطاقة، وتؤدي إلى زيادة انبعاثات غازات الدفيئة التي ترفع درجة حرارة الأرض.

في جنوب تونس، وبالتحديد في واحة "شنني" التابعة لمحافظة قابس، قررت سمية رزق تأسيس جمعية غير ربحية باسم "هي الهدف" تدعم بها النساء في المنطقة التي طالتها أضرار التغيرات المناخية من جفاف وندرة مياه، وغيرها من الآثار.

البداية من "كورونا"

في حديثها إلى "جرين بالعربي"، تقول "رزق" إن فكرة تأسيس الجمعية تعود إلى عام 2020، خلال فترة جائحة كورونا، التي هددت العديد من الفئات.

وأوضحت أن فكرة المؤسسة تدعم النساء الحِرْفيات بالواحة، وتعمل على تحقيق عدد من أهداف التنمية المستدامة، وهي القضاء على الفقر، والعمل المناخي، والعمل اللائق ونمو الاقتصاد.

مؤسِّسة الجمعية الحاصلة على شهادة الأستاذية "البكالوريوس" في الدراسات التجارية العليا، وشهادة الماجستير المهني في النقل واللوجستية والتهيئة لسيرورة التنمية، استغلت مهاراتها في دعم النساء لتنفيذ مشروعات لا تعود على البيئة بأضرار تُفاقِم ما يعانيه كوكبنا.

ثروة المخلفات

تشير "رزق" إلى تدريب النساء على إعادة تدوير مخلفات الواحة، مثل سعف النخيل – الذي تنتشر زراعته في المنطقة – لتصنيع منتجات مختلفة مثل المظلات والسلال، علاوةً على تدريبهن على إعادة تدوير الملابس، واستخدامها في تصنيع الزرابي، وهو نوع من أنواع السجاد اليدوي الذي تُشتهَر به تونس، لكنه يواجه خطر الاندثار.

الجمعية تعمل كذلك على تحسين جودة المنتجات اليدوية، وإضفاء لمسة حديثة عليها، من خلال الاستعانة بالمصممين الشباب، كما أقامت المؤسسة سوقاً تعاونيةً لمساعدة النساء على التعريف بالمنتجات التي يعملن عليها، والتسويق لها.

الفئات الهشة من النساء، لها نصيب هام من أنشطة المؤسسة؛ فأحد البرامج التي نفذتها، شمل تدريب 15 من المطلقات والأرامل، وغيرهن من السيدات الأكثر احتياجاً، لمدة تقترب من عام كامل، قبل أن يحصلن لاحقاً على رخصة تدريب من الديوان الوطني للصناعات التقليدية في المحافظة.

مؤسسة الجمعية – وهي أم لثلاثة أبناء تتراوح أعمارهم بين 6 و14 عاماً – تشير كذلك إلى عمل الجمعية على نقل طرق ممارسة الحرف التقليدية إلى الأجيال الجديدة.

التغير المناخي وتونس

وفقاً لمؤسسة الجمعية، تعاني النساء في المنطقة أضراراً من جراء التغيرات المناخية – التي تؤثر على المهن الصديقة للبيئة – من بينها تراجع جودة سعف النخيل، واندثار بعض أنواع النباتات الأخرى، مثل السمار الذي يُستخدم في تصنيع السلال والحصير، ونقص البعض الآخر مثل نبات القصب.

الواحات التونسية، ومن بينها "شنني"، تواجه العديد من التحديات المناخية؛ إذ يقول الدكتور حسين الرحيلي خبير التنمية والموارد المائية، في التقرير الذي نشرته مؤسسة "روزا لوكسمبرج" غير الربحية، إلى تراجع كميات المياه المتوافرة في الواحات التابعة لمحافظة قابس بسبب ملوحة مياه الآبار، علاوةً على استنزاف كميات كبيرة من المياه بسبب الأنشطة الصناعية التي أدت كذلك إلى انتشار ملوثات تُصيب النباتات – ومنها أشجار النخيل والخضراوات – بالأمراض.

"الرحيلي" يشير كذلك إلى أثر التغيرات المناخية في توالي مواسم انتشار الحشرات، وظهور آفات جديدة نتيجة ارتفاع درجات الحرارة في أوقات غير تقليدية بالنسبة إلى الكائنات الحية التي تسكن الواحة.