الطهي اليومي مهمة أساسية في كل منزل خلال شهر رمضان، إذ يقبل العرب على العزائم والولائم في هذا الشهر، لكن تنفيذ تلك المهمة له تكلفة بيئية لا يمكن تجاهلها، يتصدرها حجم انبعاثات غازات الدفيئة الناتجة المواقد والأبخرة.
على مدى سنوات طويلة، تطورت الأدوات المطبخية التي نستعين بها لتتنوع في أحجامها، ونوع الطاقة اللازمة لتشغيلها، والوقت الذي تستغرقه لإعداد كل وجبة، وبالتالي اختلاف مذاق الطعام.
إطفاء المواقد لا يكفي
لا شك أن أغلب البشر اليوم يفضلون مذاق الطعام المطهو على مواقد الغاز المنتشر استخدامها في العديد من بلدان العالم العربي، وبالفعل فإنها تتصدر قائمة أجهزة الطهي الملوثة للبيئة بسبب الغازات التي تتسرب منها ومن بينها غاز الميثان.
وعند مقارنة أثره بمثيله الناتج عن غاز ثاني أكسيد الكربون في تفاقم ظاهرة الاحترار العالمي، يفوق أثر الميثان الأخير بفارق لا يقل 28 مرة عند احتساب الأثر على مدى 100 عام، وفقاً لتقديرات أممية.
دراسة أمريكية أُجريت على أكثر من 50 موقدًا للغاز أنتجتها نحو 18 علامة تجارية مختلفة، ليكتشفوا أن غالبية الميثان الذي تطلقه تلك المواقد يخرج في فترة توقفها عن العمل، وهو المعيار الذي لم تلتفت له غالبية الدراسات السابقة.
الباحثون قدروا أن حجم انبعاثات الميثان التي تنطلق من مواقد الغاز في الولايات المتحدة وحدها تتجاوز 2.5 مليون طن، أي ما يعادل الانبعاثات الكربونية الناتجة عن تسيير نصف مليون سيارة، وفقاً لدورية Environmental Science & Technology".
ماذا عن الكهرباء؟
على عكس المعارف عليه، فإن التحول من مواقد الغاز إلى نظيرتها الكهربائية قد لا يحدث فارقاً كبيراً إلا إذا ما كانت تلك الطاقة المستخدمة قادمة من مصادر متجددة.
في دراسة نشرتها دورية "PNAS"، تتبع مجموعة من العلماء ما يزيد عن 70 ألف أسرة في الإكوادور قاموا بالتحول من الطهي بالغاز إلى الكهرباء، في الفترة من 2015 و2021.
رجح الباحثون مساهمة تلك الخطوة في خفض إجمالي حجم الانبعاثات، رغم زيادة إجمالي حجم الطاقة الكهربائية التي احتاجتها المنازل، لأن الطاقة الكهرومائية- وهي إحدى مصادر الطاقة النظيفة- تصدرت قائمة مصادر الطاقة المستهلكة.
بحسب موقع المنتدى الاقتصادي العالمي، يقتصر نصيب مصادر الطاقة المتجددة من مصادر إنتاج الكهرباء حول العالم على ما يقرب من 30% فحسب، وبالتالي علينا النظر في حجم الطاقة التي تستهلكها كل جهاز نستخدمه حتى وإن كان يعمل بالكهرباء.
الطهي البطيء
يرى العديد من خبراء الطاقة ضرورة التناول عن ميزة معينة يتسابق عليها الجميع وهي سرعة الطهي، لأن تراجع المدة الزمنية اللازمة لإعداد وجبة بعينها، لا يعني بالضرورة انخفاض الطاقة المستهلكة، بل العكس هو ما يحدث.
ويقتصر حجم الطاقة اللازمة لتشغيل قدور الطهي البطيء التي تعتبر حديثة نسبياً على المطبخ العربي، على نفس الكمية تقريباً التي يحتاجها المصباح الكهربائي العادي، بحسب تقديرات منظمة "Energy Saving trust"، وهي منظمة بريطانية غير ربحية معنية بتوفير الطاقة.
قدر الطهي البطيء- مصدر الصورة: BBC
وبحسب موقع "CNET"، فإن حجم الطاقة التي يحتاجها إناء الطهي البطيء يقل بفارق 90% مقارنة بالأفران الكهربائية، كما تشمل مزايا الاستعانة بها توفير الطاقة اللازمة لإعداد الطعام، وطهي العديد من المقادير دفعة واحدة.
علاوة على المذاق الطيب، فإن إنضاج الطعام على مهل يعود علينا بفوائد صحية، لأنه لا يحتاج إلى إضافة كميات كبيرة من الدهون، وقد يمكن الاستغناء عنها تماماً، كما يعمل على تكثيف النكهات، ما يقلل الحاجة إلى إضافة الملح الذي يؤدي الإفراط في تناوله إلى زيادة خطر الإصابة بأمراض القلب، وفقاً لموقع المؤسسة البريطانية للقلب، وهي مؤسسة بحثية غير ربحية في المملكة المتحدة.