شهدت الآونة الأخيرة مساعي عربية متزايدة للتصدي للتغيرات المناخية بشتى الطرق، ومنها مساعدة الطبيعة على التعافي، والاهتمام بزراعة الأشجار مثل "المانجروف" التي تساعد على تخفيف وطأة آثار الانبعاثات الكربونية على الكوكب.
ولمواجهة آثار الطقس المتطرف، تتحرك سلطنة عُمَان الآن في مشروع لإحياء أشجار المانجروف مرة أخرى، التي لا تقف فوائدها عند امتصاص الكربون فقط، بل يعتمد عليها أكثر من 1500 نوع من النباتات والحيوانات، بما في ذلك الأسماك والطيور التي تعتمد على المياه الضحلة تحتها، وفقاً لـ"برنامج الأمم المتحدة للبيئة".
وتشير الأبحاث إلى أن أشجار المانجروف تلعب دوراً حيوياً في حياة الثدييات، مثل القرود وحيوان الكسلان والنمور والضباع والكلاب البرية الإفريقية، وتشكل وسيلة دفاع فعالة ضد موجات التسونامي؛ حيث تقلل ارتفاع الأمواج بنسبة تتراوح بين 5% و35%.
جهود عُمَانية لمكافحة تغير المناخ
الأكثر قراءة
"جرين بالعربي" حاورت عالمة البيئة العُمَانية د. زكية العفيفي، للحديث عن أشجار المانجروف، والمشاريع التي تسعى إليها السلطنة لإحياء المانجروف مرة أخرى؛ للتصدي للتغيرات المناخية المتطرفة.
وأشارت د. زكية العفيفي إلى إجرائها عدة دراسات في محمية القرم الطبيعية، التي تعرضت لإعصارين شديدين: إعصار "جونو" في 2007، وإعصار "فيت" في 2010، وهي الدراسات التي خلصت إحداها إلى تمكن أشجار المانجروف من التعافي بعد هذه الأحداث القاسية؛ لكونها تتمتع بدرجة عالية من المرونة.
ترميم المانجروف
وأوضحت عالمة البيئة العُمَانية، أن عُمَان تتمتع بتجربة ناجحة للغاية في استعادة أشجار المانجروف، ووقعت مؤخراً عقداً في أكتوبر 2023؛ لدعم مشروع الكربون الأزرق الذي يهدف إلى زراعة 100 مليون شجرة مانجروف في السلطنة؛ ما يدعم التزامات بلادها تجاه الوصول إلى صافي "صفر" انبعاثات بحلول عام 2050.
وأضافت أن أشجار المانجروف تلعب دوراً حيوياً في مواجهة تغير المناخ؛ إذ تعمل كمصدٍّ للعواصف وعازلة للكربون، ويمكنها تقليل ارتفاع وسرعة الأمواج في حال حدوث الأعاصير. وقد أظهرت بعض الدراسات، مثل تلك التي أجراها "ألونجي" (2008) أن حزام المانجروف الذي يبلغ عرضه 100 متر وأكثر يمكن أن يقلل من سرعة الأمواج 13-60%، بناءً على كثافة الغطاء النباتي.
دور المانجروف في عزل الكربون
وبالإشارة إلى دورها في عزل الكربون، قالت عالمة البيئة العُمَانية إنه من المعروف أن أشجار المانجروف هي أغنى مخزن للكربون في العالم، ويمكن أن تتجاوز الكتلة الحيوية الموجودة فوق سطح الأرض تخزين 200 طن من الكربون، اعتماداً على صحة وسلامة الغابة وعمرها، ومن المتوقع أيضاً تخزين المزيد من الكربون في رواسبها.
طرق زيادة المانجروف
وبالنسبة إلى الطرق التي ينبغي تطبيقها لزيادة أعداد أشجار المانجروف، أشارت "العفيفي" إلى الحماية والترميم وإعادة التأهيل، التي ثبت أنها من أكثر الطرق فاعليةً لمساعدة أشجار المانجروف على النمو؛ ما يتطلب توعية المجتمع بقيمتها وأساليب الحفاظ عليها.
وأوضحت أن الأشجار بوجه عام تقلل من تأثير تآكل التربة، وتخلق مناخات أفضل؛ حيث تعد واحدة من الحلول المستخدمة للحد من الاحترار العالمي؛ إذ تمتص الكربون الجوي؛ لتتمكن من تصنيع الغذاء لها وللمستهلكين الذين يعتمدون عليها من خلال عملية التمثيل الضوئي؛ ما يجعلها درعاً واقية من تغير المناخ، إذا كان الغطاء صحياً وكثيفاً.