مع تزايد الحاجة إلى مناقشة القضايا العلمية في العالم العربي، ومنها أزمة التغيرات المناخية، برز دور النساء والعقبات اللاjي يواجهنها أثناء إعداد المحتوى العلمي والبيئي.
تحت عنوان "المرأة العربية في الصحافة العلمية"، نظم مركز كمال أدهم للصحافة التلفزيونية والرقمية بكلية الشؤون الدولية والسياسات العامة بالجامعة الأمريكية بالقاهرة "الملتقى العربي الرابع للصحافة العلمية"، بالتعاون مع منظمة اليونسكو والبرنامج الدولي لتنمية الاتصال.
على مدار ساعات، ناقش المتحدثون العديد من القضايا الهامة؛ بدايةً من الدور الذي تلعبه النساء في الصحافة العلمية والبيئية، والتحديات الأسرية والاجتماعية التي عليهن التعامل معها، علاوة على الأضرار الواقعة على النساء تحديداً بفعل التغيرات المناخية.
وضع المرأة.. مرآة للمجتمع
الأكثر قراءة
الدكتور حسين أمين مدير مركز كمال أدهم للصحافة التلفزيونية والرقمية بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، وصف الملتقى بالمحفل السنوي الذي ينعقد منذ عام 2019، مشيراً إلى أن مهمة المركز منذ ذلك الحين هو توفير قدر كبير من المعرفة والمعلومات.
يرى "أمين" أن موضوع هذه النسخة من الملتقى بالغ الأهمية؛ إذ يسلط الضوء على واقع المرأة العربية وما تحققه في العلوم والصحة والتكنولوجيا، وكذلك التحديات التي تعرقل مشاركة النساء في الإعلام العلمي.
يقول مدير مركز كمال أدهم للصحافة التلفزيونية والرقمية بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، إن حال المرأة العربية يمثل مرآة تعكس طبيعة الأوضاع والحياة الاجتماعية والفكرية لشعوب المنطقة، معتبراً أن الإعلام والتواصل العربي أدوات مهمة في تنمية الثقافة العلمية العربية.
النساء في "COP 28"
الدكتورة نهى بلعيد مؤسسة منتدى الصحفيين العلميين في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، أشارت إلى البرنامج التدريبي الذي نظمه المنتدى قبل انطلاق مؤتمر المناخ "COP 28" في دبي، بعنوان "الطريق الإعلامي إلى مؤتمر المناخ"، بالتعاون مع منصة "جرين بالعربي" وعدد من المنصات العربية الأخرى.
ولفتت "نهى" إلى أن الصحفيات المتخصصات في المجال العلمي لم يقتصر دورهن على التغطية في مؤتمر المناخ، بل ساهمن في الحديث العالمي حول العمل المناخي، واصفةً حضورهن الكثيف خلال المؤتمر بأنه دليل على كسر الحواجز، وتحدي الصور النمطية، وتعزيز الاندماج، ودعم الأصوات التي عانت من عدم التمثيل الكافي.
وفي تصريح خاص لـ"جرين بالعربي"، رأت نهى بلعيد أن مؤتمر المناخ ليس فرصة لممارسة العمل الصحفي فحسب، بل للتعرف كذلك على مصادر جديدة للمعلومات والتشبيك مع كافة الفاعلين في العمل البيئي، علاوة على تعميق معلومات الصحفيين حول قضية التغيرات المناخية.
وأشارت مؤسسة منتدى الصحفيين العلميين في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، إلى أهمية دور الصحفيات في تسليط الضوء على الأضرار الواقعة على النساء من جراء التغيرات المناخية، باعتبارهن الأقدر على معرفة ظروف النساء الأخريات.
تحديات عائلية
العقبات التي تواجهها النساء خلال رحلتهن في الوسط الصحفي العلمي كانت محور نقاش خلال الملتقى؛ إذ شاركت نهى بلعيد تجربة والدتها التي اضطرت إلى التخلي عن العمل في مجال الصحافة بعد الإنجاب والاتجاه إلى مجال آخر.
ورأت "بلعيد" في حديثها لـ"جرين بالعربي"، أنه يجب فهم وضع الصحفيات الأمهات، وألا يصبح هذا الأمر عائقاً في طريقهن، مقترحةً السير على نهج الدول المتقدمة التي تمنح الأب عطلة لمدة شهر – على سبيل المثال – بعد الإنجاب، حتى تتمكن الزوجة، سواء كانت صحفية أم لا، من ممارسة عملها.
الصحفية بثينة أسامة منسقة منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في شبكة Science and Development، أشارت – خلال الملتقى – إلى أن النساء يمررن بمراحل عديدة على مدار حياتهن، وأن الدعم اللائي يحصلن عليه هو ما يجعلهن يمارسن عملهن بشكل أفضل، والقيام بعدة مهام في وقت واحد.
تروي "بثينة" كيف ساعدها دعم زوجها والمؤسسة التي عملت بها خلال رعايتها لطفلتها الأولى التي لم تكن في سن يسمح بالالتحاق بروضة الأطفال؛ إذ سمحت لها مؤسستها باصطحاب صغيرتها معها دون شكوى من الأمر، معتبرةً أن ذلك الأمر ساعدها على التركيز في عملها.
وعن العلاقة بين الأدوار الاجتماعية وقضايا البيئة، حكت "بثينة" واقعة تقرير أشرفت عليه، ووجهت المحررة بسؤال المصدر الذي يعمل في مهنة الصيد حول المهام التي تقوم بها زوجته، لتكتشف أن الأخيرة تؤدي القسم الأكبر من المهام، مثل نسج الشباك، وإعداد الطعم لصيد السمك، دون الالتفات إلى دورها.
النساء.. ضحية التغير المناخي
أما الإعلامية البيئية هدير الحضري، فأشارت – خلال حديثها – إلى أن النساء من الفئات الأكثر تضرراً من التغيرات المناخية، بزيادة الأعباء المنزلية والاقتصادية عليهن عند وقوع كارثة مناخية.
وأشارت "هدير" إلى قضية أخرى تقع آثارها بشكل مباشر على النساء وهي الطهي غير النظيف الذي تعاني منه ملايين النساء في البلدان النامية، وما يتبعه من آثار صحية خطيرة قد تصل إلى الوفاة، علاوة على اضطرار نساء بعض المناطق إلى السير مسافات طويلة لجمع الأخشاب والمياه.
الصورة الذهنية للنساء في مجال العلوم
الإعلامي محمد السنباطي الشريك المؤسس للمنتدى العربي للإعلام والتواصل العلمي، طرح سؤالاً على الحضور حول ما سيقومون به إذا طُلب منهم رسم صورة لأحد العلماء، مرجحاً أن يرسم كافة الحضور رجلاً وليس سيدة، وهو ما يعكس فكرة سيطرة الذكور على قطاع العلوم.
المثال الذي استشهد به "السنباطي" هو ما توصلت إليه إحدى الدراسات التي نُشرت نتائجها قبل عامين، وأشار إليها خلال حديثه، بعدما تناولت الرسومات التي أعدها طلاب المدارس حول العلماء، واقتصرت نسبة من رسموا عالمات إناثاً على 1% فقط من المشاركين.
هناك جانب آخر أشارت إليه نادية العوضي المحررة في موقع "Medscape" حول العلاقة بين الباحثين والصحفيين؛ إذ رأت أن على الصحفيين عدم انتظار صدور دراسات حول أمر ما، بل رصد تأثير ما يحدث؛ لتشجيع الباحثين على القيام بدراسات حوله.