المرأة في "COP 28".. مشروعات "أجفند" تعزز قدرة النساء على مواجهة التغيرات المناخية


سلمى عرفة
الثلاثاء 05 ديسمبر 2023 | 10:14 مساءً

باختلاف مواقعهن الجغرافية وطبيعة المجتمعات اللواتي يعشن فيها، وضعت أزمة التغيرات المناخية النساء في مواجهة مباشرة مع أضرار امتدت للتأثير على قُوت يومهن، وألقت عليهنَّ العبء الأكبر للأزمة مقارنةً بالرجال، في وقت يفتقرن فيه إلى الإمكانات اللازمة للقيام بذلك الدور.

واستغرق العالم سنوات طويلة للربط بين قضايا النوع الاجتماعي وأزمة التغير المناخي؛ إذ جرى الاعتراف بالأمر للمرة الأولى في إعلان ومنهاج بكين الصادر في عام 1995، قبل أن يتصاعد اهتمام المجتمع الدولي والإقليمي تدريجياً بموقع النساء في القضايا البيئية.

أجفند في "COP 28"

وعلى هامش مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ "COP 28" المنعقد في دبي، استضاف جناح جامعة الدول العربية جلسة بعنوان "تعميم مراعاة منظور المساواة بين الجنسين في التكيف مع تغير المناخ في المنطقة العربية"، بالتعاون مع برنامج الخليج العربي للتنمية "أجفند"، والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، والاتحاد النسائي العام بدولة الإمارات.

واستعرضت أ. هدى البكر المديرة التنفيذية للشبكة العربية للمنظمات الأهلية، خلال الجلسة، مجموعة من الحقائق التي ساهمت في تفاقم هشاشة أوضاع النساء بفعل أزمة الاحتباس الحراري، بما في ذلك العالم العربي الذي يعاني من آثار شديدة من جراء الأزمة، علاوة على المبادرات التي شهدتها المنطقة للتخفيف من تلك الآثار.

وأكدت المديرة التنفيذية للشبكة العربية للمنظمات الأهلية، خلال كلمتها التي ألقتها نيابةً عن الدكتور ناصر القحطاني المدير التنفيذي لبرنامج الخليج العربي للتنمية "أجفند"؛ أن "المساواة المبنية على النوع الاجتماعي من أهم ركائز نجاح العمل المناخي، وهذا هو عين تمكين المرأة ضد التمييز السلبي".

جهود "أجفند" لتمكين المرأة

كما أشارت إلى إحصائيات الأمم المتحدة للبيئة التي قدَّرت أن النساء يُشكِّلن 80% من المشردين بفعل أزمة التغيرات المناخية، في وقت تغيب فيه تقديرات عربية حول هذه الأزمة، مؤكدةً أن "الواقع لدينا أسوأ، والأرقام كبيرة؛ لأن أزماتنا أكثر عمقاً، والنزاعات تنشب وتتسع وتطحن النساء لتحمُّلهن أكثر المسؤوليات الأسرية والمجتمعية".

ولفتت "البكر" إلى جهود برنامج الخليج العربي للتنمية "أجفند" لمواجهة الأمر، من خلال العمل على أن تبقى النساء في مقدمة ركب التنمية، وعدم تركها للتخلف بفعل العقبات التي يحدثها التغير المناخي، مؤكدةً أن "تمكين المرأة يحفز الإنتاجية والنمو الاقتصادي، ومن ثم يجب مواجهة ما يعترض هذا التمكين من صعوبات".

وذلك مع الوضع في الاعتبار أن معظم النساء المزارعات، سواء بامتلاك حيازات صغيرة أو بالعمل مع الأسرة، يعمل "أجفند" على تعزيز استدامة الأعمال اللاتي يقمن بها، وتذليل العقبات التي تواجههن، مشيرة إلى أن أهم ابتكارات "أجفند" في هذا المجال هي "التأمين على المنتجات الزراعية، وتزويد المشاريع بمؤشرات الطقس القادرة على التنبؤ والتحذير من الكوارث المناخية".

ويشكل النساء 60% من المستفيدين من تمويلات بنوك "أجفند"، ويتخطى عددهن 4 ملايين امرأة؛ إذ تقوم بتصميم منتجات مخصصة لهن، لا سيما في مجال الزراعة.

وفي السودان على سبيل المثال، يعمل بنك "الإبداع" للتمويل الأصغر على رفع نسبة الطهي النظيف في الدولة العربية إلى 100% بحلول عام 2030، من خلال عدة سياسات؛ منها توفير الطاقة الشمسية للحد من آثار استخدام الوقود الخشبي، والقطع الجائر للأشجار.

وامتدت مشروعات "أجفند" لأبعد من العالم العربي، بتنفيذ مشروع في منطقة غرب النيل بأوغندا، وهو المشروع الذي يشمل دعم اللاجئات على عدة أصعدة؛ منها ممارسة الزراعة المستدامة، والبذور المقاومة للجفاف.

أهداف مشابهة عمل عليها مركز المرأة العربية للتدريب والبحوث "كوثر"، الذي نفَّذ بدعم من "أجفند" مشروع تمكين النساء من أجل الأمن الغذائي في الأردن وتونس والسنغال، لتعزيز قدرتهن على تطبيق الممارسات المستدامة عبر عدة وسائل من خلال الاستعانة بأدوات الطاقة النظيفة، وحصاد المياه.

التغيرات المناخية والمرأة

اهتمام "أجفند" والمؤسسات التابعة له بتمكين المرأة في مواجهة التغيرات المناخية، لا سيما في مجال الزراعة، جاء مستنداً إلى عدد من الحقائق والتقديرات التي تشير إلى أن 23% من النساء في العالم العربي يعملن في قطاع الزراعة التي تمثل مصدر الدخل الوحيد لهن، ومن ثم أدت أزمة الاحتباس الحراري إلى التأثير عليهن بطرق مختلفة، وهو ما أشارت إليه أ. هدى البكر في العرض الذي قدمته.

وفي اليمن، دفعت الظروف المناخية إلى زيادة معدلات هجرة الرجال إلى المدن، بينما بقيت النساء يواجهن التدهور البيئي الذي حل بالأراضي الزراعية التي يعتمدن عليها، رغم تراجع نسبة ملكية النساء لتلك الأراضي؛ ما جعلهن عرضة لأنواع مختلفة من العنف، وهو ما تكرر تقريباً في منطقة زاكورة بالمغرب.

التحديات التي تواجهها النساء في القطاع الزراعي لا تقتصر على العالم العربي فحسب، بل يواجهن المزيد من العقبات في الحصول على تمويل للاستثمار في المشروعات الفردية بالقطاع الزراعي، وفي حال الحصول عليها تبقى الأموال تحت سيطرة الذكور من عائلاتهن.

وحال وقوع أزمة غذاء من جراء تراجع الإنتاج الزراعي، فعادةً ما تحرص النساء على توفير الطعام لأفراد أسرتها أولاً، ومن ثم يتحملن القدر الأكبر من الأضرار الصحية الناتجة عن الأزمة.

أهمية مشاركة النساء

ورغم ذلك، فإن الأدوار المختلفة التي تلعبها النساء على مدى حياتهن في مختلف مناحي الحياة، يزيد من أهمية مشاركتهن في تعزيز الاستدامة؛ فعمل النساء عن قرب في المجالات التي تعتمد على الموارد الطبيعية – ومنها الزراعة – أكسبهن المعرفة المحلية اللازمة لتنفيذ خطط مواجهة أزمة التغير المناخي على صعيد التخفيف والتكيف، كما أنها هي المسؤولة عن إدارة الجوانب المنزلية، بما في ذلك إدارة المخلفات والطعام، واستهلاك الطاقة.