مع انطلاق "COP28".. كيف تكبدت البلدان الفقيرة خسائر فادحة جراء التغير المناخي؟


سلمى عرفة
الجمعة 01 ديسمبر 2023 | 09:28 صباحاً

على مدى ما يقرب من 3 عقود، اجتمع قادة العالم سنوياً في مؤتمرات تجمع الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ، لمواجهة المخاطر المتزايدة بعدما حاصرتها غازات الاحتباس الحراري التي تراكمت بفعل الأنشطة البشرية.

وشهد مؤتمر الأطراف "COP 28" المنعقد في دولة الإمارات، في الفترة بين 30 نوفمبر إلى 12 ديسمبر، تقدماً بالإعلان عن تفعيل صندوق الخسائر والأضرار لدعم البلدان الأكثر تضرراً من الأزمة، وأعلنت السلطات الإماراتية مساهمتها بـ100 مليون دولار في الصندوق، فيما تجاوز إجمالي حجم التمويل المبدئي 400 مليون دولار، وفقاً لصحيفة "الجارديان" البريطانية.

ما الخسائر والأضرار؟

تعود مناقشة قضية الخسائر التي تتكبدها البلدان الهشة من جراء التغيرات المناخية إلى عام 1991، أي قبل 4 سنوات من انطلاق مؤتمرات الـ"COP"، عندما قدمت جمهورية فانواتو، الواقعة في جنوب المحيط الهادئ، اقتراحاً نيابة عن تحالف الدول الجزرية الصغيرة "AOSIS"، بإطلاق خطة تأمين للبلدان التي من المتوقع أن تتأثر بارتفاع منسوب مياه سطح البحر، قبل أن يظهر مصطلح "الخسائر والأضرار" خلال المفاوضات المناخية التي شهدتها مدينة بالي الإندونيسية خلال مؤتمر COP 13 في 2007.

بعد 14 عاماً، وفي مدينة شرم الشيخ المصرية، شهد مؤتمر COP 27 الإعلان عن إنشاء صندوق الخسائر والأضرار بهدف تقديم الدعم إلى البلدان الفقيرة لمواجهة المخاطر المتعلقة بأزمة المناخ، دون اتفاق نهائي على آلية عمله.

تفاوت في نتائج الأزمة

رغم أن التغيرات المناخية قضية عالمية، فإن الآثار الناتجة عنها تتفاوت حدتها بين بلد وأخرى؛ فالبلدان التي ساهمت بالنسبة الأقل من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، تواجه المخاطر الأكبر.

في 2022، أصدر تحالف الخسائر والأضرار، تقريراً بعنوان "تكلفة التأخير" اتهم فيه البلدان الغنية بعرقلة الجهود المبذولة لتوفير الدعم للبلدان النامية.

وفقاً لتقرير التحالف الذي يجمع من مجموعة كبيرة من صناع القرار والناشطين والباحثين، فإن حجم الخسائر الاقتصادية التي تكبدتها 55 دولة من البلدان الأكثر عرضة لمخاطر الاحتباس الحراري من جراء أزمة المناخ تخطى نصف تريليون دولار خلال العشرين سنة الأولى من هذا القرن.

الأضرار التي تلحق بتلك البلدان تشمل كذلك خسائر بشرية؛ إذ كان نصيب الدول النامية من الوفيات الناتجة عن الظواهر الجوية المتطرفة 79% منذ عام 1991، كما كان 97% من المتضررين من سكانها، وبلغ متوسط عدد سكانها المتأثرين من تلك الكوارث 189 مليون شخص سنوياً، وفقاً لموقع Relief Web.

وبحسب تصنيف صندوق النقد الدولي، يبلغ عدد البلدان النامية في العالم 152 بلدان تضم ما يزيد عن 6 مليار نسمة، أي ما يزيد عن ثلثي سكان الأرض.

أزمة ديون

هناك جانب من الأمر، وهو أن الآثار الاقتصادية للتغير المناخي تدفع الدول الأكثر هشاشة إلى المزيد من الاستدانة؛ إذ زادت قيمة الديون التي اقترضتها مجموعة v20 – وهي مجموعة مكونة من الدول الأكثر عرضة للخطر المناخي والأزمات المالية – بفارق 62 مليار دولار على مدى العقد الماضي، وفقاً لمعهد الموارد العالمية.

وتشمل تلك الدول مجموعة من الدول العربية مثل اليمن، والسودان، وتونس، وفلسطين، والمغرب، ولبنان، وجزر القمر.

مستقبل غامض

التوقعات المستقبلية كذلك بالنسبة إلى البلدان الأكثر هشاشة تحمل المزيد من المعاناة لسكانها؛ إذ حذرت دراسة لمنظمة Christian Aid – وهي منظمة غير ربحية معنية بمواجهة الفقر – بأن تلك البلدان ستخسر ما يقرب من 20% من متوسط الناتج الإجمالي المحلي بحلول 2050، وما يزيد عن 60% من المتوسط، إذا ما استمرت السياسات المناخية كما هي عليه الآن؛ إذ يصل متوسط زيادة حرارة الأرض 2.9 درجة مقارنة بعصر ما قبل الصناعة بحلول 2100.

أما إذا تمكنا من تحقيق أهداف اتفاقية باريس، وتمكنا من إبقاء الزيادة عند 1.5 درجة، فستتراوح درجة الخسارة بين 13 و33% من الناتج الإجمالي المحلي.

الدولة الأكثر تضرراً بحسب الدراسة تقع في عالمنا العربي؛ حيث سيخسر السودان ما يزيد عن 80% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2100، في حال عدم تغيير السياسات المناخية.

تلك الآثار التي يشهدها السودان من جراء الكوارث الطبيعية برزت في مشاهد الفيضانات خلال السنوات الأخيرة؛ فبين عامي 2017 و2021، بلغ متوسط المتضررين من الفيضانات 388,600 شخص سنوياً.

وفي 2020 وحدها، التي شهدت فيضانات قياسية لأول مرة منذ قرن، كانت التكلفة الاقتصادية لتلك الفيضانات التي ضربت العاصمة الخرطوم وعدة مناطق أخرى، تبلغ 4.4 مليار دولار أمريكي، وفقاً لتقديرات أعدها البنك الدولي، والاتحاد الأوروبي، برنامج الأمم المتحدة الإنمائي.