باتت الإصابة بمقاومة الأنسولين ومرض السكري، حديثاً دارجاً على منصات التواصل الاجتماعي مؤخراً، لكن المكتشف حديثاً أن ثمة علاقة وثيقة بين أسباب الإصابة وبين التدهور البيئي الذي أصاب كوكب الأرض.
وفي مطلع ثمانينيات القرن الماضي، كان عدد مصابي مرض السكري حول العالم 108 ملايين شخص، لكنه ارتفع تدريجياً حتى بلغ ما يزيد عن 500 مليون شخص، مع توقعات بوصوله إلى 1.3 مليار نسمة بحلول عام 2050، وفق دراسة نشرتها دورية The Lancet.
وتُعرَّف مقاومة الأنسولين بعدم تفاعل خلايا الجسد مع السكر؛ ما يدفع البنكرياس إلى إنتاج المزيد من الأنسولين لدرجة قد تفقده في النهاية القدرة على أداء مهمته.
تلوث الهواء
الأكثر قراءة
ورصدت عدة دراسات علمية، العلاقة بين التلوث البيئي وزيادة خطر الإصابة بمرض السكري؛ إذ كشفت دراسة ألمانية عام 2021 أن هناك ارتباطاً بين التعرض الطويل المدى لتلوث الهواء وبين زيادة الإصابة بمقاومة الأنسولين، التي تعتبر من مقدمات الإصابة بالسكري، بحسب دورية The Lancet.
وفي عام 2022، كشف بحث آخر أن 20% من حالات النوع الثاني لمرض السكري في العالم خلال عام 2019، يقف وراءها التعرض للجزيئات الدقيقة الملوثة "PM2·5".
وتتضمن تلك الجزيئات موادَّ ومعادنَ سامة تتسبَّب في إصابة الجسد بالالتهاب الذي يزيد خطر الإصابة بالسكري، وفق موقع Everyday Health.
الكوارث الطبيعية
وفي الوقت الذي يزيد فيه التلوث من انبعاثات غازات الدفيئة، تؤدي كذلك الكوارث الناتجة عن التغيرات المناخية إلى زيادة نسب التلوث؛ ففي الولايات المتحدة الأمريكية وحدها، تساهم حرائق الغابات في انبعاث ما بين 15% و30% من الجزيئات الدقيقة الأولية.
وقد تؤدي حالة الصدمة التي يتعرض لها ضحايا الكوارث الطبيعية من المصابين إلى انخفاض أو ارتفاع مفاجئ لمستوى سكر الدم، وغالباً ما يحدث ذلك بالتزامن مع صعوبة الوصول إلى الخدمات الصحية الطارئة، وغيرها من الخدمات الأساسية.
كما أن هناك أزمة أخرى يعانيها المصابون، وهو تأثير انقطاع الكهرباء الذي غالباً ما يحدث خلال الكوارث الطبيعية على تخزين عقار الأنسولين.
الطقس المتطرف
ومؤخراً انضم النوع الثاني من السكري إلى قائمة الأمراض المزمنة التي تُفاقِمها موجات الطقس المتطرف الناتج عن التغيرات المناخية.
وأجرى باحثون من معهد ليوناردو ديفيس لاقتصاديات الصحة، وكلية بيرلمان للطب في جامعة بنسلفانيا الأمريكية، دراسة تجريبية على 3 ملايين شخص، خلصوا فيها إلى أن درجات الحرارة المتطرفة خلال الصيف أو الشتاء تُعرِّض حياة مصابي ذلك النوع للخطر.
وتشمل المخاطر التي رصدها العلماء، الارتفاع الشديد في مستوى السكر فيما يعرف بـ"الحماض الكيتوني السكري"، أو حدوث العكس بتراجع نسبة السكر، كما يمكن أن ينال الأمرُ صحةَ القلب، ويُصَاب المريض بتوقف القلب المفاجئ، أو تسرع القلب البطيني الذي يؤدي إلى زيادة الضربات، وفق موقع الرسمي للمعهد.
وعلى مدى عامين، ارتفعت معدلات إصابة المشاركين في الدراسة التجريبية بالسكتة القلبية، ونقص سكر الدم خلال الفترات التي ارتفعت فيها درجات الحرارة عن 37 درجة مئوية، أو انخفضت فيها عن 12 درجة تحت الصفر، بينما ارتبط الحماض الكيتوني السكري ببرودة الطقس فحسب.
وأشار تشارلز ليونارد الأستاذ المساعد في كلية الطب بمعهد ليوناردو ديفيس لاقتصاديات الصحة، إلى تعادل تأثير كل من الشتاء والصيف على السواء في ارتفاع مستوى السكر؛ نظراً إلى التغيير الذي يطرأ على الجسم من حيث النشاط البدني وعادات الأكل والقدرة على طلب الرعاية الطبية وغير ذلك.