"مراكز المناخ".. المنطقة العربية تعاني نقصاً في دراسات المخاطر والتنبؤات


سلمى عرفة
الاحد 15 أكتوبر 2023 | 05:52 مساءً

بتحذيرات من إساءة تقدير مخاطر التغيرات المناخية، ينتظر العالم وقوع أكثر من كارثة يومياً بحلول عام 2030، ما يبرز دور المراكز البحثية المعنية بالكوارث الطبيعية والتنبؤ بوقوعها لتخفيف آثارها.

وشهدت المنطقة العربية مؤخراً وابلاً من الكوارث الطبيعية، أبرزها الفيضانات في السودان، وحرائق الغابات في تونس والجزائر، وزلزال المغرب، وإعصار ليبيا المدمر، وغيرها.

وبحسب التقديرات الأممية، سيواجه العالم نحو 560 كارثة سنوياً بحلول عام 2030 مع التوقعات المناخية الحالية؛ حيث إن نحو 75% من الظواهر الجوية المتطرفة منسوبة إلى تغير المناخ.

نقص المراكز

بدوره أقر الدكتور طارق قابيل عضو المجموعة الاستشارية العربية للعلوم والتكنولوجيا التابعة للمكتب الإقليمي للأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث للدول العربية؛ بنقص عدد المراكز البحثية المعنية بالرصد، والتنبؤ بمخاطر الكوارث الطبيعية في المنطقة العربية.

واستشهد قابيل، في تصريح لـ"جرين بالعربي"، بأحد تقارير الأمم المتحدة الذي أشار إلى أن 13 دولة عربية (من إجمالي 22) تخلو تماماً من تلك المراكز، فيما تعاني دول أخرى من محدودية قدرات تلك الجهات ونقص عددها.

وعزا أسباب ذلك إلى ضعف التمويل الحكومي، وعدم الوعي بأهمية دراسة مخاطر الكوارث الطبيعية، والتركيز على معالجة آثار الكوارث بعد وقوعها بدلاً من التركيز على الحد منها.

ولفت قابيل إلى الدور الحيوي الذي تقوم به تلك المراكز البحثية في تحديد المناطق الأكثر عرضةً للمخاطر، وتطوير أنظمة الإنذار المبكر لتحذير السكان، ووضع خطط وإجراءات للحد من آثار الكوارث، والتدريب على كيفية التعامل معها.

كما أكد ضرورة تعاون الدول العربية في هذا المجال، من خلال تطوير آليات موحدة لجمع البيانات وتبادل المعلومات، مشيداً بدور المركز العربي للوقاية من أخطار الزلازل والكوارث الطبيعية التابع لجامعة الدول العربية، في تعزيز القدرات للوقاية من المخاطر والتخفيف من آثارها.

وأشار إلى أن المركز ساهم في إنشاء خرائط للمخاطر الزلزالية في الدول العربية، وتقديم الدعم الفني والتقني، وتنظيم المؤتمرات والندوات العلمية والتدريبية حول الزلازل والكوارث الطبيعية، ونشر الوعي بمخاطر الزلازل والكوارث الطبيعية بين السكان.

شراكة ناجحة

واتفق مع الرأي السابق الدكتور عيد الطرزي أستاذ علم الزلازل والكوارث الطبيعية في الجامعة الهاشمية بالأردن، من ضرورة اهتمام الدول العربية بالمراكز البحثية المتخصصة في مجال الكوارث المناخية.

وأكد الطرازي لـ"جرين بالعربي" أن عمل هذه المراكز لا يقتصر على إعداد تقييمات وإصدار نشرات وتوقعات مستقبلية فحسب، بل هناك هدف أكثر أهميةً، وهو تخفيف آثار وقوع الكوارث المناخية.

وتطرق كذلك إلى ضرورة التعاون العربي في مجال الاستعداد لتلك الظواهر، مستشهداً بأحد البرامج التي أطلقتها الأمم المتحدة بمناسبة اعتبار الفترة بين عامي 1990-2000 "العقد الدولي لتقييم وتخفيف المخاطر الطبيعية في العالم".

وتطلَّع الخبير والأكاديمي الأردني إلى تنظيم الجهود العربية للاستفادة من الخبرات الدولية، وإعداد خرائط لأماكن الخطر لمختلف أنواع الكوارث، واصفاً الجهود العربية في هذا المجال بـ"المبعثرة".

ودعا الطرزي إلى ضرورة تعزيز التواصل مع المراكز البحثية في الدول الأجنبية، إضافة إلى تحفيز وتدريب الشباب للانضمام إلى هذا المجال تحت مظلة جامعة الدول العربية والأمم المتحدة، لضمان مشاركة جميع الدول والتزامها بالتوصيات والمخرجات.

كما أشار إلى أهمية استخراج الدروس المستفادة من الكوارث المناخية السابقة لتحقيق عنصر الاستدامة، بجانب تعزيز التواصل بين المراكز البحثية والجمهور، لتطوير الوعي وتقليل حجم الخسائر والحد من المعلومات المضللة في هذا المجال.

ومضى قائلاً: "نقص الوعي وعدم التقييم الدقيق للكوارث وانعدام وجود خطط عملية لإدارة الكوارث، يُعَد من أبرز أسباب ارتفاع عدد ضحايا الكوارث الطبيعية في دول العالم الثالث، ومنها المنطقة العربية".

كما أشار إلى ضرورة التنسيق بين المؤسسات الحكومية والمنظمات غير الحكومية وشركات القطاع الخاص في جميع مراحل مواجهة الكوارث، بجانب ضرورة وضع خرائط مفصلة لأدوار كل منها.

واختتم موضحاً: "المنظمات غير الربحية تضم أعداداً من الشباب على درجة عالية من الإبداع والوعي، كما تتنوع خبرات شركات القطاع الخاص ويتسع توزيعها الجغرافي"، مستشهداً بالاستعانة بشركات القطاع الخاص في مواجهة العواصف الثلجية التي شهدها الأردن لإزالة الثلوج وإعادة الحياة إلى طبيعتها في بعض المدن.