التلفاز أم الهاتف الذكي.. أيهما أفضل للبيئة كوسيلة للمشاهدة؟


مروة بدوي
الاثنين 17 ابريل 2023 | 11:31 صباحاً
حجم الشاشة يلعب دوراً هاماً في استهلاك الطاقة وبالتالي حجم الانبعاثات - مشاع إبداعي
حجم الشاشة يلعب دوراً هاماً في استهلاك الطاقة وبالتالي حجم الانبعاثات - مشاع إبداعي

تتزايد المنافسة يوماً بعد يوم بين شاشات التلفاز سواء المرتبطة بالأقمار الصناعية أو التطبيقات الرقمية والإنترنت وبين الهواتف الذكية في جذب المشاهدين والمتابعين، سواء لمشاهدات المسلسلات أو الأفلام أو البرامج أو المباريات وغيرها من التصنيفات الترفيهية.. فما هو اختيارك المفضل؟

إجابة هذا السؤال تقودنا لمعرفة وسيلتك للمشاهدة، هل تنتمي للفريق التقليدي الذي ينحاز للتلفاز أم مع الحداثة المتمثلة في الهواتف الذكية، وبعيدا عن المزايا والعيوب المعروفة لكلا منهما، ما يعنينا الآن هو البصمة الكربونية الرقمية واستهلاك الطاقة حتى نتمكن من معرفة أيهما يستحق لقب "صديق البيئة".

ما هي البصمة الكربونية الرقمية؟

هي انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الناتجة عن استخدام ونقل البيانات للأجهزة الرقمية وبنيتها التحتية.

تمثل البصمة الكربونية للأجهزة والإنترنت والأنظمة التي تدعمها مثل مراكز البيانات والخوادم حوالي 3.7٪ من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية، ومن المتوقع أن تتضاعف هذه الانبعاثات بحلول عام 2025.

تتيح لنا شبكة الإنترنت إرسال الرسائل ومشاركة الصور وتحميل الموسيقى وبث ومشاهدة مقاطع الفيديو بلمسة زر واحدة، ولكن هل هذه الخدمات مجانية؟ والحديث هنا عن الكُلفة البيئية وليست الاقتصادية.

خلال هذه الأنشطة التي نقوم بها عبر الإنترنت نستهلك كمية من الطاقة اللازمة لتشغيل الاجهزة والشبكات اللاسلكية، ومن ثم ينبعث ثاني أكسيد الكربون إلى المجال الجوي.

وعلى الرغم من محدودية الطاقة اللازمة لإجراء بحث واحد على الإنترنت وبالتالي الغازات الدفيئة المصاحبة لها، علينا أن نضع في الاعتبار أن إجمالي عدد مستخدمي الانترنت بالعالم يبلغ 4.1 مليار شخص بما يعادل 53.6٪ من سكان الكرة الأرضية.

ومع نمو استخدام أجهزة وخدمات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات بسرعة، يزداد استهلاكها من الطاقة بنسبة 9٪ سنوياً ومن ثم ترتفع نسبة غازات الدفيئة

نسبة الفرد في البصمة الكربونية الرقمية

إذا قمنا بتقسيم 1.7 مليار طن من انبعاثات الغازات الدفيئة التي يُقدر إنتاجها من تصنيع وتشغيل التقنيات الرقمية، على جميع مستخدمي الإنترنت حول العالم، ما يقرب من 4.1 مليار شخص، فهذا يعني أن كل واحد منا مسؤول عن 414 كجم من ثاني أكسيد الكربون سنوياً.

ومع نمو استخدام أجهزة وخدمات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات بسرعة، يزداد استهلاكها من الطاقة بنسبة 9٪ سنويًا ومن ثم ترتفع نسبة الغازات الدفيئة، مع ملاحظة أن مشاهد الفيديو "أونلاين" تستهلك الكثير من البيانات، وتتسبب في إنتاج 20٪ من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري لجميع الأجهزة الرقمية، و1٪ من الانبعاثات العالمية، حيث يشكل بث مقاطع الفيديو أكثر من ٦٠% من حركة البيانات العالمية.

وإذا قارنا بين تأثير التلفاز والهواتف الذكية فيما يتعلق بقضية تغير المناخ، سنجد أن الأخيرة أكثر ضرراً بفارق ضئيل لا يتعدى 1%، حيث تبلغ حصتها 14.30٪ مقابل 13.70٪ لأجهزة التلفاز التقليدية.

بجانب تمتع أجهزة التلفاز بدورة حياة أطول، حيث يتراوح عمرها الافتراضي من 6 إلى 8 سنوات في المتوسط ​​مقارنة بسنتين ونصف للهاتف الذكي.

رغم هذه المزايا النسبية تبقى مشكلة التلفاز الرئيسية في حجمه، الذي يزيد من استنفاد الموارد الطبيعية أثناء مرحلة التصنيع وإنتاج النفايات واستهلاك الطاقة، بجانب تكثيف تواجده داخل المنزل وغرف الانتظار، في الماضي كان هناك جهاز لكل أسرة لكن الآن لدينا واحد داخل كل غرفة.

هذه العوامل تسببت في رفع استهلاك التلفاز للكهرباء في السنوات الأخيرة، مما يجعله مصدر للضرر على البيئة بشكل عام من حيث استخدام الموارد والطاقة.

حجم الشاشة يلعب دورا مهما في استهلاك الطاقة وبالتالي حجم الانبعاثات، فالمشاهدة عبر الحاسوب المحمول تنتج أقل من نصف البصمة الكربونية لنظيره المكتبي

معايير قياس البصمة الكربونية الرقمية

بعد تناول مخاطر استخدام الأجهزة الرقمية والتلفاز نعود للسؤال الأساسي، ما هو الجهاز الأفضل بيئيا للمشاهدة؟

لا توجد إجابة نموذجية في المطلق، لأن الأمر يتوقف على 3 عوامل؛ طريقة الاتصال بالإنترنت: هل الدخول على الشبكة العنكبوتية يتم عبر بيانات الهاتف المحمول، أو من خلال شبكة "الواي فاي".

العامل الثاني هو عدد الأشخاص أثناء المشاهدة أو ما يعرف بمشاركة الجهاز، وأخيرا حجم الشاشة المستخدمة.

أجرت منظمة Carbon Trust، دراسة نشرتها صحيفة "ديلي ميل"، للمقارنة بين الانبعاثات الكربونية الناتجة عن مشاهدة العروض عبر عدة وسائط.

توصلت الدراسة إلى أن مشاهدة مباراة كرة قدم، على سبيل المثال، عبر هاتفك الذكي أو الجهاز اللوحي باستخدام بيانات الجوال أو mobile data، قد ينتج نفس كمية انبعاثات الكربون التي تخلفها قيادة سيارتك، التي تعمل بالوقود، لمسافة 16 كيلو متراً، وبالتالي البصمة الكربونية الناتجة أعلى "10 مرات" من بث نفس العرض عبر شبكة الواي فاي.

وخلصت الدراسة الى أن حجم الشاشة يلعب دوراً هاماً في استهلاك الطاقة وبالتالي حجم الانبعاثات، لأن المشاهدة عبر الحاسوب المحمول تنتج أقل من نصف البصمة الكربونية لمثيله المكتبي، كما أن حجم الشاشة ونوعها يؤثران في استهلاك طاقة التلفاز.

ووفقاً للدراسة فإن مشاهدة المباراة على شاشة بتقنية "ليد" هي الأكثر كفاءة في توفير الطاقة، تليها شاشات "إل سي دي" ثم البلازما، حيث تقدر البصمة الكربونية للأخيرة طوال دورة حياتها أعلى بمقدار الثلث من شاشة "ليد" بحجم مماثلة.

وطبقا للأرقام الصادرة عن Carbon Trust، فإن الطريقة الأكثر "صداقة للبيئة" لمشاهدة العروض والأفلام هي مشاركة الشاشة مع أشخاص آخرين في المنزل أو الأماكن العامة مع التأكيد على قرب المكان وعدم استخدام وسائل مواصلات لتفادي التأثير الإضافي لانبعاثات النقل.

وبالتالي الوسيلة الأفضل بيئياً والأقل ضرراً من حيث البصمة الكربونية هي مشاهدة مسلسلك على التلفاز، مع شاشة متوسطة الحجم، لكن بشرط أن يتم ذلك وسط العائلة لأن مشاركة المشاهدة مع آخرين يقلل استهلاك الطاقة.

أما إذا كنت مضطراً للمشاهدة بمفردك، فسوف يكون هاتفك الذكي أو جهازك اللوحي مع الاتصال عبر شبكة "الواي فاي"، هو الحل الأقل ضررا.

نصائح لتقليل البصمة الكربونية الرقمية

ومن أجل الحصول على حياة أكثر استدامة مع تقليل البصمة الكربونية الرقمية يمكن اتباع عدة خطوات:

أولا تخفيض بصمتنا باستخدام أجهزة وشاشات أصغر لاستهلاك قدراً أقل من الكهرباء، مع تقليل مشاهدة مقاطع الفيديو.

وثانياً إطالة العمر الافتراضي للجهاز من خلال حسن الاستخدام وترشيد الاستهلاك وإعادة التدوير، وعدم الإقبال على شراء الأجهزة الجديدة سعيا وراء التقنيات الحديثة، كل ذلك يمكن أن يساعد في تقليل الإنتاج وبالتالي الأضرار البيئية نظرًا لأن مرحلة الإنتاج تمثل حوالي 80٪ من انبعاثات الكربون في دورة حياة الأجهزة المحمولة وحوالي الثلث لأجهزة التلفاز، بجانب تقليل كمية النفايات الإلكترونية التي تعد مشكلة متنامية في جميع أنحاء العالم.

وأخيراً وبعد كل ما عرضناه من معلومات وتفاصيل هل ستقرر استبدال وسيلتك المفضلة للمشاهدة لتصبح صديقاً للبيئة وتشارك في جهود إنقاذ الكوكب؟