اللحم البقري أم الضأن؟.. البصمة الكربونية قد تحسم اختيارك


سلمى عرفة
الخميس 29 يونية 2023 | 02:15 مساءً

لو كنت من محبي تناول اللحوم، فبالتأكيد سمعت عن الأضرار البيئية لإنتاجها، لكن الطعام الأشهر في العالم ليس نوعاً واحداً بل قائمة متنوعة من الأصناف التي تختلف طبيعتها، وتتنوع معها وصفات الطهي المناسبة التي تعطينا المذاق الأفضل، لكن السؤال: هل يختلف الأثر البيئي باختلاف النوع الذي تفضله من اللحوم؟

الأضرار البيئية لإنتاج اللحوم تبدأ مع تربية المواشي وهي حيوانات مصنفة بين قائمة المجترات التي تنقسم معدتها إلى أكثر من غرفة، وتطلق غاز الميثان عندما تهضم طعامها، وهو أحد أبرز الغازات الدفيئة التي تساهم في ظاهرة الاحتباس الحراري، ويفوق تأثيره ثاني أكسيد الكربون 84 مرة عند احتساب التأثير على مدى 20 عاما، وفقاً لموقع Environmental Defense Fund.

الرحلة الطويلة التي تقطعها الماشية بداية من المزرعة التي تستهلك كميات كبيرة من الطاقة والأعلاف، ثم عمليات النقل والإنتاج حتى تصل مائدتك خلال تساهم كذلك في زيادة الانبعاثات.

اللحم البقري أم الضأن؟

جوزيف بور الباحث في جامعة أوكسفورد البريطانية وأحد المتخصصين في دراسة دورة الغذاء في المركز البحثي السويسري "أجروسكوب" أعد تحليلاً شمل بيانات عن البصمة الكربونية لأنواع البروتين المختلفة.

التحليل وضع الأبقار كذلك على رأس المتهمين من حيث كمية الانبعاثات، فكل 100 جرام من البروتين- أربع شرائح من اللحم- يتسبب فيما يعادل 49.9 كجم من غاز ثاني أكسيد الكربون.

وبحسب موقع دويتش فيليه، تبلغ الانبعاثات الناتجة عن إنتاج الكيلو جرام الواحد من اللحم البقري ما يقرب من 100 كيلوجرام من ثاني أكسيد الكربون.

أما لحم الضأن فتقتصر الانبعاثات التي يسببها على أقل من 40 كجم من ثاني أكسيد الكربون للكمية نفسها، أي أقل من نصف آثار اللحم البقري. وتبلغ كمية الميثان التي يطلقها الخروف الواحد 30 لتراً يومياً، بينما تطلق البقرة الواحدة 200 لتر، وفقا لموقع .ABC Net

الأبقار تأتي على رأس المتهمين بالتسبب في انبعاثات غازات الدفيئة فكل 100 جرام من البروتين - أربع شرائح من اللحم- يتسبب فيما يعادل 49.9 كيلوجرام من غاز ثاني أكسيد الكربون

الأمر نفسه يتكرر بالنسبة لاستهلاك المياه، فالخروف يحتاج من أربعة إلى 14 لتراً من المياه يومياً، بينما تتراوح الكميات التي تستهلكها البقرة من ثلاثة إلى 30 جالوناً، أي ما يصل إلى ما يقرب من 115 لتراً.

إناث الماشية

المفارقة أن اللحم المأخوذ من الأبقار الحلوب يتسبب في كميات أقل من غازات الدفيئة مقارنة باللحم الضأن، ويقتصر على ما يعادل 16.8 كيلوجرام من ثاني أكسيد الكربون لكل 100 جرام، بناء على الكميات التي نحصل عليها نظير الموارد التي يجري استهلاكها مثل العلف والمياه.

ذبح إناث الأبقار له أضرار جسيمة على معدلات الإنتاج واستقرار سوق الثروة الحيوانية، ويقيد ذبحها في عدد من الدول العربية بشروط صارمة.

على سبيل المثال، تمنع المملكة العربية السعودية ذبح إناث الماشية إلا بعد الحصول على تصريح من وزارة الزراعة.

أما القانون المصري فيحظر ذبح إناث المواشي غير المستوردة قبل تبديل كافة قواطعها - أي أسنانها- كما لا يجوز ذبح الإناث العشار.

الجاموس بدورها تقع في المنتصف بين النوعين، ففي تقرير لمنظمة الزراعة والأغذية "الفاو"، كانت الانبعاثات الناتجة عن الحصول على اللحم الجاموسي تقل عن أبقار التسمين، لكنها تزيد عن نظيرتها الحلوب.

المنافسة بين الأبقار والجاموس من الناحية البيئية لا تقتصر على كميات الانبعاثات فحسب، لكن عوامل أخرى تدخل في المسألة، ففي دراسة لجامعة علوم الزراعة والحيوان في جامعة ديبونيجورو الإندونيسية تبين أن كميات النيتروجين الموجودة في بول الجاموس أقل من الأبقار، وبالتالي اعتبروه أكثر صداقة للبيئة وفقا لهذا المعيار.

استهلاك الخروف من المياه يقدر ما بين أربعة إلى 14 لتراً يومياً بينما يتراوح استهلاك البقرة إلى 115 لتراً

يؤدي وصول نسب زائدة من النيتروجين إلى الغلاف الجوي إلى إنتاج عناصر ملوثة للبيئة مثل الأمونيا والأوزون، وهو ما قد يؤثر سلباً على عملية التنفس، ويزيد الرؤية الضبابية، وتؤدي زيادة نسبته في المسطحات المائية إلى نمو مفرط للطحالب، ما يؤدي إلى استهلاك الأكسجين، وحجب ضوء الشمس عن المياه.

لحم الماعز

البعض روج إلى أن لحم الماعز أكثر ملائمة للمعايير البيئية، فبصمته الكربونية أقل بكثير من لحم الأبقار، وتقتصر على 23.8 كجم من ثاني أكسيد الكربون.

وتشمل مزايا تربية الماعز أولها منع انتشار الأعشاب الضارة التي يمكن أن تتغذى عليها، فالماعز تقريباً تتغذى على أي نبات، وفقا لدراسة نقلتها مجلة نادي Sierra أقدم منظمة بيئية في الولايات المتحدة.

ولا تحتاج إلى مراعي عالية الجودة، كما أنها لا تلحق أضراراً بالتربة كما تفعل حوافر الأبقار، علاوة على انخفاض كميات الفضلات الناتجة عنها مقارنة بالمواشي الضخمة.

على الجانب الآخر، فإن متوسط نسبة الميثان التي تنطلق في الغلاف الجوي من أجل الحصول على كيلو واحد من لحم الماعز تتراوح بين 3.8 إلى 5.5 كجم، مقابل ما يصل إلى 4.2 كجم للكيلوجرام الواحد من اللحم البقر