شهدت المنتجعات السياحية خلال العشرين سنة الماضية انتشاراً واسعاً للثلج الاصطناعي وازدهاراً في سياحة التزلج، لكن هذا النمو رافقه عواقب بيئية خطيرة، فقد حذّر الباحثون البيئيون من احتواء الثلج الاصطناعي على مواد كيميائية وبكتيريا ضارة تُدمّر الغطاء النباتي، وتلوّث مصادر المياه، وتُهدّد الكائنات الحية، كما أكدت الدراسات أن تأثيره السلبي يصل إلى تقليص التنوع النباتي وتراجع التنوع البيولوجي بشكل ملحوظ.
لماذا تثير المواد المضافة في الثلج الاصطناعي قلق الباحثين؟
يحتاج الثلج الاصطناعي -وفقاً لبحث نُشر في مجلة ScienceDirect- إلى كميات هائلة من الطاقة والمياه، ما يسبب إهداراً كبيراً للموارد، لكن تكمن المشكلة الأساسية في احتواء الثلج الاصطناعي على مواد مضافة، حيث يُستخدم نوع من البكتيريا يُعرف باسم Pseudomonas syringae، وهي جرثومة ممرضة للنباتات، تُرصد هذه البكتيريا في جميع المصادر المائية بتركيزات متفاوتة، ورغم أن هذه الجرثومة تكون ميتة وغير نشطة داخل الثلج الاصطناعي، إلا أن السؤال المطروح هو: هل يمكن أن تؤثر المكونات غير النشطة والأجزاء الميتة على البيئة والكائنات الحية؟
العواقب البيئية لمنحدرات التزلج السياحية
عند الفحص العميق للتأثيرات البيئية الناتجة عن منحدرات التزلج السياحية، تبرز عواقب مثيرة للقلق تؤثر سلباً على الغطاء النباتي المرتبط بضغط الغطاء الثلجي، وتشمل هذه التأثيرات ما يلي:
تجمد التربة
يؤدي ضغط الغطاء الثلجي الناتج عن الثلج الاصطناعي إلى تسرب البرودة والرطوبة إلى الطبقات الأرضية، ما يتسبب في تجمد المياه داخل التربة وإتلاف النباتات والعمليات الجيولوجية العميقة.
تشكيل طبقات جليدية على النباتات
تتكون طبقات جليدية تعيق تبادل الغازات بين النباتات والبيئة، وتؤثر على عملية التمثيل الضوئي، حيث تمنع وصول ضوء الشمس إلى النباتات، ما يؤدي إلى موتها تدريجياً.
الأضرار الميكانيكية
تتسبب المعدات والآلات المستخدمة في تمهيد الثلج على المنحدرات في إتلاف الطبقة السطحية للتربة، ما يعرض النباتات للجفاف والتعرية.
تأخر نمو النباتات
يقلل الثلج الاصطناعي من قدرة النباتات على التكاثر والبقاء، كما يؤثر على الكائنات الحية التي تعتمد كلياً على هذه النباتات في غذائها.
كيف يؤثر الثلج الاصطناعي على البيئة الجبلية؟
لا تقتصر تداعيات الثلج الاصطناعي على البيئة المحلية فحسب، بل امتد تأثيرها السلبي إلى البيئة الجبلية أيضاً، وشملت الآثار ما يلي، نقلاً عن "Innovation Origins":
1-زيادة إدخال المياه والأيونات إلى تربة المنحدرات، ما يسبب خللاً في توازن التربة ويُغير من تركيبها النباتي.
2-استخدام مواد مضافة تحتوي على بكتيريا تزيد من فرص تجمد التربة، ما يؤثر سلباً على النباتات.
3-التأثير على نمو النباتات الجبلية، حيث أدى اختفاء بعض النباتات الأصلية إلى الحاجة لدراسة المخاطر الفعلية لهذه التغيرات.
الثلج الاصطناعي والحياة البرية
كشفت الدراسات عن الأضرار البيئية الناتجة عن منحدرات التزلج وتأثيرها على الحياة البرية، فقد وثّقت الأبحاث المعاناة التي تواجهها الطيور مثل طائر الحجل الأسود، حيث يعاني من ضغوط نفسية عالية عند اقتراب موطنه من مناطق التزلج، خاصةً مع الضجيج الناتج عن مدافع الثلج ووجود المعدات الضخمة في المنتجعات السياحية، إذ تتسبب هذه المدافع في تشويش الحيوانات وتدمير مواطنها الطبيعية، ما يزيد من معدلات نفوق الحيوانات والطيور بسبب الاصطدام بالمعدات.
ولهذا، من الضروري إيجاد طرق لتحسين إنتاج الثلج والحد من آثاره البيئية الناتجة عن استخدام المواد المضافة التي تسبب خللاً بيئياً، ما يتطلب التوجه نحو طرق أكثر استدامةً تعتمد على مياه نقية دون إضافات كيميائية، مع مراقبة استهلاك المياه والطاقة عبر تحسين كفاءة معدات التزلج؛ لضمان حماية التنوع البيولوجي والحفاظ على التوازن البيئي في المنحدرات الجبلية والمحلية.