يُعرف شهر رمضان بالأجواء الروحانية والتجمعات العائلية والاحتفالات الخاصة التي تُعطي شعوراً بالدفء والأُلفة، ومن بين العادات التقليدية الرمضانية التي يُقبل عليها الأطفال هي اللعب في الشارع بعد الإفطار بمُفرقعات التي لا تظهر إلا في رمضان، والتي تعرف في بعض المناطق بـ"البومب" و"الصواريخ"، إضافةً إلى الألعاب النارية التي تُزين السماء خلال السهرات والليالي الرمضانية، ما يضيف أجواء من البهجة والسرور.
وبالرغم مما تضيفه تلك الألعاب من بهجة إلا أنها تتسبب في الكثير من المخاطر البيئية والصحية، فأصبح من الضروري استكشاف بدائل أكثر استدامة تضمن استمرار الاحتفال بالشهر الكريم دون الإضرار بالبيئة والصحة العامة.
مخاطر صناعة الألعاب الرمضانية على البيئة
تعتمد صناعة الألعاب الرمضانية على عدة مواد مُضرة بالبيئة، حيث إن:
البمب: يُصنع من ورق ملون ومليئ بمركبات مشتعلة، وبالرغم من بساطة تصنيعه إلا أنه يضر بالبيئة بشكل كبير فإن بقايا الورق المتناثرة بعد الفرقعة تستغرق وقتاً طويلاً للتحلل، ما يزيد من النفايات العشوائية.
الصواريخ: تُصنع من مواد ورقية أو بلاستيكية وتحتوي على مسحوق احتراق، ما يجعلها مُضرة بالبيئة لأن البلاستيك المستخدم في صناعتها غير قابل للتحلل السريع، ما يجعله مصدراً لتلوث التربة والمياه عند سقوط بقاياها في الشوارع.
الألعاب النارية: تُصنع من البارود الأسود وهو خليط من 75% من نترات البوتاسيوم، 15% فحم، 10% كبريت، وتتسبب مخلفاتها الكيميائية في حدوث تلوث بيئي وزيادة المخاطر الصحية، وفقاً لموقع "Compound Interest"
تلوث الهواء
تنتج عن فرقعة الألعاب النارية عدة انبعاثات تشمل: ثاني أكسيد الكربون، وأول أكسيد الكربون، والنيتروجين، وثاني أكسيد الكبريت، كما تنتج أيضاً جسيمات دقيقة قابلة للاستنشاق يبلغ قطرها 2.5 ميكرومتر أو أقل، وتتسبب تلك الانبعاثات في زيادة درجة حرارة الهواء، والرطوبة، وارتفاع حرارة الغلاف الجوي، وانخفاض جودة الهواء، ما يؤدي إلى انخفاض الرؤية الجوية بنسبة 92%.
فوفقاً لدراسة أجراها باحثون جامعة مينيسوتا الأمريكية، ارتفع تركيز أول أكسيد الكربون بنسبة 32%، وثاني أكسيد الكربون بنسبة 17%، بينما تضاعف تركيز أكسيد النيتريك خلال احتفالات يوم الاستقلال في الولايات المتحدة بسبب عروض الألعاب النارية التي أُقيمت في مدينة مينيابوليس بولاية مينيسوتا.
تلوث التربة
ووفقًا لموقع Earth.org، تؤدي الألعاب النارية إلى تلوث التربة من خلال ترك مخلفات كيميائية وجزيئات بلاستيكية دقيقة حجمها أقل من 5 ملليمترات بعد انفجارها، كما تحتوي على معادن ثقيلة مثل الرصاص والباريوم والنحاس التي تؤثر على خصوبة التربة عند تسربها إليها، ما يعيق نمو النباتات ويضر بالكائنات الحية الدقيقة الضرورية للحفاظ على التوازن البيئي.
إضافةً إلى إنتاجها إلى أكاسيد النيتروجين وثاني أكسيد الكبريت، والتي تتفاعل مع الأكسجين والماء في الغلاف الجوي، ما يؤدي إلى هطول الأمطار الحمضية التي تؤدي إلى تغيير خصائص وتركيب التربة وتُضعف من خصوبتها.
التأثير على الحيوانات
تتساقط مخلفات معدنية ثقيلة نتيجة فرقعة الألعاب النارية مثل الألومنيوم، والباريوم، والرصاص والتي لا تتحلل بسرعة ما يجعلها متاحة كغذاء للحيوانات والتي قد تتسبب في عدة مشكلات منها: انسداد الجهاز الهضمي للحيوانات، تسمم يؤثر على الجهاز العصبي والكبد والكلى، إضافةً إلى التلوث الكيميائي قد تعاني الحيوانات الأليفة مثل القطط والكلاب من فزع شديد بسبب الأصوات العالية التي تسببها الألعاب النارية، ما قد يؤدي إلى إصابتها بنوبات ذعر أو هروبها من المنزل، وذلك وفقًا لموقع humane world for animals.
الأحياء المائية في خطر
تؤثر مخلفات الألعاب النارية سلباً على الأحياء المائية عبر تلوث المسطحات المائية بالمعادن الثقيلة مثل الرصاص والزئبق، ما يؤدي إلى تسمم الكائنات البحرية، وزيادة مستويات المواد الكيميائية السامة مثل بيركلورات البوتاسيوم، التي تعيق امتصاص اليود الضروري للنمو والتكاثر، كما تسهم الجسيمات الدقيقة الناتجة عن الاحتراق في خفض مستويات الأكسجين في الماء، كما تغير المخلفات الكيميائية درجة حموضة الماء، ما يجعلها بيئة غير مناسب للحياة البحرية، وذلك وفقًا لموقع lenntech.
أسماك نافقة- مصدر الصورة: رويترز
الأضرار الصحية للألعاب النارية
وفقًا لموقع American lung association تؤثر الألعاب النارية على جودة الهواء ما ينعكس على صحة الإنسان بشكل مباشر، فعند اشتعالها ينبعث منها جسيمات دقيقة مثل PM10 ،PM2.5 وعدة غازات أُخرى مثل ثاني أكسيد الكبريت (SO2) وثاني أكسيد النيتروجين (NO2)، والتي قد يتسبب استنشاقها في مشكلات صحية خطيرة، أبرزها:
الإصابة بأمراض تنفسية مثل الربو والتهاب الشعب الهوائية.
اضطرابات الجهاز التنفسي التي تؤدي إلى: السعال الشديد، والعطس المتكرر، وصعوبة التنفس.
تلف أنسجة الرئة بسبب تحول مركبات النيتروجين والكبريت إلى أحماض عند تفاعلها مع الهواء الجوي.
بدائل أكثر استدامة عن الألعاب النارية
ومع زيادة المخاطر الصحية والبيئية التي تتسبب فيها الألعاب النارية، بدأت رحلة البحث عن وسائل بديلة وأكثر استدامة للاحتفال، يمكن تنظيمها على نطاق واسع حسب القواعد والقوانين المعمول بها في كل دولة، وقد ظهرت عدة بدائل مبتكرة منها:
عروض الطائرات المسيّرة (الدرون)
تقوم مجموعة من الطائرات المُسيرة بعمل عروض ضوئية متحركة ثلاثية الأبعاد في السماء، كما يتم تصميم العرض وفقاً للمناسبة وطبيعة الحدث، وتعتبر تلك العروض أكثر أماناً لأنها لا تتطلب استهلاك مواد متفجرة، ولا تتسبب في أي مخلفات ضارة.
عروض الليزر
تعتمد تلك العروض على تقنية الإسقاط الضوئي لإنتاج أشكال مختلفة وفقاً لطبيعة المناسبة، ويمكن دمجها مع الموسيقى خلال الفعاليات الكبرى والمهرجانات.