جلود الثعابين.. هل تصبح الخيار الأكثر استدامة في عالم الموضة؟


مروة بدوي
الخميس 02 يناير 2025 | 11:07 صباحاً

أصبح أسبوع الموضة في لندن؛ أول حدث رئيسي في أجندة صناعة  الفاشون العالمية، يحظر استخدام جلود الأنواع "الغريبة" من الحيوانات، على غرار الثعابين والتماسيح، في عروض الأزياء اعتباراً من عام 2025.

 ويتعين على جميع المصممين المشاركين في الأسبوع الإنجليزي الالتزام بهذا الحظر، وعدم تضمين جلود الحيوانات الغريبة في مجموعاتهم المقبلة.

أسبوع الموضة في لندن (LFW)

 أحد أسابيع الموضة الأربعة الكبار بالعالم، بجانب أسابيع نيويورك وميلانو وباريس، والتي تعقد مرتين في السنة خلال شهر فبراير وشهر سبتمبر. 

ويشارك في أسبوع الموضة الإنجليزي مئات المصممين المعروفين، بجانب الحضور الإعلامي ومشاركة المؤثرين والجمهور وصناع الموضة من كل مكان، وتلعب هذه الأسابيع العالمية دوراً مؤثراً في صناعة اتجاهات وصيحات الفاشون سنوياً. 

وفي إطار عواصم الموضة "الأربع الكبرى" كانت لندن أول من طبق حظر الفراء رسمياً في ديسمبر 2023، وهي الآن أول من يحظر جلود الحيوانات الغريبة، لتعزيز الممارسات المستدامة في صناعة الأزياء.

ردود الفعل العالمية

لاقى قرار الحظر إشادة من جانب نشطاء حقوق الحيوان، الذين يرفضون استخدام هذه الجلود الطبيعية، وعلقت إيما هاكانسون، المديرة المؤسسة لجمعية العدالة للأزياء الجماعية، قائلةً: "علينا أن نحتفل بهذا التقدم المهم".

وأعرب آخرون من النشطاء عن سعادتهم بهذا الحظر، لأنه يبعث برسالة مهمة لصناعة الأزياء العالمية مفادها أن استغلال الحيوانات من أجل جلودها أمر غير أخلاقي وغير ضروري، حيث تستمر ملايين الحيوانات في المعاناة والموت من أجل الموضة، في حين أن هناك العديد من المواد المبتكرة التي يمكن اعتمادها بدلاً من جلود الطبيعية. 

الحظر يثير غضب المجتمع العلمي

وبينما كان الجميع ينتظر ترحيب المجتمع العلمي بهذا القرار؛ جاءت ردة فعل الخبراء على النقيض بشكل غير متوقع؛ حيث انتقد بعض خبراء البيئة قرار أسبوع الموضة الإنجليزي بحظر جلود الحيوانات من عروضه لعام 2025. 

ووصفوا القرار بأنه "سخيف وغير مستنير" وقد يضر بطرق حفظ وحماية العديد من الحيوانات مثل الثعابين والتماسيح وأنواع من الزواحف.

 وأدان الخبراء العلميين من الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة -إحدى الهيئات الرائدة في مجال الحفاظ على البيئة بالعالم- القرار حظر الجلود، قائلين إن جلود بعض انواع الزواحف غالباً ما تكون خيارات أكثر استدامة من الجلود والمواد الاصطناعية، وهذا الحظر لا يمكن أن يحقق الاستدامة.

وتساءل الخبير دانييل ناتوش، رئيس مجموعة المتخصصين في الثعابين بالاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة، عن أساس القرار، مشيراً إلى أمثلة من المجتمعات التي  طورت أنظمة حصاد مستدامة لجلود الحيوانات الزاحفة، التي أفادت المجتمعات والحياة البرية بشكل عام، ومنها مجموعات في بابوا غينيا الجديدة ومجتمعات تعيش على طول نهر زامبيزي.

وأوضح "ناتو" أنه بناءً على تحليل جميع دورات حياة الجلود، لا توجد مادة خام واحدة باستثناء جلد الأناناس، أكثر استدامة من جلود الأنواع "الغريبة" وخاصة جلد الثعبان، فإن افتراضية أن الفراء الصناعي والجلد الصناعي أفضل بطريقة ما من الطبيعي، هو افتراض خطأ بسبب الانبعاثات الكربونية والمواد الكيميائية المرتبطة بعملية التصنيع. 

ومن جانبها، وصفت الدكتورة ديليس رو، رئيسة مجموعة المتخصصين في الاستخدام المستدام وسبل العيش في الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة، إن قرار منظمو أسبوع الموضة في لندن بأنه "مضلل"، موضحةً: "لقد افترضوا بأن الجلود الغربية غير أخلاقية لأنها تنتمي إلى الحياة البرية".

 وتساءلت الدكتورة ديليس: "إذا كان صناع الموضة مهتمين برفاهية الحيوان عموماً، فما الفرق بين هذه الأنواع والحيوانات الأخرى التي تظهر على أغلفة مجلات الترفيه والموضة؟ بل على العكس الثعابين ليست مهددة بالانقراض"، وفقاً لحديثها.

الاستدامة الشاملة

ومن منظور الاستدامة الشاملة؛ فإن قرار الحظر قد يؤثر في أضلاع مثلث الموضة الثلاث؛ صناعة الفاشون والمستهلك والحياة البرية والمجتمعات المحلية.

وعلى سبيل المثال، نجد أن الحقائب الفاخرة المصنوعة من جلود غريبة تباع بعشرات الآلاف من الدولارات؛ يذهب جزء من هذه الأموال إلى الحفاظ على الأنواع التي صنعت منها تلك الحقائب، وإلى المجتمعات التي تعيش فيها الحيوانات، لكن الحظر قد يقوض هذه الحوافز الاقتصادية.

أما بالنسبة للمستهلك، عند شرائه حقيبة يد من جلد التمساح من إنتاج علامة فاخرة مثل هيرميس، من المستحيل أن يهملها أو يتخلص منها سريعاً أو  يرميها في مكب النفايات، ما يطيل عمر المنتج ويعزز مبدأ  الاستدامة.

لكن على العكس إذا اشترى حقيبة من جلد صناعي؛ سيستغنى عنها في أقرب فرصة سواء لتغير صيحات الموضة أو لرداءة المنتج، وكل ذلك يصب في مصلحة الموضة السريعة بينما يضر بكبرى العلامات التجارية وقطاع الموضة الفاخرة.

من وجهة نظر خبراء البيئة والحياة البرية لا يحقق هذا الحظر أي مكسب للحيوانات أو لكوكب الأرض، بل تكلفته العكسية أكبر من عوائده المستقبلية.