مكافحة الجفاف أولوية قصوى في "كوب الرياض".. 5 توصيات للخروج من الأزمة


مروة بدوي
الاربعاء 11 ديسمبر 2024 | 05:55 مساءً

تتواصل فعاليات الدورة الـ16 لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر في العاصمة السعودية الرياض، والتي تدعو إلى تكثيف الجهود الدولية لاستعادة الأراضي المتدهورة وتعزيز القدرة على مواجهة الجفاف.

وخلال كلمته في حفل الافتتاح، سلط الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إبراهيم ثياو، الضوء على قضية الجفاف، ووصفها بأنها الكارثة البيئية الأكثر انتشاراً وتدميراً، فهي تبدأ ببطء، ثم تخلف دماراً هائلاً.

وأشار "ثياو" إلى تجمع العالم في الرياض بهدف جعل "كوب 16" لحظة تاريخية؛ إذ ينتظر الجميع أن يتبنى المؤتمر قرارات جريئة تساهم في تحويل مسار كارثة الجفاف، التي أصبحت أكثر تكراراً وحدة وامتدت إلى مناطق جديدة، إذ لا توجد دولة محصنة؛ ولذا يتعين على الجميع اغتنام هذه اللحظة المحورية، من أجل بناء عالم أكثر قدرة على الصمود لمواجهة الجفاف.

أزمة المياه بالأرقام 

تتصاعد وتيرة وحِدّة موجات الجفاف حول العالم بشكل ملحوظ، حيث ارتفعت بنسبة 29% منذ بداية الألفية الثالثة، نتيجة التغيرات المناخية وسوء إدارة الأراضي، إذ يعاني حوالي ربع سكان العالم -حسب تقديرات البنك الدولي- من ندرة مائية حرجة.

وترتفع هذه النسبة إلى أكثر من 60% في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ومن المتوقع ازدياد الضغط على الموارد المائية بالمستقبل، وقد يتأثر ثلاثة من كل أربعة أشخاص حول العالم بموجات الجفاف بحلول عام 2050 ، وقد تسبب الجفاف في خسائر اقتصادية بلغت حوالي 124 مليار دولار أمريكي في جميع أنحاء العالم منذ عام 1998 إلى 2017.

وتعد المنطقة العربية من أكثر المناطق ندرة في المياه بالعالم، إذ تعاني 19 دولة من إجمالي 22 من شح المياه، ويأتي الأردن واليمن والجزائر والبحرين وليبيا وعمان وتونس وجيبوتي في مقدمة هذه الدول، وفق تقديرات أممية.

التعاون بين التحالف الدولي لمكافحة الجفاف و"كوب 16"

باعتبار المملكة المضيف لأكبر مؤتمر للأمم المتحدة بشأن الأراضي والجفاف، يعكس ذلك إحدى أولوياتها في تعزيز الالتزام بمكافحة أزمة المياه العالمية، ولذلك انضمت المملكة رسمياً إلى التحالف الدولي لمكافحة الجفاف في مايو الماضي.

التحالف الدولي لمكافحة الجفاف "IDRA" يعد أول تحالف عالمي يحشد القوى السياسية والقدرات التكنولوجية والاستثمارات المالية من أجل إعداد العالم للتصدي الى موجات الجفاف، حيث أُطلق هذا التحالف في مؤتمر المناخ "COP 27"، الذي انعقد في مدينة شرم الشيخ المصرية عام 2022؛ مع الاعتراف بأن المجتمع الدولي غير قادر على مواجهة الجفاف من دون سلامة الأراضي.

وفي الفترة التي تسبق "كوب الرياض"، عقد تحالف "IDRA " مؤتمر "Drought Resilience +10"، بمشاركة اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، والذي ضم كبار الخبراء العالميين لمناقشة سبل مكافحة الجفاف خلال العقد المقبل.

وقد نتج عن هذا المؤتمر مجموعة من التوصيات المحورية التي ستوجه مسار المفاوضات في قمة الأمم المتحدة للأراضي والجفاف المنعقدة حالياً في الرياض، من أجل اعتماد نهج استباقي لإدارة أزمة الجفاف. 

ويأمل مؤتمر "Drought Resilience +10" أن تشكل "كوب 16" بالرياض حقبةً جديدةً في مجال مقاومة الجفاف، استناداً إلى الإرشادات التي صاغها كبار الخبراء بشأن القضايا الأساسية مثل الحوكمة والتمويل وإشراك الجهات الفاعلة غير الحكومية في المفاوضات.

تشمل التوصيات الرئيسية ما يلي: 

1-الجفاف قضية تنمية وأمن بشري

الجفاف ليس مجرد مسألة بيئية، بل قضية تتعلق بالتنمية والأمن البشري، ولابد من معالجة ندرة المياه في إطار تحقيق أهداف التنمية المستدامة 

نحو 70% من المياه العذبة المتاحة في العالم توجد في مجتمعات ضعيفة وبلدان منخفضة الدخل؛ حيث تمثل فئة الشباب نحو 2.5 مليار فرد، ومن دون المياه لا يوجد غذاء ولا أي سبل للعيش، ما يؤدي إلى الجفاف إلى عدم الاستقرار والصراعات والهجرة القسرية.

2-الجفاف حدث مستمر وطويل الأمد

الجفاف ليس حدثاً محصوراً في مكان وزمان محددين، لأن آثاره الخطيرة يترتب عليها آثار متوالية؛ فهو يضاعف موجات الحر والفيضانات، والمخاطر التي تهدد الأرواح وسبل العيش؛ ما يزيد ضعف المجتمعات والاقتصادات والنظم البيئية في مواجهة موجة الجفاف التالية، ويؤدي إلى تغذية حلقة مفرغة. 

في كثير من الأحيان، يواصل العالم الحديث عن الجفاف باعتباره حالة شاذة أو كارثة أو حادثة متطرفة، لكنه أصبح حالة دائمة والوضع الطبيعي حالياً، ما يعني أنه من الضروري أن يتخذ العالم مجموعة من الإجراءات للاستعداد والتكيف مع موجات الجفاف الأكثر قسوة، والتعامل مع الجفاف قبل حدوثه مع الاعتماد على استثمارات طويلة الأجل في مواجهة الجفاف. 

3-ضرورة دعم الحلول الطبيعية والنظم البيئية الصحية 

الجفاف  ليس مجرد نقص في الأمطار، بل هو نتيجة للطريقة التي نتعامل بها مع الأرض والنظم البيئية؛ إذ يؤدي تدهور الأراضي إلى تأجيج الجفاف وتغير المناخ والعكس صحيح، ما يعني أن حماية الأراضي وإدارتها بشكل مستدام أمر أساسي لمواجهة الجفاف، وهذه رسالة يجب إيصالها إلى صناع القرار والمؤسسات المالية والمجتمعات على مستوى العالم.

استعادة الأراضي والحلول المستوحاة من الطبيعة لمعالجة المياه، قد تقدم حلولاً للجفاف والفيضانات، لكن الاستثمارات في هذه الحلول تمثل 3% فقط من حوالي 7 تريليونات دولار أمريكي تُستثمر سنوياً في أنشطة لها تأثير سلبي على الطبيعة؛ لذا يجب إعادة توجيه التدفقات المالية وإدراج النظم البيئية في خطط مكافحة الجفاف.

4-الحاجة إلى جمع بيانات عالمية حول تأثير الجفاف 

لقد شهدت أنظمة الإنذار المبكر تطوراً ملحوظاً في العقد الماضي، وتقوم المزيد من المناطق والبلدان بتسخير البيانات المناخية والفيزيائية لتوقع موجات الجفاف ومواجهتها، وتتطلب السنوات المقبلة توفير أنظمة الإنذار المبكر للجميع، ما يجعل العالم بحاجة إلى قاعدة أساسية تجمع البيانات بشأن الجفاف وتأثيره المادي والاجتماعي.

كما يتيح توافر البيانات على نطاق واسع، استخدام التقنيات التكنولوجية، ودعم حوكمة المياه لمعالجة الجفاف والفيضانات.

5-العلاقة الوثيقة بين الصحة العامة والجفاف

الجفاف يضاعف بشكل متزايد المخاطر على صحة الإنسان؛ من خلال زيادة موجات الحر، وحرائق الغابات، وتدهور الأراضي، ما يؤدي في النهاية إلى تقليل جودة الهواء ونوعية المياه وكميتها. 

يؤثر الجفاف على الصحة بشكل مباشر وغير مباشر، خاصةً على النساء والأطفال في المناطق الريفية، وكبار السن، حيث يمكن أن يؤدي إلى أمراض الجهاز التنفسي وأمراض القلب؛ ومشاكل الصحة العقلية؛ والأمراض المنقولة بالمياه، وسوء التغذية، وكل هذا يتفاقم بسبب تعطيل الخدمات الصحية والنظافة. 

 لذلك يجب تثقيف صناع القرار ومقدمي الرعاية الصحية والمجتمعات حول كيفية الحد من مخاطر الجفاف على الصحة.

يبحث مؤتمر الأطراف 16 لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، كل هذه التوصيات في جدول أعماله الممتد حتى 13 ديسمبر، بهدف وضع قضايا الحفاظ على المياه ومكافحة الجفاف على أولويات الأجندة العالمية، ومواجهة واحدة من أكثر الكوارث الطبيعية فتكاً وتكلفة في العالم.