بالطبع أنت أحد محبي طبق العدس الدافئ في الشتاء، لكن إن كانت معرفتك بهذه الحبوب الصفراء مقتصرة على الشتاء فأنت مخطئ، فهي ليس مجرد وجبة شتوية خلال الطقس البارد.
العدس الذي عرفت البشرية زراعته قبل آلاف السنين يتمتع بمزايا بيئية عديدة تعيننا على مواجهة الاحتباس الحراري الذي يهدد كوكبنا، ويغير من شكل الحياة عليه.
في الوقت الذي يدفعنا فيه التغير المناخي على تغيير النظام الغذائي الذي اعتدنا عليه، والذي يمثل البروتين الحيواني أهم ركائزه، يأتي العدس ضمن قائمة البدائل التي يبحثها العلماء لزيادة الاعتماد عليه.
ويساهم إنتاج الغذاء بما يصل إلى 30% من انبعاثات غازات الدفيئة التي تنطلق إلى الغلاف الجوي، كما أنه مسؤول عن 80% من عمليات إزالة الغابات التي يشهدها الكوكب، حسبما نقل موقع "Carbon Brief".
بروتين صديق للبيئة
الأكثر قراءة
في عام 2018، وصفت منظمة الصحة العالمية العدس بـ"البديل الجيد" للحوم، ويمكن أن يلعب دوراً رئيسياً في المستقبل الذي يشهد الاعتماد على أنظمة غذائية صحية ومستدامة.
وفقاً لتقديرات نقلها موقع "دويتشه فيله"، تبلغ البصمة الكربونية لزراعة العدس 0.9 كجم من مكافيء ثاني أكسيد الكربون لكل كيلو جرام، مقابل 60 كجم من مكافيء ثاني أكسيد الكربون لكل كيلو جرام من اللحم البقري.
لكن أهمية العدس لا تقتصر في بصمته الكربونية المنخفضة، بل في دوره كذلك في حماية البيئة، إذ ينتمي لفصيلة البقوليات التي تُخزن كميات أكبر من الكربون في التربة بفارق يبلغ 30% مقارنة بالأصناف النباتية الأخرى، وفقاً لدراسة نقلها موقع "Science Direct" عام 2022.
قدرة العدس في تعزيز حالة التربة، لدرجة تحسن إنتاجية المحاصيل الأخرى التي تُزرع فيها لاحقاً، يعود إلى قدرته على تثبيت النيتروجين فيها من خلال العُقد الجزرية، كما أنه من المحاصيل القادرة على تحمل الجفاف الذي تفاقمه التغيرات المناخية، واحتياجه إلى كميات أقل من المياه مقارنة بالعديد من النباتات.
وفقاً لآخر بيانات متاحة، هناك 7 ملايين طن متري من النيتروجين يجري تثبيته في التربة سنوياً في مختلف أنحاء العالم، بفضل حقول العدس التي تتخطى مساحتها 400 مليون فداناً.
خالي من الجلوتين
هناك ميزة أخرى شجعت العلماء على بحث إمكانية استخدام دقيق العدس في إنتاج المخبوزات والحلوى، وهي خلوه من الجلوتين، المادة التي لابد أن يتجنبها مصابي عدداً من الأمراض من بينها الداء البطني، وحساسية القمح الذي يحتاج إنتاجه إلى كميات كبيرة من الأسمدة الصناعية التي يساهم إنتاجها في زيادة انبعاثات غازات الدفيئة، وتحدث خللاً في السلاسل الغذائية للبيئات المائية عندما تصل إليها.
لكن مجموعة من الباحثين أشاروا في دراسة نقلها موقع "Current Opinion in Food Science" حول الاستعانة بدقيق العدس في إعداد الخبز، وغيره من المنتجات أشار إلى أنواع الحساسية الأخرى التي قد يسببها تناول العدس.
دقيق العدس الأخضر
وإذا ما قارنا بين دقيق العدس والشوفان- الذي يعد مستداماً نسبياً، فسترجح الكفة لصالح الأول كذلك، وهو ما قام به فريق بحثي من البرتغال وإيرلندا باستبدال كمية من دقيق الشوفان بدقيق العدس الأخضر، عند إعداد حلوى "المافن".
النتائج التي نشرتها دورية Clean Production، في أكتوبر عام 2024، تشير إلى أن دقيق العدس الأخضر تفوق على الشوفان، من حيث الأثر البيئي الناتج عن عملية الإنتاج، علاوة على مزاياه الصحية والتي شملت احتوائه على نسب أعلى من البروتين، وأوميجا 3، وكميات أقل من الدهون.