بعد اجتياح الأعاصير لسواحل أمريكا.. تغير المناخ وراء توحش العواصف


مروة بدوي
الاثنين 21 أكتوبر 2024 | 04:51 مساءً

في يوم 9 أكتوبر الجاري، اجتاح إعصار "ميلتون" سواحل فلوريدا، واشتدت قوته حتى تحول  إلى إعصار خطير من الفئة الخامسة، وتم اعتباره ثالث أقوى إعصار في تاريخ الولايات المتحدة، وكانت الولاية الامريكية ما زالت تعاني من آثار إعصار "هيلين" الذي سبقه بأسبوعين، وضرب جنوب شرق الولايات المتحدة وخاصة شمال فلوريدا في أواخر سبتمبر.

خلف إعصار ميلتون مقتل 17 شخصًا وقدرت خسائره بمليارات الدولارات بعد انقطاع الكهرباء عن ما يقرب من 2 مليون مواطن واستمرار الفيضانات في فلوريدا لبضعة أيام، أما إعصار هيلين الذي ضرب شمال فلوريدا وتسبب في فيضانات هائلة في ست ولايات أخرى، أسفر عن مقتل أكثر من 230 شخصًا وتسبب في أضرار في الممتلكات تصل قيمتها إلى 47 مليار دولار .

 وحسب تقرير "NBC News" يقول بعض سكان فلوريدا إنهم سئموا التعامل مع الأعاصير والقضايا المرتبطة بها، ووجد أحد الاستطلاعات بالولاية أن ما يقرب من 12% من سكان فلوريدا يخططون لمغادرة الولاية في العام المقبل، مما ينتج عنه أضرار اقتصادية واجتماعية.

الأعاصير وأزمة المناخ 

هذه الخسائر المادية والنفسية والمعاناة التي خلفها إعصاران خلال 13 يومًا، تقف ورائها التغيرات المناخية، التي تسببت في زيادة قوة إعصاري هيلين و ميلتون، واحتمالية تكرار حدوثهما لاحقا وغزارة هطول الأمطار المصاحبة لهما.

جاء ذلك في التقرير الصادر عن مؤسسة World Weather Attribution، وهي شبكة دولية تقيم وتقدر تأثير تغير المناخ على الأحداث المتطرفة مثل الجفاف والعواصف.

وذكر التقرير أن الاحتباس الحراري العالمي جعل احتمالية حدوث العواصف الشديدة مثل إعصار هيلين أكثر بنحو 2.5 مرة مما كانت عليه في الماضي.

ووجد التقرير أن تغير المناخ أدى إلى زيادة كمية الأمطار المصاحبة للإعصار بنسبة 10%، مما أدى إلى تدمير المدن وإغراقها، وقطع إمدادات المياه، كما أدى إلى زيادة شدة وسرعة الرياح بنحو 13 ميلاً في الساعة، أو بنسبة 11% عن المعتاد. 

وهذا ما أكدته دراسة أجرتها المؤسسة العلمية "Climate Central"، والتي أرجعت تطور العواصف إلى أعاصير خطيرة هو تغير المناخ الذي يجعل العواصف أكثر تدميراً ومشبعة بالرطوبة، وعند تطبيق ذلك على "ميلتون" وجدت الدراسة  أن ارتفاع درجة حرارة مياه خليج المكسيك غذى تطور الإعصار، وبالتالي اشتداده وزيادة سرعته.

وتفسر الدراسة أن "ميلتون" شهد تكثيفاً سريعاً للغاية بسبب ارتفاع حرارة سطح البحر في جنوب غرب خليج المكسيك، و تعرَّف ظاهرة  "التكثيف السريع" بأنها زيادة مستمرة في سرعة رياح الإعصار المداري، ونتيجة لذلك تحول "ميلتون " الى إعصار تاريخي قوي من الفئة  الخامسة مع رياح مستدامة تبلغ سرعتها 175 ميلاً في الساعة على الأقل.

ووفقاً للدراسة، بلغت درجة حرارة سطح البحر في مسار إعصار ميلتون مستويات قياسية من الاحترار، حيث تعاني المنطقة من احتمالية ارتفاع درجات الحرارة بمقدار 400-800 مرة بسبب تغير المناخ خلال الفترة الماضية.

وقالت كبيرة خبراء الأرصاد الجوية في مؤسسة "Climate Central" لصحيفة الجارديان إن احترار المحيطات الناتج عن الأنشطة البشرية يشبه الوقود أو المنشطات التي تغذي الأعاصير، وأضافت أنه إذا استمر البشر في رفع درجة حرارة المناخ، سوف تستمر ظاهرة تحول العواصف بسرعة إلى أعاصير هائلة، مما يؤدي إلى المزيد من الكوارث الخطيرة والخارجة عن السيطرة على غرار هيلين وميلتون.

الأعاصير المتتالية

وفي نفس السياق، نقلت صحيفة الغارديان عن خبراء المناخ أن الكوارث المناخية المتلاحقة او الاعاصير المتتالية مثل اعصاري هيلين وميلتون، سوف تصبح  أكثر شيوعًا مع استمرار أزمة المناخ، ومن المتوقع أن تحدث  مثل هذه الضربات المزدوجة للاعاصير مرة كل ثلاث سنوات في بعض مناطق العالم بما في ذلك ساحل خليج المكسيك 

واوضح الخبراء ان هذا النوع من الكوارث المتتالية يزيد من تعقيد الاستعدادات للاعاصير، كما يفرض ضغوطاً هائلة على الاقتصادات المحلية وأنظمة الرعاية الصحية والشبكات الاجتماعية، بالإضافة إلى الضغوط النفسية على الناس والمجتمعات

لذلك ينصح الخبراء بضرورة الاستعداد لمواجهة الكوارث المتكررة في السنوات القادمة، كما يتعين على الحكومات زيادة جهود الاستعداد الأحداث المتطرفة والاستثمار في تحسين التنبؤات، بالإضافة الى تعزيز تمويل المرونة المناخية  للحفاظ على سلامة المجتمعات في ظل أزمة المناخ المتنامية.