بالأقمار الصناعية والذكاء الاصطناعي.. العالم يكافح تسريب مواسير المياه


سلمى عرفة
السبت 24 اغسطس 2024 | 04:22 مساءً

تزداد قيمة كل قطرة مياه كلما اشتدت أزمات الجفاف التي يفاقمها التغير المناخي الذي ضرب كوكب الأرض؛ ما يجعل الترشيد والرقابة المائية أمراً لا مفر منه؛ ليس عن طريق تقليل الانبعاثات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري فحسب، بل عن طريق تحسين البنى التحتية المسؤولة عن توصيل ذلك المورد الثمين إلينا.

أزمة عالمية

في الوقت الذي يعاني نحو مليارَي شخص من سكان الأرض صعوبة تأمين مياه الشرب، تتسرَّب كميات كبيرة من المياه عبر المواسير التي تُغذِّي المنازل والمنشآت في مناطق مختلفة من العالم، منها دول عربية تعاني من توالي موجات الجفاف.

وبحسب توقعات معهد الموارد العالمية، تقع معظم مساحة العالم العربي ضمن المنطقة المُتوقَّع أن تشهد درجة مرتفعة للغاية من الإجهاد المائي بحلول عام 2050، وفقاً لسيناريو المسار المعتاد الذي قد يصل فيه متوسط زيادة درجة حرارة الأرض مقارنةً بعصر ما قبل الصناعة إلى ما يزيد عن 4 درجات.

مصدر الصورة: /Associated Pressمصدر الصورة: /Associated Press

وفقاً لتوقُّعات معهد الموارد العالمية، تقع مساحات واسعة من منطقة العالم العربي ضمن البلدان المتوقع أن تشهد درجة مرتفعة للغاية من الإجهاد المائي بحلول 2050، وفقاً لسيناريو المسار المعتاد الذي سترتفع فيه متوسط درجة الحرارة بحلول 2100 ما بين 2.8 درجة مئوية إلى ما يزيد عن 4 درجات.

تسريب أنابيب المياه

آخر بيانات متاحة حول كميات المياه التي تتسرب من المواسير، ذكرتها دراسة نشرت عام 2019، ونقلتها شبكة "دويتشه فيله"، بأن ما يزيد عن 300 مليار لتر من المياه تتسرب يومياً من خطوط الأنابيب.

أو بحساب آخر، فإن تلك الكمية الهائلة تكفي لملء ما يزيد عن مليونَي حوض استحمام كل عام.

لكنَّ هناك عدَّة تجارب ناجحة لمحاولة رصد تلك التسريبات ومواجهتها بسرعة للوصول إلى أقل ضرر ممكن.

الذكاء الاصطناعي ومواسير المياه

في المملكة المتحدة على سبيل المثال، بدأ استخدام الذكاء الاصطناعي في عدد من المناطق عبر تركيب أجهزة استشعار تحت الأرض؛ لمراقبة حجم تدفق المياه، ومُعدَّل الضغط في خطوط الأنابيب، وإرسال البيانات إلى إدارة الشركة المسؤولة.

وبمُجرَّد حدوث التسرُّب تُرسَل رسائل الإنذار، وتتحرك الفِرَق المختصة للتعامل معها، حسبما نقلت هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي".

وبحسب هيئة تنظيم خدمات المياه البريطانية "Ofwat"، فإن 20% من المياه التي تُضخ في شبكات المياه في إنجلترا وويلز تُهدَر بسبب التسريب.

إحدى الشركات التي استعانت بالذكاء الاصطناعي تُخطِّط لخفض نسبة التسريبات في المناطق التي تخدمها بفارق يزيد عن 25% حتى عام 2030.

وبمرور الوقت، يمكن لأنظمة المراقبة التي تعمل بالذكاء الاصطناعي التنبؤ بالمشاكل المستقبلية بناءً على المعلومات التي خزَّنتها، وهو ما يتيح لأصحاب المنشآت تحديد أولويات الصيانة بشكل أكثر فاعليةً.

الأقمار الصناعية

التقنية الأخرى التي يجري الاعتماد عليها لمواجهة تسريب مواسير المياه في بلدان مختلفة هي الاعتماد على الأقمار الصناعية.

وثائقي قصير أنتجته شبكة "دويتشه فيله" أورد تفاصيل تقنية متطورة تعتمد على الأقمار الصناعية، ويمكنها الكشف عن مكونات المياه التي يجري رصدها؛ فإذا كانت مياه شرب فستكون قادمة على الأرجح من تسرُّب ما.

لكن رصد نقاط التسريب وإصلاحها قد لا يمثل سوى جانب واحد فحسب من الأمر؛ فقد تنتقل المشكلة إلى نقطة أخرى من خط الأنابيب؛ بسبب اختلاف الضغط، وهو ما ينتهي إلى استنتاج هام، وهو ضرورة الاهتمام بإصلاح شبكات المياه ككل.

فكرة الاعتماد على الأقمار الصناعية وصلت كذلك إلى العالم العربي؛ فقبل عدة أشهر، أعلنت السلطات الإماراتية نجاح مشروع نفذته إمارة الشارقة لاستخدام الأقمار الصناعية في عمليات الكشف عن تسريب المياه، حسبما نقلت وكالة الأنباء الإماراتية "وام".

ونجح المشروع خلال عام 2023، في توفير كميات كبيرة من المياه اقتربت من 80 مليون جالون من المياه، بعدما نجح في مسح 400 كيلومتر من الشبكات.