اليمن نموذجاً.. الطاقة الشمسية قد تصبح سبباً لأزمة المياه وليست الحل


مروة بدوي
السبت 27 يوليو 2024 | 06:36 مساءً
الطاقة الشمسية قد تصبح سبباً لأزمة المياه وليست الحل
الطاقة الشمسية قد تصبح سبباً لأزمة المياه وليست الحل

تعتمد المنطقة العربية بشكل كبير على المياه الجوفية، التي تعد المصدر الرئيسي للمياه العذبة في أكثر من 11 دولة عربية، وفي ظل ظروف الندرة المطلقة للمياه يتم استغلال الموارد المحدودة من المياه الجوفية بمعدلات غير مستدامة، تزيد عن مستويات التغذية الطبيعية.

وتواجه موارد المياه الجوفية العربية عدة تهديدات منها الاستهلاك المفرط وخاصة الزراعي، والتلوث وتسرب مياه البحر إلى أعماق الأرض في المدن الساحلية.

ومع استمرار انخفاض المخزون الجوفي في الكثير من الدول العربية، تتوقع لجنة "الإسكوا"، التابعة لمنظمة الأمم المتحدة، أنه بحلول عام 2050 قد تكون كمية المياه الجوفية المتاحة لكل فرد بالمنطقة قد انخفضت إلى النصف مقارنة ببداية القرن الحالي.

الطاقة الشمسية قد تصبح سبباً لأزمة المياه وليست الحلالطاقة الشمسية قد تصبح سبباً لأزمة المياه وليست الحل

المياه الجوفية والطاقة النظيفة

وزادت المخاطر التي تتعرض لها المياه الجوفية بسبب تقنيات الطاقة المتجددة، التي باتت تنتشر داخل المنطقة العربية لتقليل التلوث وتقديم حل مستدام يخفف حدة آثار التغير المناخي.

لأنه من المؤسف أن توافر تكنولوجيا الطاقة الخضراء المنخفضة التكاليف، أتاح الوصول إلى الموارد الجوفية بشكل أسهل، وبالتالي فاقم الإجهاد والضغط عليها، حيث يحتاج استخراج المياه الأحفورية العميقة إلى مزيد من الطاقة، لذلك هناك علاقة طردية بينهما: إذ كلما توفرت الطاقة وجرى استخدامها بكثافة، زاد سحب الماء وبالتالي ينخفض منسوب المياه الجوفية.

الطاقة الشمسية قد تصبح سبباً لأزمة المياه وليست الحلالطاقة الشمسية قد تصبح سبباً لأزمة المياه وليست الحل

اليمن نموذجاً للأزمة

يذكر تقرير المياه والتنمية، الصادر عن لجنة "الإسكوا"، أن ضخ المياه الجوفية بالطاقة الشمسية يسرع وتيرة الأزمة المائية اليمنية.

منـذ عـام 2016 انتشرت الطاقة الشمسـية في البلاد بشكل كبير، وتمكن أكثر من نصف سكان اليمن من استخدامها، وكان لذلك آثاره الإيجابية في أكثر من مجال منها الزراعة، بعد الاستغناء عن مضخات الري التي تعتمد على الديزل، مما أدى إلى تقليل التلوث؛ لكن كان لدى هذه الطاقة النظيفة، المتاحة والمنخفضة بين عامَي

التكاليف بشدة، جانب سلبي أثر على مشكلة المياه، لأنها تسببت في زيادة الضخ والإفراط في استخراج الموارد الجوفية واحتمالية نضوبها، على عكس الديزل، الذي كان مصدر الطاقة الأساسي لضخ المياه الجوفية قبل عام 2016، مما كان يقلص عمليات استخراج المياه بسبب تكلفته العالية.

ووفقا للتقرير الأممي، عند مقارنة بيانات تخزين المياه الجوفية في اليمن، بين عاميّ 2002 و2019، لاحظ الخبراء انخفاض تخزين المياه الجوفية إلى أدنى مستوى خلال السنوات التي تلت 2016، تزامنا مع اعتماد طاقة الشمس، رغم ثبات هطول الأمطار على مدار هذه الفترة، لأن مضخات المياه العاملة بالطاقة الشمسية، يمكن أنّ تعمل طوال ساعات ضوء الشمس لتوسيع الرقعة الزراعية وتحقيق الأمن الغذائي، لكنها في نفس الوقت تهددّ مستويات المياه الجوفية بشكل خطير.

الطاقة الشمسية قد تصبح سبباً لأزمة المياه وليست الحلالطاقة الشمسية قد تصبح سبباً لأزمة المياه وليست الحل

طرق العلاج

تكمن المشكلة في صعوبة مراقبة المضخات الشمسية والتحكم بها، على عكس تلك المتصلة بشبكة الكهرباء التي يمكن التحكم فيها عبر فرض القيود على إمدادات الطاقة أو من خلال فرض رسوم معينة على الكهرباء، مما يمنع أو يقلل من الإفراط في استخراج الموارد المائية .

وتحقيقاً للتنمية المستدامة، ترى لجنة "الإسكوا" ضرورة إخضاع استخدام المضخات الشمسية للحوكمة والقوانين لتجنب السـحب المفرط، مع ضرورة توصيل الألواح الشمسية بشبكة يمكن مراقبتها والتقييم الدائم لمستويات المياه الجوفية بناء على دراسات موسعة، كما توصي اللجنة بتفادي استخدام الطاقة الشمسية لضخ المياه الجوفية في المناطق التي تعاني من ندرة المياه.

وتمثل الطاقة الخضراء وسيلة مستدامة لمواجهة التغيرات المناخية، والحد من غازات الاحتباس الحراري، ومن المتوقع أن تنتج مشروعات طاقة الشمس والرياح أكثر من ثُلث الطاقة العالمية بحلول 2030، مما يؤدي إلى انخفاض توليد الطاقة بالوقود الأحفوري وتقليل التكلفة، ويساهم في تحقيق أهداف المناخ العالمية، حسب تقرير معهد روكي ماونتن(RMI) الأمريكي.

لكن رغم كل هذه المزايا والفوائد المتوقعة، يجب إيجاد حل متكامل ومستدام للاستخدام غير المنضبط للطاقة الشمسية في ضخ المياه الجوفية، لتجنب الاستغلال المفرط وتسريع أزمة المياه، في ظل الندرة والضغط على الموارد، الذي يهدد الأمن المائي بالمنطقة العربية.