الأرشيف الجيني الطبيعي.. خيوط العنكبوت "القاتلة" تنقذ التنوع البيولوجي


مروة بدوي
الجمعة 14 يونية 2024 | 03:43 مساءً
خيوط العنكبوت تنقذ التنوع البيولوجي
خيوط العنكبوت تنقذ التنوع البيولوجي

 بهدوء الحكماء، ينسج العنكبوت خيوط بيته، أو يجوز الوصف بأنه يُهيِّئ مسرح جريمته الذي سوف يجذب الفريسة فيصطاد ويأكل، ولكن أثر الوليمة يترك كنزًا لا يقدر قيمته إلا العلماء؛ إذ تصبح أرشيفاً طبيعاً يمكن من خلاله إنقاذ التنوع البيولوجي.

دراسة أسترالية نشرتها مجلة "iScience" أشارت إلى أنه تحتوي شبكات العنكبوت على ثروة من الحمض النووي للكائنات الحية، وهي مصدر هائل للمعلومات الجينية يمكن استخدامه لتتبُّع الحيوانات المُهدَّدة بالانقراض ومراقبة النظم البيئية.

خيوط العنكبوت تنقذ التنوع البيولوجيخيوط العنكبوت تنقذ التنوع البيولوجي

تغزل العناكب شبكات حريرية لاصطياد الذباب والفرائس الصغيرة الأخرى، كما أن هذه الشبكات تلتقط الحمض النووي للكائنات من البيئة المحيطة بها؛ حيث تترك جميع الكائنات الحية وراءها أجزاء من الحمض النووي على شكل خلايا جلدية أو شعر أو سوائل جسدية، وقد جمع الباحثون هذه الشبكات العنكبوتية ونزعوا منها تلك المادة الوراثية التي تعرف بالحمض النووي داخل المختبر

وذكر المؤلف المشارك في الدراسة والباحث في جامعة كيرتن الأسترالية جوشوا نيوتن، أن هذه الشبكات التي غالباً ما يتم تجاهلها في دراسات التنوع البيولوجي، أثبتت أنها خزانات للمعلومات الجينية وطريقة مفيدة لمراقبة الحيوانات الموجودة حولنا، وقد كشفت 49 شبكة عنكبوتية تم جمعها من الغابات الأسترالية خلال فترة البحث، عن الحمض النووي لـ93 حيواناً من الأنواع الفقارية الأرضية مثل الثدييات.

خيوط العنكبوت تنقذ التنوع البيولوجيخيوط العنكبوت تنقذ التنوع البيولوجي

مراقبة الحيوانات "طبيعياً"

لقد أحدثت التقنيات التي تعتمد على استخدام الحمض النووي للكائنات تأثيراً كبيراً في مختلف مجالات البحث العلمي والحفاظ على البيئة، لكن نتائج هذه الدراسة الأسترالية تشير  إلى إمكانية هائلة لاستخدام شبكات العنكبوت كوسيلة فعالة لمراقبة الفقاريات الأرضية وأداة لتتبع التنوع البيولوجي وحماية النظم البيئية.

وتتميز طريقة الشبكات العنكبوتية أيضاً بأنها رخيصة وغير مكلفة؛ لأن الشبكات منتشرة في كل مكان، وفي العديد من البيئات الطبيعية والبشرية، وتوجد في مجموعة من الموائل الدقيقة في جميع أنحاء العالم، ويتم اختيارها بشكل طبيعي لتكون بمنزلة مصائد للبيانات الجينية، وتكفي كميات ضئيلة من الحمض النووي للتعرف على الحيوانات الموجودة في البيئة المحيطة، ورصد سلوكياتها وأساليب حياتها،كما أن الاعتماد على الشبكات العنكبوتية يتميز بالسهولة؛ لأنه لا يحتاج إلى معدات معينة لجمع عينات الحمض النووي عكس الدراسات القديمة.

وقد أشار الباحثون إلى أن أنواع وكميات الحمض النووي الذي يتم جمعه من العينات تتأثر بأنواع العناكب التي تنتمي إلى عائلات متنوعة وفصائل عدة.

أنواع العناكب

تنتشر العناكب في جميع أنحاء العالم، باستثناء القارة القطبية الجنوبية. وحسب تصنيف متحف التاريخ الطبيعي في سويسرا تم تسجيل 51930 نوعاً من العناكب تنتمي إلى 135 عائلة.

 ومن أشهر العناكب في المنطقة العربية الشبث العربي أو عنكب الجمل الذي يتميز بحجمه الكبير، ولونه المعدني، وقدرته على التكيف مع الحياة الصحراوية، وتعرف باسم عناكب الريح لقدرتها على الركض السريع، لانها سريعة جدا بالمقارنة بالعناكب الأخرى.

خيوط العنكبوتعنكب الجمل

تنتشر عناكب الجمل في صحاري الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وتنشط ليلاً لأنها تتجنب التعرض لضوء الشمس، وهي عناكب مفترسة تتغذى على الحشرات والقوارض والسحالي والطيور الصغيرة، وغير سامة للإنسان، كما يعتبر هذا العنكبوت من الحيوانات المفيدة في النظم البيئية؛ حيث يتغذى على افتراس الحشرات الضارة.

خيوط العنكبوت تنقذ التنوع البيولوجي
خيوط العنكبوت تنقذ التنوع البيولوجي
خيوط العنكبوت تنقذ التنوع البيولوجي
عنكب الجمل