محتوى الـ"ASMR".. هل يستطيع "الهامسون" تعزيز الوعي المناخي؟


سلمى عرفة
الاحد 02 يونية 2024 | 11:22 مساءً

هل صادفتك على الإنترنت مقاطع فيديو يتحدَّث مُقدِّموها بأصوات خافتة للغاية وتبدو كالهمس؟ هذه المقاطع جزء من محتوى الـ"ASMR" الذي تصاعد الإقبال على مشاهدته خلال السنوات الأخيرة، حتى وصل إلى الملايين من سكان العالم العربي، لكنه بات مطروحاً كأحد الأدوات التي يمكن استخدامها في رفع الوعي بمخاطر قضية التغيرات المناخية.

ويشير مصطلح الـ"ASMR" الذي يعني تفاعل القنوات الحسية الذاتية مع استجابة الدماغ لمجموعة من المحفزات المختلفة مثل الهمس، وحركات اليد البطيئة، وأصوات النقر على الأشياء، وتهدف إلى إشعار المتلقي بالاسترخاء، وتراجع مستوى التوتر، ومواجهة الأرق.

مصدر الصورة: AndreyPopov / Getty Imagesمصدر الصورة: AndreyPopov / Getty Images

أحد الأنواع البارزة من تلك المقاطع هو الاستعانة بمشاهد الطبيعة، والمسطحات الخضراء وأصوات الطيور، والحيوانات التي قد لا تشاهد معظمها في حياتك اليومية.

الـ"ASMR" والتغير المناخي

كل تلك الأجواء التي تدعو إلى الاسترخاء، تبدو مناقضة تماماً للحديث عن آثار التغير المناخي، وضرورة مواجهتها، لكن تجربة مختلفة نجحت في إثبات عكس ذلك.

الدراسة التي أجرتها جامعة "كيرتن" الأسترالية كشفت عن إمكانية استخدام مقاطع فيديوهات الـ"ASMR" كوسيلة فعالة في تعزيز السلوكيات الصديقة للبيئة بين الشباب الأصغر عمراً.

عينة الدراسة شملت عدداً من طلاب المدارس الثانوية ممن ينتمون إلى جيل "Z"، وهو الجيل المولود بين عامي 1997 و2012، عُرِض عليهم مقطع لفتاة في السادسة عشرة من العمر، لا تُظهِر وجهها كاملاً، وتتحدث بصوت خافت – بجانب بعض المؤثرات الصوتية الأخرى – عن الممارسات اليومية الإيجابية التي يمكننا القيام بها لمواجهة التغيرات المناخية.

وكانت آراء 65% من الطلاب الذين شاهدوا المقطع أن تلك الطريقة فعَّالة فيما يخص التواصل الإيجابي حول تغير المناخ، كما تغيَّرت آراء بعضهم ممن عبَّروا عن استيائهم من المعلومات المتعلقة بالظاهرة التي تهدد الأرض قبل مشاهدة المقطع.

تشير ديانا بوجيفا، في تصريحات نقلها موقع "Phys.org"، إلى الرسائل القاتمة التي دائماً ما تلاحق الشباب، بما في ذلك الصور المدمرة للكوارث الطبيعية، مثل حرائق الغابات، وهو ما أثار تساؤلاً حول الطريقة الأكثر تفاؤلاً للحديث عن القضية.

الـ"ASMR" والانفتاح

هناك رابط آخر يُعزِّز فكرة تضمين الرسائل البيئية في محتوى الـ"ASMR"، وهو السمات الشخصية لمن يُقبِلون على مشاهدته، التي ترتبط كذلك بالإقبال على العمل المناخي.

الدراسة التي أجرتها كوثر إدريس الباحثة في جامعة عين شمس المصرية ونشرتها المجلة العلمية للدراسات والبحوث التربوية والنوعية، حول العلاقة بين السمات الشخصية للمراهقين ومحتوى الـ"ASMR"، كشفت أن المراهقين الأكثر انفتاحاً على التجارب المختلفة هم الأكثر مشاهدةً لتلك المقاطع.

تلك السمة ترتبط كذلك بالمستوى المرتفع بالوعي البيئي والمناخي؛ فإحدى الدراسات التي نشرتها دورية "PLOS One" ذكرت ارتباط الانفتاح بالقدرة على التفكير المرن الضروري لتصوُّر الآثار الناتجة عن أزمة التغير المناخي، وكذلك تأثيره على اختيار القيام بالسلوكيات الصديقة للبيئة.

الـ"ASMR" والتوتر

رغم ذلك، لا زالت الدراسات التي تقيس تأثير التعرض لمقاطع الـ"ASMR" محدودة نسبياً؛ فبينما يتحدث العلماء عن تأثيرها في تخفيف مستويات القلق، تغيب الأبحاث التي تتحدث مباشرةً عن إمكانية استخدامها في مواجهة القلق المناخي بالتحديد، لكن أحد صناع المحتوى نشر مقطعاً باللغة الإنجليزية قال إن هدفه تخفيف هذا النوع من التوتر.

في دراسة مصغرة نشرتها المكتبة الوطنية الأمريكية للطب، راقب الباحثون نشاط أدمغة المشاركين خلال مشاهدتهم ذلك النوع من المقاطع، ورصدوا نشاطاً في المناطق التي تتحكَّم بالمشاعر. ورجَّح الباحثون أن تلك المقاطع تُساهِم في إفراز بعض الهرمونات التي تُسبِّب السعادة والاسترخاء، مثل الدوبامين، والأُكسيتوسين.

لكن دراسة لاحقة أجرتها جامعة نورثمبريا البريطانية، كشفت أن تأثير الاسترخاء هذا لا يحدث مع كافة المتعرضين لهذا النوع من المحتوى، بل إن الذين يميلون إلى سمات القلق والعُصابية هم الأكثر استفادة منها.