"التوك توك" والمناخ.. كيف يؤثر ذو العجلات الثلاثة على البيئة؟


سلمى عرفة
الاربعاء 15 مايو 2024 | 01:54 مساءً

على مدى العقدَين الماضيَين، استحوذت مركبات "التوك توك" ذات العجلات الثلاثة، على نصيب هام في سوق النقل بعدد من بلدان العالم العربي؛ إذ يمكن لتلك المركبة الصغيرة الوصول إلى الشوارع الضيقة، وعادةً ما تتراجع تكلفته مقارنةً بسيارات الأجرة.

هناك عدة روايات مختلفة تشير إلى أصل "التوك توك"، إحداها يرجع تاريخها إلى ألمانيا في ثمانينيات القرن التاسع عشر، وأخرى تشير إلى اختراعه بإيطاليا عقب الحرب العالمية الثانية، لكن المُؤكَّد أنه وصل إلى الهند للمرة الأولى في أواخر خمسينيات القرن الماضي، ثم انطلق منها إلى مناطق مختلفة في العالم.

وسيلة مُلوِّثة

من أبرز الدول التي انتشر بها الـ"توك توك" انتشاراً واسعاً كانت مصر التي وصلها في عام 2005، لكن عاماً تلو الآخر بدأت آثاره السلبية تظهر في العلن.

في دراسة نشرتها دورية "Engineering Research Journal"، لفت الباحثون إلى الكميات الكبيرة من المُلوِّثات التي تنطلق إلى الغلاف الجوي نتيجة تسيير "التوك التوك" الذي يعمل بمحرك ثنائي الأشواط لا يسمح باحتراق الوقود احتراقاً كاملاً.

هناك خطر آخَر يُهدِّد ركاب "التوك توك"، وهو كميات أكبر من ملوثات الهواء "PM 2.5"، و"PM 10" نتيجة عدم وجود نوافذ.

وفقاً لنتائج الدراسة، عندما يُستبدَل بالتوك توك بمركبات الأخرى، تتراجع نسب كميات الملوثات المختلفة، ومن بينها غاز ثاني أكسيد الكربون بنسب تصل إلى ما يزيد عن 70%.

في حديثه إلى "جرين بالعربي"، يقول الدكتور إبراهيم محمد الأستاذ في قسم هندسة النقل بكلية الهندسة جامعة بنها بمصر، والمشارك في الدراسة، إن كافة الوسائل التي تعمل بالوقود ينتج عنها مجموعة من الملوثات، مثل أول أكسيد الكربون، وثاني أكسيد الكربون، وأكاسيد الكبريتات. وبما إن آلة احتراق "التوك توك" آلة بدائية، تصبح معدلات التلوث الناتجة عنه مرتفعةً للغاية.

الخبير المصري يشير إلى أن "التوك توك" هو الوسيلة الأسوأ بيئياً، مقارنةً بكافة الوسائل الأخرى، ومن بينها السيارة الخاصة، خاصةً مع اقتصار عدد ركَّابه على عدد محدود، ومن ثم فإن متوسط حجم التلوث الناتج عن انتقال كل فرد مرتفع.

سر الإقبال

وفقاً لرأيه، هناك عدة أسباب أدت إلى انتشار "التوك توك"، من بينها كونه الوسيلة الأقل تكلفةً لمن لا يجد فرصة عمل، ويريد شراء مركبة للعمل عليها، كما أنها الوسيلة المتاحة في المناطق الشعبية ذات الشوارع الضيقة، وكذلك في المناطق الريفية التي تعاني من نقص وسائل المواصلات، مضيفاً أن "الراكب لا ينظر إلى المسألة من الناحية البيئية".

ويُتابِع قائلاً إن معدلات التلوث الناتجة عن تسيير "التوك توك" وغيره من المركبات تساهم في ظاهرة التغير المناخي.

"توك توك" صديق للبيئة

خلال السنوات الماضية، ظهرت تجارب عديدة لتحويل "التوك توك" إلى مركبة صديقة للبيئة تعمل بالطاقة الكهربائية، وهي المحاولات التي يشجعها الخبير المصري جزئياً؛ إذ ستُقلِّل نسبة الملوثات إلى أقل درجة ممكنة، لكن تبقى مشكلة العدد المحدود للركاب قائمة، ومن ثم تساهم في أزمة الازدحام المروري.

وتابع أنه "إذا تمكَّنَّا من إنتاج وسيلة مواصلات تعمل بالكهرباء، وتستوعب ما لا يقل عن 8 ركاب، نكون عالجنا المسألة في أكثر من جانب".

تحديات جديدة

وفقاً لموقع "Down to Earth"، يحوز "التوك التوك" أكثر من 80% بسوق النقل الكهربائي في الهند، لكن تلك النسبة الضخمة تُخفِي خلفها العديد من التحديات، أهمها تلك المتعلقة بتوثيق المركبات في الأوراق الرسمية.

في عام 2021، وصل عدد مركبات "التوك التوك" الكهربية التي تبيعها الأطراف غير المرخصة إلى 10 آلاف توك توك شهرياً، مقابل ما يصل إلى ألفي "توك توك" للجهات المرخصة.

الأمر لا يشمل جدلاً رسمياً فحسب، بل بيئياً كذلك؛ فالمركبات الكهربائية غير المرخصة، غالباً ما تكون رديئة الجودة، وتعتمد على بطاريات الرصاص الحامضية التي لا بد من تغييرها دورياً، ويجري التخلص منها بطرق غير آمنة بيئياً.