تتصدر الزيارات العائلية، وجلسات الأصدقاء مشهد العيد، والتي يتخللها دائماً الوجبات الخفيفة والتسالي، التي اعتدنا عليها في العالم العربي.. لكن ما هي الوجبة الأكثر ملائمة للمعايير البيئية؟
الترمس
في عام 1781، لجأ فريدريك العظيم ملك بروسيا، إلى فكرة جديدة لتحسين حالة التربة الفقيرة في مناطق بشمالي ألمانيا، التي كانت تقع مساحات واسعة منها ضمن المملكة، وهي جلب بذور إحدى النباتات القادرة على تزويد خصوبة الأرض من إيطاليا.
يشير عالم النباتات الروسي بوغوسلاف كورلوفيتش، على موقعه الإلكتروني، إلى أن النبات الذي اختاره ملك بروسيا آنذاك كان الترمس الأبيض، لكن محاولته لإدخال المحصول لم تكلل بالنجاح لأسباب مختلفة، قبل أن يجري اللجوء إلى أصناف أخرى كالترمس الأصفر والذي نجح أحد المزارعين في زراعته عام 1841م.
قبل تلك المحاولات بآلاف السنين، كانت زراعة الترمس، الذي نقبل على تناوله في العالم العربي خلال فترة العيد، قد بدأت بالفعل في منطقة حوض البحر المتوسط.
ومع تفاقم الأزمات البيئية التي يعيشها العالم، يعود الترمس إلى الأضواء بين الأوساط العلمية مجدداً باعتباره أحد أكثر الأطعمة استدامة.
يتميز الترمس بقدرته على تثبيت النيتروجين في التربة، وزيادة الخصوبة، كما ينمو وسط أنواع مختلفة من المناخ، ويحتاج كميات أقل من المياه مقارنة بالعديد من المحاصيل أبرزها الصويا، حسبما نقلت وكالة رويترز.
نسبة البروتين المرتفعة في نبات الترمس جعلته كذلك خياراً هاماً أمام شركات تصنيع اللحوم النباتية.
الحمص
الحمص كذلك يحضر بقوة خلال أيام عيد الفطر، ويتنافس مع الترمس على مزايا مشابهة، فهو يحتاج كميات قليلة نسبياً من المياه، كما يساهم في زيادة خصوبة التربة عبر تثبيت النيتروجين، وفقاً لموقع منظمة Surge، وهي منظمة غير ربحية معنية بتعزيز الإقبال على الأطعمة النباتية.
وبحسب موقع Water Footprint Calculator، يحتاج إنتاج حصة واحدة من الحمص (نحو 115 جراماً) 155 لتراً من المياه، مقابل 276 لتراً من المياه التي تحتاجها الكمية نفسها للأرز على سبيل المثال.
كما يمكن استخدام مياه طهي الحمص في إعداد "الأكوافابا" والتي تحل محل البيض في إعداد المخبوزات والحلويات، وغيرها.
وفقاً لإحصائيات Our World in Data، تبلغ البصمة الكربونية للبيض 4.5 كجم من مكافئ ثاني أكسيد الكربون/ كجم.
رقائق البطاطس
أما إذا كنت من عشاق البطاطس، فعليك أن تعرف أن الأثر البيئي لتناولها يختلف بحسب طريقة إعدادها، فالبطاطس الطازجة التي يجري تقطيعها وتحضيرها في المنزل تقل بصمتها الكربونية عن تلك المجمدة، والتي يجري شرائها نصف مقلية.
وفقاً لموقع مركز استدامة الزراعة والموارد الطبيعية التابع لجامعة ولاية واشنطن، يمكن تقليل انبعاثات غازات الدفيئة الناتجة عن تناول البطاطس النصف مقلية بنسبة 19%، إذا ما جرى طهيها في الفرن بدلاً من قليها مجدداً.
الشوكولاتة
الشوكولاتة التي تدخل في العديد من الحلوى التي نتناولها خلال أيام العيد يعود إنتاجها بأضرار على البيئة، والتي يكثر تناولها خلال العيد بما تحمله من بهجة.
ما يزيد عن 60% من الكاكاو الذي ينتجه العالم ينمو في دولتين فحسب وهما غانا وكوت ديفوار، لكنه أحد أهم أسباب إزالة الغابات في كلا الدولتين، بعدما تحولت مساحات واسعة منها إلى مزارع تهدف لمواكبة الطلب العالمي على الشوكولاتة.
بحسب إحصائيات البنك الدولي، خسرت كوت ديفوار ما يزيد عن 90% من مساحة غاباتها خلال 3 عقود، فيما خسرت غانا 65% خلال الفترة نفسها.
وعلاوة على ذلك، فزيت النخيل وحبوب الصويا التي تدخل في تصنيع منتجات الشوكولاتة ترتبط كذلك بإزالة الغابات في البرازيل وإندونيسيا، إلى جانب التأثير البيئي الناتج عن استخدام السكر واللبن.
وتلعب الغابات دوراً هاماً في مواجهة التغيرات المناخية، إذ تحتل المركز الثاني بعد المحيطات في قدرتها على تخزين الكربون، وتشكل موئلاً لـ 80% من البرمائيات على الأرض، بحسب إحصائيات الأمم المتحدة.
الفشار
أما الفشار وهو رفيق السمر أو مشاهدة الأفلام والمسلسلات خلال ليالي العيد، فهناك ما يشوب تناوله بيئياَ أيضاً.
تحتاج زراعة الذرة إلى كميات كبيرة من الأسمدة الكيميائية، والتي تساهم في تلوث البيئة، فالأبخرة المتصاعدة منها تحتوي على النيتروجين الذي يتفاعل مع الهواء، ويكون أكسيد النيتروجين وهو أحد غازات الاحتباس الحراري، بحسب موقع منظمة مجلس الدفاع عن الموارد الطبيعية "NRDC"، وهي منظمة غير ربحية معنية بالبيئة.
كما أن كميات كبيرة من تلك الأسمدة لا يستفيد منه النبات مباشرة، بل تصل إلى المسطحات المائية، ما يؤدي إلى تفاقم ظاهرة التلوث بالمغذيات والتي تؤدي إلى نمو الطحالب الضارة، وزيادة معدلات نفوق الأسماك.