إطلالة رمضان والعيد.. هكذا تنسقين عباءة تراثية أنيقة وصديقة للبيئة


مروة بدوي
الاثنين 08 ابريل 2024 | 01:04 مساءً

لا تتوقف إصدارات الموضة في أي دولة بالعالم؛ إذ تتناغم الألوان والأزياء والأقمشة لتصنع إطلالة جذابة، ومؤخراً في عالمنا العربي انتعشت الصيحات الموسمية المرتبطة بالمناسبة الدينية والتراثية، خاصة في شهر رمضان والعيدين، سواء الفطر أو الأضحى.

وعند الحديث عن أزياء المناسبات الدينية، تبقى العباءة أو القفطان هي بطل الأزياء في تلك المواسم، وتطور الأمر من مجرد عباءة واحدة إلى مجموعة من العباءات لزيارات العيد وحضور السهرات الرمضانية، ومع ترويج الفكرة تحولت إلى صيحة سنوية تدفع النساء إلى اقتناء المزيد من العباءات والقفاطين في المواسم دون حاجة حقيقية.

مشكلة الأزياء الموسمية

من الطبيعي أن تتجه النساء إلى اعتماد ملابس تتلاءم مع روح المناسبات الدينية، لكن المشكلة أن يصبح ذلك توجهاً اجتماعياً وتجارياً، وجزءاً من الطقوس السنوية التي تضاف إلى فاتورة العادات التي ترهق البيئة خلال مواسم الاحتفالات الدينية، مثل هدر الطعام والنفايات.

تتحمل صناعة الموضة الكثير من الخطايا المناخية، وتعتبر من الصناعات المتهمة بتلويث البيئة بشكل كبير؛ فهي تستهلك نحو 93 مليار متر مكعب سنوياً من المياه؛ أي ما يكفي لتلبية احتياجات 5 ملايين شخص، وفقاً لتقديرات مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية UNCTAD.

صناعة الموضة مسؤولة عن 4٪ من نفايات العالم، بجانب ما تنتجه من غازات الدفيئة واستهلاك الموارد الطبيعية والحيوانية، والاتهامات التي تواجه علامات الموضة السريعة من الممارسات غير الأخلاقية وعدم مراعاة حقوق العمال أو توفير ظروف عمل عادلة وصحية.

قيمة تراثية ولكن

ومع ظهور صيحات جديدة، وخاصة الأزياء الموسمية، التي تستغل المناسبات لزيادة النزعة الاستهلاكية في أوقات معينة، ترتفع وتيرة الأضرار البيئية الناتجة عن الموضة؛ لذلك يركز مفهوم الموضة المستدامة على الاستهلاك الواعي، والبعد عن العشوائية، والاستثمار في الملابس غير الموسمية التي يمكن تنسيقها طوال العام وليس في موسم محدد، على عكس طريقة اعتماد الكثيرات صيحة العبايات والقفطان.

من المؤكد أن الأزياء التقليدية، مثل العباءة والقفطان في العالم العربي، تمثل قيمة كبيرة وتعكس الثقافة والتراث العربي، لكن المشكلة تكمن في تحولها إلى صيحة موسمية في العديد من الدول العربية؛ حيث يعتمدها المحتفلون خلال المناسبات الدينية فقط، ويبحثون عن اقتناء أكثر من تصميم وأكثر من لون كل عام، ومع تغير الصيحات يتصدر الترند أشكال وتصاميم جديدة، فيتم الاستغناء عن القديم ويتحول إلى نفايات.

وسواء يتم اعتماد العباءات والقفطان باعتبارهما رمزاً للملابس التقليدية والتراثية أو كصيحة موسمية، علينا أن نضع نصب أعيننا أن عالم الموضة يشهد تحولاً كبيراً، وأصبحت الخيارات المستدامة ذات أهمية متزايدة. ولا يقتصر هذا الاتجاه على الملابس اليومية فقط، بل يمتد إلى الملابس التقليدية والموسمية أيضاً، وعليك أن تتبني هذه الخيارات الصديقة للبيئة إذا كنت تهتمين حقاً بمتابعة عالم الموضة وتريدين احترام البيئة.

حلول مستدامة للملابس التقليدية والموسمية:

1- اعتماد بدائل أخرى

أكبر مشاكل العباءة هي التصميم؛ لأنها قطعة واحدة غير قابلة للفصل أو التبديل؛ ما يجعل من الصعب تنسيقها بطرق مختلفة ومتنوعة وتقليل الحاجة إلى شراء قطع أخرى؛ ما يفرض اعتمادها مرات معدودة لعدم تكرار الإطلالة؛ لذلك إذا كنت تبحثين عن الاحتشام يمكنك اعتماد بدائل أخرى بعيداً عن العباءة، كالملابس الفضفاضة أو الطويلة الأنيقة التي يمكن تنسيقها خارج المواسم الدينية، مثل صيحة القميص oversize أو Matching Set او الكارديجان الطويل.

2- العباءات والقفاطين الصديقة للبيئة

إذا كنت تفضلين العباءة لأسباب تراثية أو شخصية، فعليك تطبيق مبادئ الموضة المستدامة التي تسعى إلى تقليل الضرر الذي يلحق بالبيئة، مع تقديم ملابس أنيقة وعالية الجودة من خلال عدة خيارات:

الأقمشة المستدامة

يلعب اختيار القماش دوراً حاسماً في جعل العباءات صديقة للبيئة؛ لذلك عليك اختيار مواد أكثر استدامة تتطلب موارد أقل لإنتاجها وتسبب أضراراً مناخية أقل، مثل القطن العضوي الذي تتم زراعته بدون مبيدات حشرية وأسمدة صناعية؛ ما يقلل التأثير البيئي ويعزز صحة التربة، أو الأقمشة المعاد تدويرها التي تساعد على تقليل النفايات والحفاظ على الموارد، مثل البولستر المعاد تدويره.

التصميم

تتجاوز فكرة العبايات الصديقة للبيئة مجرد اختيار الأقمشة، فهي تشمل أيضاً التصاميم المبتكرة التي تدعم الجودة والمتانة وتقلل من النفايات، وتعتمد أفكاراً بسيطة لا تتقادم مع مرور الزمن، وتبتعد عن الزخارف البراقة والتطريز الملون بشكل مبالغ فيه، كما عليك البحث عن عباءات وتصاميم تم صبغها بطرق الصباغة الصديقة للبيئة، مثل الصباغة الطبيعية، وتقنيات توفير المياه؛ لتقليل التأثير البيئي لعملية الصباغة.

وتعتبر العبايات المفتوحة تصميماً مثالياً؛ حيث تمتاز بامكانية تنسيقها مع اكثر من قطعة؛ ما يقدم إطلالات متنوعة تتلاءم مع مفاهيم الموضة المستدامة، ويمكن ارتداؤها مفتوحة أو مغلقة او مع حزام للخصر.

3- الشراء من الحرفيين المحليين

العباءات والقفاطين من الملابس التراثية في كثير من دول العربية؛ لذلك يمكنك اللجوء إلى الحرفيين المحليين للتسوق أو التفصيل؛ ما يدعم الصناعات اليدوية التقليدية ويقلل من البصمة الكربونية الناتجة عن عمليات النقل المرتبطة بالعلامات التجارية الكبرى، كما أن التصاميم المصنوعة يدوياً تضيف أصالة ولمسة فريدة إلى العبايات

4- إعادة التدوير

عليك إعادة تدوير ملابسك القديمة بشكل عام، ومنها العباءات عبر التبرع بالقطع المستعملة القابلة للارتداء، أو إعادة بيعها على منصات التواصل الاجتماعي؛ ما يقلل النفايات.

مع زيادة وعي المستهلكين بالآثار البيئية والأخلاقية لخياراتهم، فإن قرارتك الشرائية يمكنها إحداث التغيير، ومن خلال البعد عن الأزياء الموسمية أو اختيار العبايات الصديقة للبيئة، يمكنك دعم الاستدامة والممارسات الأخلاقية في عالم الموضة، وتشجيع الصناعة على اعتماد أساليب إنتاج أكثر مسؤولية.