قصة جديدة للتكيف.. الفهود تُغيِّر موعد اصطياد فريستها بفعل التغيرات المناخية


إسراء محمد
الاثنين 04 مارس 2024 | 07:11 مساءً
الفهود تُغيِّر موعد اصطياد فريستها
الفهود تُغيِّر موعد اصطياد فريستها

لم تنجُ معظم الكائنات الحية من التغيرات المناخية، حتى الحيوانات والطيور خرجت من مخبئها تبحث عن ملاذ آمن للنجاة من الطقس المتطرف الذي تسلل إلى منازلها الهشة، كما غيَّرت الطيور أنماط هجرتها؛ ما أثر سلباً على التكاثر، وحتى الحيوانات ظهرت عليها بعض السلوكيات غير المعتادة.

يعتقد البعض أن البشرية هي المتأثر الوحيد من الموجات الحارة، ولكن إذا أنصتَّ جيداً، فربما ستسمع معاناة الحيوانات بوضوح، وهذا ما أكدته دراسة حديثة تلقي الضوء على تغير حياة الفهود، فهي من الحيوانات المهددة بالانقراض، وتحاول الكثير من الدول المساعدة في زيادة تكاثرها، ومع مجيء التغيرات المناخية، قررت الفهود البحث عن حلول سريعة للتعامل معها من خلال تغيير موعد اصطياد الفرائس، وفقاً لمجلة "Proceedings of the Royal Society B".

شيفت مسائي

قالت بريانا أبرامز عالمة الأحياء بجامعة واشنطن، والمؤلفة المشاركة في الدراسة: "يمكن أن يؤثر تغير درجات الحرارة على أنماط سلوك الأنواع الكبيرة من الحيوانات الآكلة اللحوم، وكذلك على الديناميكيات بين الأنواع".

كما أوضح مؤلفو الدراسة أنه لسوء الحظ فإن الفهود أصبحت تبحث عن طعامها في ساعات متأخرة من الليل، هرباً من ارتفاع درجات الحرارة؛ ما يجعلها تدخل في صراعات تنافسية ليلية مع الأسود والفهود الأخرى، ومن ثم تصبح أكثر عرضةً للهلاك والموت، نقلاً عن "Time".

كما أكدت نتائج الدراسة أنه عندما ترتفع درجات الحرارة اليومية القصوى إلى ما يقرب من 45 درجة مئوية، تصبح الفهود أكثر ليليةً؛ ما يزيد ساعات الصيد المتداخلة مع الحيوانات الكبيرة المنافسة مثل النمر والأسد والجاكوار والفهد بنسبة 16٪.

وعقَّب المؤلف المشارك قاسم رفيق عالم الأحياء في جامعة واشنطن وصندوق حفظ الحيوانات المفترسة غير الربحي في بوتسوانا موضحاً: "هناك فرصة أكبر لمزيد من اللقاءات غير الودية وطعام أقل للفهود".

التغير المناخي والفهود

تسكن الفهود قطاعاً واسعاً من أفريقيا، بما في ذلك مناطق شمال أفريقيا ومنطقة الساحل وشرق أفريقيا وجنوبها، وعلى مدار الخمسين عاماً الماضية، انقرضت الفهود في 13 دولة على الأقل، وهي أكثر انتشاراً في كينيا وتنزانيا في شرق إفريقيا، وناميبيا وبوتسوانا في جنوب إفريقيا.

وبالرغم من أن الفهد يعد أسرع حيوان على هذا الكوكب، فإنه لم يتبقَّ منه سوى أقل من 7500 فهد. وبناءً على ذلك، ستؤدي الصراعات والتغيرات المناخية إلى القضاء على ما تبقى منها؛ ما يُحدِث خللاً بيئياً؛ لأن الفهود تمثل قمة الحيوانات المفترسة، وعند إزالتها من النظام البيئي، فمن المتوقع أن يحدث شلل غذائي؛ ما يؤثر أيضاً على التنوع البيولوجي، نقلاً عن "Cheetah Conservation Fund".

وبصفتها حيوانات مفترسة، تتحكم الفهود في عدد أنواع الفرائس في نظامها البيئي، وتعد الفريسة الرئيسية للفهود هي الحيوانات العاشبة مثل الخروف والجمل والماعز، وبدون الفهود، تنمو هذه المجموعات؛ ما يسبب مشاكل مثل "الرعي الجائر"؛ أي أن تأكل الحيوانات كل النباتات؛ ما ينتج عنه تآكل التربة وتتحول المناطق النباتية إلى صحارى.

كما أظهرت الأبحاث أنه عندما يختفي نوع من الحيوانات، يمكن أن ترتفع الأمراض لدى كل من الحيوان والإنسان، فعلى سبيل المثال، تأكل الفهود قردة البابون، التي يوجد معظمها في إثيوبيا وجنوب المملكة العربية السعودية والصومال واليمن، وعندما تختفي يمكن أن تنتشر أمراض غير متوقعة.

الحيوانات العربية

ليست الفهود فقط هي الحيوانات التي تتأثر بالتغير المناخي، بل توجد بعض الحيوانات التي تملك شهرة عربية، وتعيش تحت وطأة التغيرات المناخية، ومنها "النمور"، وتضم عمان أكبر عدد من النمور البرية، ويعيش بعض منها في المملكة العربية السعودية واليمن.

ومن سلالات النمور الثمانية في العالم، يعد النمر العربي من أندر الأنواع، ويعتقد أن أقل من 200 من النمور البالغة تعيش في البرية، وهذا ما أوضحه أورس بريتنموسر الرئيس المشارك في الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة (IUCN).

الدكتور العماني هادي الحكماني مدير شؤون البيئة في مكتب الحفاظ على البيئة، أكد أيضاً أن عمان موطن لـ50 نمراً بالغاً تعيش في سلاسل جبال سمحان وجبل قارة وجبل قمر، وأضاف أن أكبر مجموعة تضم ما بين 20 و30 نمراُ داخل محمية جبل سمحان الطبيعية التي تبلغ مساحتها 4500 كيلومتر مربع، نقلاً عن "CNN".

ولكن هل يوجد فرق بين الفهود والنمور؟ يوجد تشابه كبير بينهما، ولكن يتميز النمر بأنه أكبر وأثقل حجماً، كما أنه له طبيعة عدوانية، ويصطاد في مجموعات ويعيش في الغابات. أما الفهود فتطاد بمفردها، وتعيش في الأراضي العشبية، كما أن الخطوط تغطي فراء النمور، بينما تغطي البقع فراء الفهود.

وعندما يتعلق الأمر بالتغير المناخي، فإنه يؤثر على النمور بعدة طرق. على سبيل المثال حذر برنامج الأمم المتحدة للبيئة من حرائق الغابات الناتجة عن ارتفاع درجات الحرارة؛ لأنها تؤدي إلى تهديد التنوع البيولوجي والنظم البيئية من جانب، كما أن الدخان الناتج عنها يعرض النمور والحيوانات البرية لخطر الاختناق.

كما تفضل النمور الكبيرة العيش حول المسطحات المائية من أجل الأمن المائي والوصول إلى الحيوانات المفترَسة، ولكن أدى تزايد حالات الجفاف إلى انتقال النمور والفهود وغيرها من الحيوانات المفترسة من مناطق الغابات إلى القرى بحثاً عن المياه، نقلاً عن "Earth Brigade Foundation".

ونظراً إلى أن ارتفاع مستويات سطح البحر يهلك الأشجار، فإنه ينتج عنه تقلص موطن النمور والتسبب في ندرة المياه العذبة؛ ما أجبر النمور على الذهاب إلى الأراضي المرتفعة مثل الجبال بحثاً عن الحيوانات المفترَسة. ويقول خبراء الحياة البرية إنه تم رصد النمور بشكل متكرر في السنوات الأخيرة على ارتفاعات عالية.

حماية عربية

وللحفاظ على النمور من الإنقراض، تعتزم منظمة دعم المجتمع اليمني SYS توفير الحماية ضد الصيد الجائر للنمر العربي، وخاصة بعدما تم إدراج النمر العربي ضمن الأنواع المهددة بالانقراض في القائمة الحمراء للاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة منذ عام 1996، ومنذ ما يقرب من عقد من الزمن، تم تصنيف النمر العربي في اليمن ضمن أكثر الأنواع الفرعية عرضة للانقراض؛ ولذلك فإن هذا المشروع سيساهم في الحد من الصيد الجائر للنمور اليمنية، وفقاً لمنظمة "GlobalGiving" غير الربحية التي تقع في الولايات المتحدة.

كما ستجري منظمة SYS دورات تدريبية وحملات توعية؛ لتشجيع الجمهور على الحفاظ على الحياة البرية. وتساهم المنظمة في تنفيذ هذا المشروع بشكل فعال؛ للحد من العوامل الرئيسية المسببة لتراجع النمور في المواقع الحالية والمحتملة. وبناءً على ذلك سيتم رفع مستوى الوعي بأهمية هذا الحيوان بين الشعب اليمني.