يضمدن جراح المرضى، ويبذلن ما في وسعهن لمساعدتهم في التعافي.. هذا هو دور الممرضات مع البشر.. ولكن ماذا عن الكوكب؟ هل يمكن أن يساهمن في علاج آثار "إصاباته الكربونية" المتكررة؟
جمعية الممرضات الأمريكية (ANA) أكدت أن الممرضات يتحملن مسؤولية مساعدة الآخرين على التكيف مع تأثيرات تغير المناخ، برفع مستوى الوعي البيئي لدى المرضى.
تثقيف المرضى
تقول الجمعية: "باعتبارهن مناصِرات لصحة وسلامة الأفراد والمجتمعات، فإن الممرضات يلعبن أدواراً حيوية في معالجة هذه القضية العالمية وعواقبها على صحة الإنسان والأرض".
يمكن للممرضات أيضاً المساعدة في رفع وعي العائلات بشأن تأثيرات الحرارة والعفن والدخان على صحتهم، والتعرف على أفضل السبل للحماية من هذه الظروف.
هولي كاربنتر (من كبار المستشارين السياسيين في الجمعية الأمريكية للممرضات) قالت لـ"Medpagetoday": "في المناطق التي تحدث فيها الأعاصير والحرائق والفيضانات، تستطيع الممرضات المشاركة في إعداد المرضى لتلك الأحداث، مثل تثقيفهم حول إخلاء منازلهم سريعاً عند التعرض لكارثة طبيعية، من خلال طرح الأسئلة الصحيحة عليهم، مثل: "إذا حدث الأسوأ، فهل لديك مكان آمن للإقامة؟ هل لديك الأدوية اللازمة؟ هل لديك أدوات صحية للطوارئ، وحقائب للتنقل، وملابس نظيفة وأحذية مناسبة؟ هل تعرف كيفية الحصول على المياه العذبة؟".
وأشارت "هولي" إلى أنه ينبغي إعطاء المرضى نسخة مطبوعة أو كتيب من إدارة الصحة المحلية أو مركز السيطرة على الأمراض، حتى يتمكنوا من الاطلاع على هذه النصائح في المنزل، بجانب الاحتفاظ بها لاستخدامها عند الحاجة، مضيفة: "الممرضات موجودات في كل مكان، سواء المدارس الابتدائية، وإدارات الصحة المحلية، والسجون. ويمكن الاستفادة من هذا الوقت وقربهن من المجتمعات المختلفة لنشر الوعي والتعليم البيئي".
تعليم الممرضات
أما بالنسبة إلى تعليم ممرضات المستقبل تداعيات تغير المناخ، فهناك عدد قليل من مدارس التمريض التي دمجت الصحة المناخية ضمن مناهجها الدراسية، ولكن إدراجها ليس على نطاق واسع، كما يواجه أعضاء هيئة التدريس تحديات في إضافة المزيد من المقررات الدراسية المناخية إلى المنهج الدراسي الحالي، الذي يركز بشكل كبير على إعداد الطلاب لامتحان ترخيص المجلس الوطني (NCLEX)، ولكن لم يتضمن الصحة المناخية.
ونظراً إلى وجود 28 مليون ممرض على مستوى العالم، فإنهم قادرون على لعب دور مهم في إزالة الكربون من قطاع الرعاية الصحية، حسبما ذكرت الوكالة الأمريكية للرعاية الصحية، خاصة أن القطاع الصحي يُنتج معدلات عالية من الكربون تمثل 5.2% من الانبعاثات الكربونية في جميع أنحاء العالم.
كيف تقلل الممرضات من الانبعاثات؟
ولكن ماذا عن المنتجات الطبية ودورها في تقليل الانبعاثات؟ بحسب موقع "Sciencedirect"، ينبغي للممرضات التعاون مع الآخرين في نظامهم الصحي للتدقيق في الأدوات والمنتجات الطبية المستخدمة. ويتطلب هذا النهج النظر في "بصمة" المنتج خلال دورة حياته بداية من التصنيع إلى التسليم والاستخدام وعند التخلص منه.
دورهن يتضمن كذلك تسليط الضوء على أدوات غرفة العمليات ذات الاستخدام الواحد أو الأدوات التي يمكن إعادة تدويرها، واستبعاد الأدوات التي لا يتم استخدامها على الإطلاق، ولكنها تظل عالقة في غرف العمليات؛ ما يساهم في تقليل انبعاثات الكربون المرتبطة بإنتاج ونقل وإهدار العناصر ذات الاستخدام الواحد، فضلاً تشجيع استخدام الموجات فوق الصوتية بدلاً من التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI) أثناء الأشعة؛ لأنها تستهلك طاقة أقل.
وبالإضافة إلى ذلك، لا بد من إلقاء نظرة على كيفية تشغيل المعدات؛ إذ تتطلب بعض الأجهزة بطاريات والبعض الآخر يعمل بشكل إلكتروني؛ لذا من المهم فحص إيجابيات وسلبيات كل منها بنظرة بيئية.
وأشارت هولي كاربنتر إلى أن أفضل الممارسات التي يمكن أن تساهم من خلالها الممرضات في إزالة الكربون من الرعاية الصحية هو الترشح للمناصب، أو العمل في مناصب قيادية، لكن بالنسبة إلى الذين ليسوا مستعدين تماماً لهذه الخطوة، فإن هناك خيارات أخرى، بحسب كبيرة المستشارين السياسيين في الجمعية الأمريكية للممرضات، وهو العمل رئيساً مشاركاً للجنة "الخضراء".
وسلطت "هولي" الضوء على الممرض دانييل سميث الحاصل على دكتوراه من جامعة فيلانوفا في بنسلفانيا، ويدرس تأثيرات موجات الحرارة وغيرها من الأحداث المناخية المرتبطة بالمناخ على عمال المزارع، ويستكشف الطرق التي يمكن لهذا المجتمع من خلالها التغلب على المشكلة.
نموذج آخر سلطت "هولي" الضوء عليه، وهي جيسيكا ليكلير الحاصلة على دكتوراه وماجستير في الصحة العامة وممرضة مسجلة، من جامعة ويسكونسن ماديسون، التي تدرس تجارب العدالة المناخية بين شركات ومنظمات مجتمع الممرضات.
مبادرات التمريض البيئية
بحسب موقع "Nursingcenter"، تعمل منظمات مثل تحالف الممرضات من أجل بيئات صحية (ANHE) – وهي مجموعة وطنية تركز على العوامل البيئية التي تؤثر على صحة الإنسان – على زيادة الوعي وتوفير التعليم للممرضات؛ وذلك عبر إطلاق 3 مبادرات:
تحدي الممرضات للمناخ:
وهو برنامج لتحفيز الممرضات على التعلم والتعليم حول تغير المناخ والصحة، بالتعاون مع منظمة الرعاية الصحية.
أداة المناخ والصحة والتمريض (CHANT):
وهي دراسة استقصائية لقياس التصورات والدوافع والوعي والتعامل مع تغير المناخ كقضية صحية.
شبكة العمل والتكيف والتخفيف من آثار العمل والمنزل (WHAM):
وهي تحدد الإجراءات التي يمكن للممرضات اتباعها في العمل والمنزل لمكافحة تغير المناخ.