يواصل تغير المناخ والاحتباس الحراري التأثير على الحياة البرية والمائية عام وراء الآخر، وكانت أبرز المؤشرات الحديثة التي أشارت إلى التأثير الكارثي على البيئة هو انخفاض متوسط أعداد الحيوانات الفقارية البرية والمائية بنسبة وصلت إلى 73% خلال 50 عاماً فقط، وفقًا لأحدث تقرير أصدره الصندوق العالمي للطبيعة.
ويسلط التقرير الضوء على أن السنوات الـ5 المقبلة ستكون حاسمة لمستقبل الحياة على الأرض، إذ أكد التقرير على وجود حلول لتحويل أنظمة الحفاظ على البيئة والغذاء والطاقة والتمويل، من أجل معالجة أزمتي المناخ والطبيعة المزدوجتين.
نقطة تحول عالمية
يكشف تقرير "الكوكب الحي" الصادر عن الصندوق العالمي للطبيعة أن كوكب الأرض يقترب من نقطة تحول عالمية، نتيجة التدهور المتسارع للطبيعة وتغير المناخ.
وتشمل هذه النقاط الحرجة موت غابات الأمازون المطيرة والانقراض الجماعي للشعاب المرجانية، وهي تحولات قد تُحدث موجات صادمة تتجاوز حدود المناطق المتأثرة مباشرة، مما يُهدد الأمن الغذائي وسبل العيش في مختلف أنحاء العالم.
انخفاض أعداد الحيوانات منذ عام 1970
وأظهرت نتائج التقرير انخفاض في أعداد الحيوانات الفعلية، إذ تمت مراقبة التغيّر في أحجام أعداد الحيوانات الفقارية البرية والمائية، وهي الثدييات والطيور والزواحف والبرمائيات، والأسماك، منذ عام 1970، معتمداً على بيانات من 34.836 مجتمعاً حيوانياً من 5.495 نوعاً حول العالم.
ومن سنة 1970 إلى 2020، انخفض متوسط أعداد الحيوانات الفقارية البرية والمائية بنسبة 73%، بمعنى أنه إذا كان لدينا 100 طائر أو غزال في عام 1970، ففي عام 2020 أصبح متوسط أعدادهم 27 فقط.
ويشير هامش عدم اليقين الإحصائي إلى أن البيانات قد لا تعكس الرقم الحقيقي بدقة تامة، إذ يُحتمل أن تكون القيمة الفعلية أعلى أو أقل من القيمة المقدّرة بنسبة معيّنة وقليلة، كما لا يعني ذلك أن 73% من الأنواع انقرضت، ولكن يشير ذلك إلى أن حجم الجماعات "أعداد الأفراد" داخل الأنواع التي تم تتبّعها انخفض بنسبة 73%.
كما يُسجل تقرير "الكوكب الحي" أقوى انخفاض في النظم البيئية للمياه العذبة (-85٪)، تليها النظم البيئية الأرضية (-69٪)، ثم النظم البيئية البحرية (-56٪)، ويُعد فقدان الموائل وتدهورها، الناتجة أساساً عن النظام الغذائي، التهديد الأكثر شيوعاً الذي تواجهه مجموعات الحياة البرية حول العالم، يليه الاستغلال المفرط والأمراض.
المنطقة الأكثر تضرراً
ويشكل تغير المناخ تهديداً إضافياً خاصاً لمجموعات الحياة البرية في أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي، التي سجلت انخفاضاً مذهلاً بنسبة متوسطة وصلت لـ95%.
ويُمكن أن يكون انخفاض أعداد الحيوانات البرية مؤشراً مبكراً للإنذار بتزايد خطر الانقراض واحتمال فقدان النظم البيئية السليمة، فعندما تتضرر النظم البيئية، فإنها تتوقف عن توفير المنافع التي نعتمد عليها، كالهواء النقي والماء والتربة الصحية.
الطبيعة تصدر نداء استغاثة
تقول الدكتورة كيرستن شويت، المديرة العامة للصندوق العالمي للطبيعة، إنّ الطبيعة تصدر نداء استغاثة، فالأزمات المرتبطة بفقدان الطبيعة وتغير المناخ تدفع الحياة البرية والنظم البيئية إلى ما هو أبعد من حدودها، مع وجود نقاط تحول عالمية خطيرة تهدد بإتلاف أنظمة دعم الحياة على الأرض وزعزعة استقرار المجتمعات.
وأضافت أن العواقب الكارثية لفقدان بعض أنظمتنا البيئية الأكثر قيمة، مثل غابات الأمازون المطيرة والشعاب المرجانية، سيشعر بها الناس والطبيعة في جميع أنحاء العالم.